ميديابارت: تقارب يساري فرنسي بشأن العقوبات ضد إسرائيل لكن بوتيرة مختلفة  

2024-02-18

 

أضاف الموقع أن اللهجة الدبلوماسية الغربية، تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تَشددت (أ ف ب)قال موقع ”ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي، إن المطالبة بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية ضد إسرائيل، والتي كان يتبناها فقط حزب “فرنسا” الأبية اليساري الراديكالي، توحّد بشكل متزايد أحزاب اليسار الفرنسي، والتي تُجمع أيضا على حظر الأسلحة، وأيضا على اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلية.

وأضاف الموقع أن اللهجة الدبلوماسية الغربية، تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تَشددت. فبينما اقتربت الخسائر البشرية الناجمة عن التدخل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة من 30 ألف قتيل، يهدد نتنياهو بعملية واسعة النطاق في مدينة رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون شخص في ظروف مروعة.

مساء الخميس الماضي، حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن ثني نتنياهو عن مهاجمة رفح. وفي فرنسا أيضاً، رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صوته هذا الأسبوع، مشدداً لرئيس الحكومة الإسرائيلية على معارضة باريس الحازمة للهجوم على رفح. وقال ماكرون “إن الخسائر والوضع الإنساني لا يطاق، والعمليات الإسرائيلية يجب أن تتوقف”. كما اتخذت الدولتان إجراءات انتقامية ضد “المستوطنين العنيفين” في الضفة الغربية، لكنهما لم تتحركا فيما يتعلق بالجرائم والدمار في غزة. فمسألة إيجاد وسائل ملموسة لوقف المأساة المستمرة، والتي تجنبتها المستشاريات الغربية لفترة طويلة، ولكنها غائبة إلى حد كبير عن النقاش العام، أصبحت في نهاية المطاف أمراً لا مفر منه.

في فرنسا، كان زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان ليك ميلانشون، أول سياسي بارز يطالب بوضوح، في 14 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بفرض “عقوبات اقتصادية على حكومة دولة إسرائيل”.

وفي بلجيكا، دافع رئيس الحزب الاشتراكي، بول ماغنيت، عن الشيء نفسه. ويوم الأربعاء الماضي، دعا رئيسا وزراء إسبانيا وإيرلندا، المفوضيةَ الأوروبية إلى إجراء مراجعة عاجلة لمدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان بغزة. وطالبا بـ“وقف فوري لإطلاق النار لتسهيل وصول الإمدادات الإنسانية”.

ولكن ما رأي اليساريين الفرنسيين في تنوعهم؟ يتساءل “ميديابارت”، موضحاً أنه في الأسابيع الأخيرة، وبعيداً عن موقف حزب ”فرنسا الأبية”، كان من الصعب أن نرى بوضوح الموقف العام لكل حزب من أحزاب اليسار الفرنسي الأخرى التي تشكل مجموعة في الجمعية الوطنية: حزب فرنسا الأبية (LFI)، والحزب الاشتراكي (PS)، وحزب الخضر أنصار البيئة، ثم الحزب الشيوعي (PCF).

وأوضح “ميديابارت” أن جميع  البرلمانيين اليساريين الذين قابلهم، أيّدوا الإجراءات التي اتخذتها فرنسا في 13 شباط/ فبراير الجاري “ضد المستوطنين الإسرائيليين العنيفين” في الضفة الغربية، والتي ترغب باريس أيضا في أن يتم اعتمادها على المستوى الأوروبي. ورأت النائبة عن الحزب الشيوعي الفرنسي إلسا فوسيلون “أنها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح”، لكن هذه الأخيرة تأسف لأنه “كان على فرنسا أن ننتظر حتى تتخذ الولايات المتحدة عقوبات ثم تقرر الحكومة الفرنسية اتخاذ إجراء مماثل”.

يشير جميع المسؤولين المنتخبين اليساريين الذين سألهم “ميديابارت” إلى الطبيعة غير الكافية لهذه الأحكام. ويقول أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، ورئيس مجموعته في البرلمان، إلى أنه يمكن إضافة ”تجميد أصول” الأشخاص المستهدفين بالفعل، في فرنسا، وإذا أمكن في أوروبا.

وفي شجبهم للمشكلة البنيوية التي يفرضها الاستيطان غير القانوني، والذي يقوض أي احتمال للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يذهب برلمانيون آخرون إلى أبعد من ذلك، من خلال التشديد على ضرورة توسيع العقوبات التي يتعين فرضها، يوضح “ميديابارت”.

ووفقاً لماتيلد بانو، رئيسة المجموعة البرلمانية لحزب “فرنسا الأبية”، فإن “التغيير في المفردات على غرار الولايات المتحدة لا ينبغي أن يجعلنا ننسى أن المستوطنين المتطرفين ليسوا  فقط هم المشكلة، بل الاستيطان نفسه”. من جانبها، اعتبرت البرلمانية البيئية سابرينا الصبيحي أن “الاستيطان هو عنف في حد ذاته، سواء أخذنا أرضا ليست لنا بالقوة أو بالغياب”.

وبالنسبة لإيريك كوكريل، البرلماني عن حزب “ فرنسا الأبية” فإنه “يجب أن تتعلق العقوبات بجميع المستوطنين الذين هم جميعا في وضع غير قانوني فيما يتعلق بالقانون الدولي”. ويقول آخرون إنه ينبغي استهداف القادة الإسرائيليين أنفسهم، كما اقترحت المحامية سارة سمير، التي قدمت للتو طلبا بهذا الخصوص إلى جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للدبلوماسية الأوروبية. وهو موقف تشاطره البرلمانية الشيوعية، إلسا فوسيلون، التي اعتبرت أنه من الأكثر شجاعة “اتخاذ عقوبات ضد الحكومة الإسرائيلية” اليمينية المتطرفة “التي تشجع هذا السلوك الإجرامي والتي تصر على سياستها الاستعمارية”.

وتابع “ميديابارت” القول إنه إذا كانت الإجراءات التي اتخذتها فرنسا غير كافية، كما أشار جميع البرلمانيين الذين تم الاتصال بهم، فذلك أيضا لأنها لا تتعلق بالخسائر البشرية والدمار الذي يتراكم في قطاع غزة. فقد طالبت مانون أوبري، النائبة البرلمانية الأوروبية عن حزب “فرنسا الأبية”، من البرلمان الأوروبي تعليق الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بما في ذلك كل أشكال التعاون الأمني ​​والعسكري بين فرنسا وإسرائيل. واستجوبت ماتيلد بانو، وزيرَ الخارجية ستيفان سيجورنيه حول هذا الموضوع، وطلبت “فرض حظر على توريد الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل”.

اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

مضى “ميديابارت” إلى التوضيح أن العقوبات هي تدابير تقررها السلطات السياسية لتقييد جهة فاعلة خارجية، وأن  الطريق إلى العدالة الدولية، وهو بالضرورة أطول، تستكشفه أيضاً الأحزاب اليسارية. وفي هذا الصدد، اتخذت ثلاث مجموعات برلمانية مؤخرا مبادرة إضافية.

ويهدف الاقتراح الذي قدمته صابرينا الصبيحي وإلسا فوسيلون، والذي تم تقديمه في 18 كانون الثاني/ يناير، إلى تشجيع الحكومة الفرنسية على إحالة الوضع في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية. والغرض من ذلك، هو تحديد الجرائم المرتكبة في غزة (بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية)، والتحقيق في جرائم الحرب والجرائم المحتملة ضد الإنسانية، وطلب إصدار أوامر اعتقال دولية ضد بنيامين نتنياهو وغيره من القادة الإسرائيليين.

تؤكد النائبة البرلمانية إلسا فوسيون أنه “لا يكفي تذكير إسرائيل بشكل ضعيف بأن عليها الالتزام بالقانون، بل يجب التحرك وإجبارها على ذلك. ففي مواجهة ما يحدث في غزة، فإن الكلمات ليست كافية”. وتقول زميلتها صابرينا الصبيحي: “هذا الضبط يسمح لنا بمواصلة الضغط على الحكومة الفرنسية التي غيرت خطابها بالفعل تبعاً للحراك المواطني والسياسي”.

وأوضح“ميديابارت” أنه إذا كانت الخلافات تبقى قائمة بين اليساريين، في طريقة الحديث عن الصراع وبشأن الإجراءات التي يجب أن تتخذها فرنسا، فقد أصبحت مواقفهم أكثر تقارباً بشأن ضرورة ممارسة ضغط ملموس لإجبار الحكومة الإسرائيلية على تعديل سلوكها.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي