فقط لا تنسَ!!

2024-01-19

بوعلام دخيسي

فقط لا تنسَ!

واكتبْ في الوصية للذين سيكبرونَ بأن أكبرَ من سنين العمر هذا النورُ في أقصى الجراحات الكثيرةِ، واقتطِعْ مِن كل حزنٍ لحظةً حتى تُذكّرَه بما فعلوا وما لم يفعلِ الأهلُ الذين تَنكّروا.. أو أُجبِروا.. لا تنس أن تروِي الحكاية كلَّها، مِن أول العهد الذي نقضوا إلى أنْ قيّضوا للغدر قانونا وسيفا لا يُضاهى.. هكذا قالوا.. أخاف عليكَ مِن خوفٍ تُبَلغه بَنِيكَ، وأنت مَن عِشت الحكاية كلَّها، أنت الذي سافرت في كل الخرائطِ، هل ستكتب في سجلك أنَّ حتما كان هذا الجرحُ؟ أن الأرض تُرسم هكذا.. هل هكذا كلُّ الحكايةِ؟ أين طَعمُ التين والزيتون في الفمِ؟ أين كفُّك والجبينُ، وأين سَجْدَتُك التي ما زلتَ تذكرها، وتذكر كيف تطلعُ شمسُ تلك الأرضِ؟ لا تنسَ المفاتيح التي جاؤوا بها فجرا إلى المنفى، ولا تنس الذين نَسوا! كذلكَ أخبِرِ الآتين أن الأرض لا تَنسى… تُحِب ولا تُعاتبُ بعضَها… الأرضُ أرضُك كلُّها، لا تُخْفِ حبكَ.. قل لمن يأتون بعدكَ: إنها كانت لنا، ولنا ستبقى.. ليس يشقى من يُدافع عن حجارتهِ، لكنْ من يبيع الصخر بالبارودِ.. ينكُثُ حبَّهُ… قل للذين سيكبرونَ: ستكبر الأحزانُ، لا تنسوْا! ويدنو الطيرُ، لا تنسوْا! يُحَلِّق مِن قريب كي يَرُد تحيةً بالأمس ألقاها عليه شهيدُ يافا، كيف ينساها الصبيُّ وقد رأى ما أخبروهُ بعينهِ!

وبقلبه حتما سيحكي للأهالي، كيف تنسى أنتَ، هل صدَّقْتَ عُذْركَ والحدودَ؟ وهل وثِقْـتَ بغاصب لمّا أتى وبكى الجدودَ.. وقالَ: «عاشت أرضُنا» والنونُ سُمٌّ لو علمتَ.. وبسمةٌ في الوجه خُدعتُهُ، وعُدَّةُ حربهِ، وبدمعةٍ أشقى تحققَ حُلمُهُ، أو كادَ… فاصمُدْ.. كي تُحَرِّرَ.. مَنْ سيولدُ، مِن حقيقةِ كاذبٍ طَرَد الأصولَ وقال: أرضا تلك كانت دُون أهلٍ بيننا ـ نحن الذين بِلا وطنْ ـ ها قد وجَدْنا واشتريْنا.. لم يقولوا ما الثمنْ.. قالوا فقطْ: «اَللهُ يَصدُقُ وعدَهُ» والوعد لا يَدريه إلا من يُحب حقيقةً، أنتَ المُحبُّ، خَبِرْتُ روحكَ، لستُ أنكِرُ، أنت مَن رافقْتَني يومًا تُهلل بانتصارٍ، أو تُندد بالخديعةِ… لا تُراجِعْ قطُّ حبَّك والتزِمْهُ، بل علِّمْهُ صغيركَ، قل لهُ: إن السلامة حين تَفصِلُ بين حُبك والهوى… إن القضية، كالقصيدة، حين تُتعبُ مَن غوى… إن الحقيقة بين وعدكِ والفتنْ… قلْ: لن نهاجرَ يا بُنَيِّ، ولا تقلها حين يدخلُ بابَك الأغرابُ.. قلْها أوَّلًا، والجيشُ في الأقصى هناكَ، فإنَّ كلَّ الأرض أقصى عند من يُقصي الجميعَ لكي يكونَ.. وكُنْ لأنك صاحبُ الدارِ التي لمْ تعترفْ يومًا.. ولنْ..

شاعر مغربي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي