ماذا يحدث في غزة؟

2024-02-08

غادة السمان

أتساءل أحياناً: ماذا حدث للأماكن المذكورة في رسالة الشهيد غسان كنفاني لي من غزة؟ وهي منشورة في كتابي عن «رسائل غسان». ماذا حدث لـ «كازينو الأندلس» و«فندق قصر البحر» و«كازينو هويدي» و»فندق الأندلس»، أي هذه الأماكن التي كانت موجودة في غزة في 29ـ10ـ1966 والتي كتب لي غسان كنفاني منها رسالة؟ هل قصفتها إسرائيل وجنود الاحتلال في هجومهم على غزة لاحتلالها وتهجير أهلها؟

هل يقتل جنود الاحتلال أبناء وأحفاد الذين وصفهم غسان كنفاني بأجمل الأوصاف والأخلاق الرفيعة؟

من النيل إلى الفرات

أذكر أن غسان كنفاني كان يردد لي أن الشعار السري لإسرائيل هو: «من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل»، فهل بدأ تنفيذ هذه الخطوة بمحاولة احتلال غزة بعد تهجير أهلها؟ أليس ذلك جوهر ما يدور هذه الأيام من الهجوم الإسرائيلي على غزة وتدمير معالمها التاريخية (والمساجد القديمة) فضلاً عن تدمير بيوتها ليهاجر أهلها وتدمير مستشفياتها وغير ذلك؟

وما الذي كان سيكتبه غسان كنفاني لو سمع أن بعض البلاد العربية تكاد تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكيف يغفر ذلك وهو كان من الذين قامت إسرائيل بتهجيرهم في بداية سنوات الاحتلال؟ ألم يكن كنفاني من الذين ولدوا في فلسطين وظل فلسطينياً حتى قاع روحه، ولذا اغتالته إسرائيل في بيروت؟

لم تحن ساعتها

أقرأ أخباراً عن أشخاص نجوا من الموت بأعجوبة، وهو ما يصفه البعض عندنا بأنه «لم تحن ساعة وفاتهم». تلك المرأة المقعدة العجوز (70 سنة) التي سقطت على سكة حديدية في كرسيها المتحرك بالضبط قرب مدينة بازل في شمال سويسرا وحطم القطار كرسيها لكنها طارت عنه ولم يمسها إلا قليلاً وأصيبت بجروح طفيفة، لماذا لم تمت ولم يدهسها القطار الذي حطم كرسيها؟ ربما لأنه لم «تحن ساعتها» ولم يأتِ دورها لتموت رغم خطورة ما مرت به، وقضت المشيئة الإلهية بأن تظل حية وتنجو ويتحطم كرسيها فقط.

الصياد والبحر

وهذا شخص آخر لم تحن ساعته، واستطاع النجاة من الموت بما يشبه «المعجزة» بعدما كان على وشك ذلك. ولكنه استطاع النجاة من الموت بعدما تاه 24 ساعة في المحيط وأنقذه انعكاس الضوء على زجاج ساعته، فجاء من أنقذه حتى من سمكة قرش قال إنه جاءت تشمه ولم تلتهمه.

أياً كان ما يقوله قد نصدقه أولا؟، ولكن ثمة حقيقة وهي أنه بقي 24 ساعة في المحيط عاجزاً عن العودة إلى قاربه. والذين أنقذوه قالوا إن بقاء هذا الصياد على قيد الحياة «معجزة». وأنا أقول إنه لم تحن ساعته.

هكذا ببساطة!

يحاولون النجاة من الحياة!

المغنية الفرنسية فرنسواز هاردي التي كانت جميلة في شبابها وما زالت مشهورة، تطالب بأن تنحاز فرنسا إلى حرية الموت الرحيم؛ أي أن يستطيع المصاب بمرض قاتل كالسرطان النجاة من أوجاعه اليومية بسبب المرض، بحيث يتولى الأطباء منحه إبرة قاتلة دونما ألم، وطلبت ذلك من رئيس جمهورية فرنسا (في رسالة مفتوحة نشرتها الصحف) لكي لا تذهب كسواها إلى بلجيكا أو سويسرا وتحظى بالإبرة القاتلة بلا ألم، لكن ذلك مسموح في تلك البلاد بفعل القانون. وحتى الآن لم نسمع جواب رئيس جمهورية فرنسا على ندائها.

فرنسواز وجدت حليفة

ولكن زوجة الرئيس ماكرون تضامنت مع فرنسواز هاردي كما ذكرت الصحف والمجلات الفرنسية منذ ساعات من تاريخ كتابة هذه السطور.. والمعروف أن بريجيت ماكرون أكبر سناً من زوجها رئيس الجمهورية، وكانت أستاذته وكان تلميذاً لها.. فهل تستطيع اليوم أن تظل أستاذته وتضغط عليه بحيث يبدل القانون الفرنسي ويسمح «بالقتل الرحيم»؛ أي بأن يختار المريض موعد (ساعته) والموت على يد الأطباء بدلاً من المعاناة الأليمة أعواماً، ولكنه لن يشفى ولا أمل له في الشفاء.

هل تنجح بريجيت ماكرون في الضغط على زوجها رئيس الجمهورية ويتبدل القانون الفرنسي ليصير كالسويسري والبلجيكي، أم أن المرء لن يموت إلا حين (تحين ساعته)؟

وهل سيختار الانتحار هرباً من أوجاع مرض يعرف أن لا شفاء منه؟








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي