لوموند: التصريحات الإسرائيلية العدوانية تضع بلينكن على خلاف مع شركاء واشنطن العرب  

2024-01-08

 

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن (أ ف ب)تحت عنوان: “الحرب بين إسرائيل وحماس.. الخوف من امتداد الصراع إلى الشرق الأوسط”، توقفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عند الجولة الجديدة  لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى منطقة الشرق الأوسط والتي تعد الرابعة له منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي يهدف من ورائها إلى “منع توسع نطاق الصراع” إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وقالت الصحيفة إنه بينما يعاني قطاع غزة من كارثة إنسانية بعد ثلاثة أشهر من الحرب الإسرائيلية، والتي خلفت ما يقرب من 23 ألف قتيل، فإن شبح الصراع الإقليمي يلقي بظلاله على حرب غزة. ويواجه بلينكن صعوبة رسم مخرج من الأزمة وخطة لـ“اليوم التالي”.

وتتلخص الضرورة الملحة في وقف السيناريو الأسوأ بالنسبة للولايات المتحدة، وهو اشتعال كل الجبهات المفتوحة لدعم حماس من قِبَل إيران وحلفائها ضمن “محور المقاومة” لإسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى حرب إقليمية. واحتدمت المواجهة منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023 في اليمن ولبنان والعراق. وحذر بلينكن من قطر يوم الأحد، من أن الصراع في قطاع غزة “قد ينتشر بسهولة، مما يسبب المزيد من انعدام الأمن والمزيد من المعاناة”، معربا عن تصميمه على “منع الصراع من التوسع ” في الشرق الأوسط بأكمله.

وأعرب رئيس الدبلوماسية الأمريكية عن قلقه الخاص بشأن خطر التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان. وتصاعدت الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله منذ اغتيال صالح العاروري. وتنفيذاً لتهديدات زعيمه حسن نصر الله، أطلق حزب الله، صباح السبت، أكثر من ستين صاروخاً وقذيفة على قاعدة استراتيجية إسرائيلية في جبل ميرون، على بعد ثمانية كيلومترات من الحدود اللبنانية. وأكد الجيش الإسرائيلي، مساء الأحد، أن قاعدة المراقبة الجوية هذه، الملقبة بـ”عيون الدولة في الشمال” نسبة إلى راداراتها التي تستطلع الأجواء في لبنان وسوريا، تعرضت لأضرار كبيرة.

وردّت إسرائيل بضربات ضد أهداف لحزب الله على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من الحدود. وشدد أنتوني بلينكن على “أهمية أن يتمتع الإسرائيليون بالأمن في الشمال”، داعيا إلى مواجهة هذا التحدي من خلال “القنوات الدبلوماسية”.

رهان الحرب مع حزب الله

ولم يلقَ نداء وزير الخارجية الأمريكي آذانا صاغية من رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ حذر هذا الأخير يوم الأحد قائلا: “أقترح أن يتعلم حزب الله ما تعلمته حماس بالفعل في الأشهر الأخيرة.. لا يوجد إرهابي في مأمن”.

وبعد ضرب معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت، سيكون ذلك خطاً أحمر جديداً لحزب الله. وقد حسب الأخير رده يوم السبت على إعادة توازن الردع مع إسرائيل دون المجازفة بجر لبنان، الذي أصبح بلا دماء، إلى حرب شاملة. بل إن حسن نصر الله، في خطاب ألقاه يوم الجمعة، قال للمرة الأولى، إنه منفتح على تسوية سياسية مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البرية “بعد وقف العدوان على غزة”. واعتبر أن الردع الذي يمارسه الحزب ضد إسرائيل قد خلق “فرصة تاريخية” للبنان لاستعادة الأراضي التي تقع في قلب النزاع الحدودي. وهذه اليد الممدودة تغذي أمل المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين، ولو كان ضعيفاً، بالنجاح في التفاوض على طريقة عمل جديدة بين إسرائيل وحزب الله على الحدود، كما تقول “لوموند”.

وخلال زيارته لإسرائيل يوم الخميس، استمع هوكشتاين إلى مخاوف نتنياهو، الذي أصر على الحاجة إلى “تغيير جذري” على الحدود الشمالية لضمان العودة الآمنة لـ80 ألف إسرائيلي نازح. وعلى الرغم من إعرابه عن تفضيله للتسوية “الدبلوماسية”، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية هدد بالحرب في حالة الفشل، وأصر على حقيقة أنه ما يزال هناك “نافذة زمنية قصيرة” للتوصل إلى حل تفاوضي.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن المسؤولين الأمريكيين يخشون من أن يراهن نتنياهو على الحرب مع حزب الله لضمان بقائه السياسي. ويشير الكثيرون إلى مسؤوليته عن الفشل في منع هجوم 7 أكتوبر، الذي قُتل فيه ما يقرب من 1200 إسرائيلي، وأسرت حماس 240 آخرين.

فجزءٌ من من المؤسسة الإسرائيلية، توضح “لوموند”، يشجع نتنياهو على ضرب حزب الله، الذي زاد من ترسانته من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى، منذ حرب عام 2006. ومع ذلك، فإن تقريراً سرياً صادراً عن وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، يعتقد أنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تخرج منتصرة من الصراع مع حزب الله، في حين أن وسائلها أو قدراتها العسكرية منتشرة على عدة جبهات.

واشنطن على خلاف مع شركائها العرب

وتخشى إدارة بايدن من أن الانسحاب التدريجي لخمس كتائب من جنود الاحتياط الإسرائيليين من قطاع غزة، والانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، سيعطي إسرائيل مساحة أكبر للمناورة على الجبهة الشمالية. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أنهى “تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس” في شمال قطاع غزة. ومع ذلك، أوضح رئيس الأركان هرتسي هاليفي أن الجيش “سيقاتل في غزة على مدار السنة” لتحقيق أهدافه: القضاء على حماس في القطاع، وإطلاق سراح الرهائن.

وما تزال الوساطة في هذا الملف الأخير مستمرة، لكنها “معقدة” بسبب اغتيال صالح العاروري، حسبما قال رئيس الوزراء القطري لأنتوني بلينكن يوم الأحد. فالتصريحات الإسرائيلية العدوانية تضع وزير الخارجية الأمريكي على خلاف مع شركاء الولايات المتحدة العرب، توضح “لوموند”.

فقد حث  العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأحد، رئيس الدبلوماسية الأمريكية على التحرك لتنفيذ “وقف فوري لإطلاق النار”، محذرا من “التداعيات الكارثية” لاستمرار الأعمال العدائية، مثل التهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

كما أن استمرار الحرب يزيد من خطر انجرار إدارة بايدن إلى صراع إقليمي قبل أقل من عام من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني. وإذا اشتعلت الجبهات في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فلن يكون أمام واشنطن خيار سوى التدخل دفاعاً عن إسرائيل. فقواتها موجودة بالفعل على خط المواجهة في العراق وسوريا، حيث أصبحت المواجهة متوترة مع الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران، والتي نفذت نحو 140 هجوما على القواعد الأمريكية منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.

والجبهة أكثر اضطرابا في منطقة البحر الأحمر، حيث هاجم أنصار الله الحوثيون في اليمن السفن التجارية التي تستخدم مضيق باب المندب 25 مرة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2023، بحسب البنتاغون. ولم يثنهم نشر قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات تحت قيادة أمريكية في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2023، ولا التحذير الذي يشبه الإنذار الذي أرسلته إليهم 13 دولة عضو في هذا التحالف يوم الأربعاء الماضي.

فخيار توجيه ضربات موجهة ضد أهداف عسكرية للحوثيين مطروح على الطاولة، تقول “لوموند”، مضيفة أن  إدارة بايدن تستبعد ذلك أيضا حتى لا تعرّض للخطر مفاوضات السلام التي بدأتها الرياض مع الحوثيين، حيث من المقرر أن يذهب السيد بلينكن هذا الاثنين، بعد أبو ظبي. وسيختتم جولته في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر، تشير “لوموند”.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي