الغارديان: دعم إدارة بايدن لحرب غزة يفتح العيون على دور ترسانتها الضخمة في إسرائيل بالقصف العشوائي  

2023-12-27

 

عترف متحدث باسم البنتاغون أنها “تستخدم التمويل العسكرية وسلطات المبيعات لتسريع تسليم الدعم الأمني، عندما يكون ذلك ممكنا” (أ ف ب)نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا حول الترسانة الضخمة للولايات المتحدة في إسرائيل. وفي التقرير الذي أعده هاري ديفيس ومانيشا غانغولي قالا إن مكان هذه الترسانة “سري، ولكنها في مكان ما بإسرائيل، وهناك عدة مخازن تحاط بالسرية وتحتوي على أسلحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وتعود ملكيتها لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية”.

 منذ وقت طويل، تحاط هذه الترسانة بالسرية، لكنها جزء ضخم ولم يعرف في السابق، وباتت عرضة للضغط والتدقيق بسبب دعم إدارة بايدن قصف غزة. وتم بناء الترسانة أول مرة في الثمانينات من القرن الماضي كأداة لتزويد القوات الأمريكية بالسلاح حالة نشوء نزاعات في الشرق الأوسط. ومع مضي الوقت، سُمح لإسرائيل في عدد من المرات بالاستعانة بجزء من هذه الترسانة الضخمة. ويبدو أن إسرائيل تحصل على ذخائر منها بكميات كبيرة لكي تستخدمها في الحرب ضد غزة، ولكن بدون أي شفافية بشأن نقل الترسانة.

وفي مقابلات أجرتها صحيفة “الغارديان” مع عدد من المسؤولين الأمريكيين العارفين بالدعم الأمريكي إلى إسرائيل، وصفوا كيف يوفر المخزون عمليات دعم سريعة لإسرائيل، إلى جانب حماية تحركات الأسلحة الأمريكية من الرقابة  العامة وفي الكونغرس.

وقال مسؤول في البنتاغون: “من الناحية الرسمية هي أسلحة أمريكية لاستخدام الولايات  المتحدة” و”لكنها، من جهة أخرى، وفي حالات الطوارئ، من يقول إننا لن نعطيهم مفاتيح المستودعات؟”.

ومنذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أسقطت إسرائيل عشرات الآلاف من القنابل على غزة، وهي تطلب بشكل دائم كميات ضخمة من الذخائر والمعدات الأمريكية. وهناك مظاهر قلق بشأن القصف الإسرائيلي لغزة وأنه عشوائي، حيث زاد عدد الشهداء عن 20000 شخص حسب السلطات الصحية في غزة، وتواجه الولايات المتحدة أسئلة حول كميات وفئات القنابل التي تزود إسرائيل بها، والنسب التي يتم توفيرها من خلال المخزون السري الموجود. وعبّر المشرعون في واشنطن عن قلقهم من المقترحات التي قدمها البيت الأبيض لتخفيف القواعد التي وضعت على مخازن كهذه وإلغاء قيود الإنفاق على تجديدها ومنح البنتاغون حرية التصرف في عملية نقلها من الترسانة.

وقال جوش بول، الذي استقال قبل فترة من وزارة الخارجية، احتجاجا على الدعم المستمر لإسرائيل وتقديم واشنطن لها أسلحة فتاكة، إن مقترحات التغيير في وضعية المخزون هي جزء من الدفع الذي تقوم به إدارة بايدن للبحث عن طرق جديدة لتزويد إسرائيل بالسلاح. وفي وصفه للمداولات الأمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر، قال بول: “كان هناك ضغط من البيت الأبيض للقول إنه يجب علينا البحث عن سلطة قانونية يمكن أن تسمح بحصول إسرائيل على كل ما تريده من السلاح وفي أسرع وقت”.

 ولا يعرف حجم المخزون الموجود حاليا والمعروف باسم “مخزون الحرب الاحتياطي للحلفاء- إسرائيل”، مع أن البنتاغون يقدم للكونغرس وصفا تفصيليا سنويا لما يوجد في الترسانة من مخزون، حسب قول مسؤولين. وربما كان التقرير المقدم بشكل دوري سريا، إلا أن وصفا واضحا للمخزون ظهر عندما تذكر قائد سابق للجيش في مقال رأي جولة له في مخازن الأسلحة السرية هذه حيث قال: “المخزون الحالي ممتلئ بما يطلق عليها القنابل الغبية -تلك التي لا تحتوي على أنظمة توجيه متقدمة- وتضم كما قال آلاف من “القنابل الحديدية” والتي ترمى من الطائرات ويترك للجاذبية أن تعمل عملها”. وفي عام 2020، تم الكشف عن كثرة الذخائر هذه في ترسانة السلاح بتحليل قام به المعهد المؤيد لإسرائيل (المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي) والذي اشتكى من أن الترسانة أصبحت “مهملة” لأن كمية كبيرة من الذخائر هي قنابل غبية وتنقص الترسانة ذخيرة موجهة بدقة.

وفي القصف الجوي الأخير على غزة، اعتمد الجيش الإسرائيلي على الذخيرة الغبية بشكل ناقض قوله بأنه يحاول تقليل عدد الضحايا المدنيين. ولم تنف إسرائيل استخدامها للقنابل الغبية التي تعرض حياة المدنيين للخطر، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. ووضع طياروها الحربيون صورا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتظهر استخدام قنابل غبية مثل “أم أي17” والمثبتة بالطائرات. ومن الصعب تحديد عدد المرات التي استخدمت فيها قنابل “أم أي17” في غزة، ولا الطريقة التي نشرت فيها، لكن ما بين 40- 45% من الذخيرة التي استخدمتها إسرائيل لم تكن موجهة، وذلك حسب تقييم استخباراتي أمريكي نشرته أول مرة شبكة “سي أن أن”.

وقال مسؤول أمريكي بارز على معرفة بالترسانة الأمريكية في إسرائيل، إنه عندما يتعلق الأمر بالأسلحة الموجودة “نعطيهم كل ما يريدونه” مع أنه أشار إلى قنابل غبية مصنعة محليا، وعلى خلاف الذخيرة الموجهة التي تعتمد إسرائيل على شرائها من الولايات المتحدة.

وقدمت الولايات المتحدة أدوات تسمح لإسرائيل بتحويل الذخيرة غير الموجهة إلى موجهة بدقة، ونسخا أثقل بزنة 2000 رطل مثل تلك التي أسقطت على مخيمات اللاجئين في شمال غزة. ويقول المحللون إنه لا توجد شفافية بشأن الفئات والكميات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، لكن عملية نقل من الترسانة ظهرت في تشرين الأول/ أكتوبر عندما نشر موقع “أكسيوس” تقريرا عن نقل الولايات المتحدة قنابل مدفعية بحجم 155 ميلميترا، بهدف استخدامها في العملية البرية بغزة، ويتم الاحتفاظ بهذه القنابل غير الموجهة بكميات كبيرة في الترسانة الأمريكية بإسرائيل.

ويقول مارك كارلاسكو، المحقق السابق بالجريمة في الأمم المتحدة، إن قنابل المدفعية 155 ميلميترا خطيرة بشكل خاص، وأن كل قذيفة تطلق 2000 شظية قاتلة، و”تقل قدرتها على الضرب مع طول المسافة مما يزيد من احتمالات إصابة المدنيين والبنى التحتية بشظايا طائشة”. وكشف فريق التخلص من الذخائر المتفجرة التابع لشرطة غزة في الشهر الماضي، عن شظايا قذائف 155 ميلميترا بعد إزالتها من مباني في غزة. ولا يعرف إن كانت أمريكية المنشأ أو من المخزون الأمريكي في إسرائيل.

وتقول سارة هاريسون، المحامية السابقة في وزارة الدفاع الأمريكية، والمحللة حاليا في مجموعة الأزمات الدولية إن إسرائيل تقوم بصيانة وتمويل المخزون، لكن قدرتها على الوصول إليه غير محدودة. وأشارت إلى مخزون مماثل لما في إسرائيل، في كوريا الجنوبية وهو خاص ويسمح بنقل الأسلحة سريعا. ولكن “المخزون لا يعطي إسرائيل صلاحية لأخذ ما تريد ومجانا”، ويجب أن تكون هناك آلية قانونية لكل عملية نقل.

وعلق مسؤولون سابقون أن عمليات نقل الأسلحة من الترسانة تختلف عن مبيعات الأسلحة النظامية بين الولايات المتحدة ودولة أخرى، من ناحية أن المعدات تنقل من المخزون قبل أن تكتمل العملية لنقلها بالكامل. وقال جوش بول: “نقوم ببناء آلية مبيعات عسكرية وبأثر رجعي، وقد تحتاج أو لا تحتاج لإخطار الكونغرس، وهذا يعتمد على ما أخذوه من معدات”.

وأضاف بول الذي كان حتى تشرين الثاني/ أكتوبر، مسؤولا عن دائرة نقل الأسلحة الأمريكية للدول الأجنبية بوزارة الخارجية، إنه كان قلقا بشأن تسريع عملية يمكن أن تتجاوز القواعد الموجودة لدى الوزارة، و”لا توجد مراجعة لحقوق الإنسان ولا مراجعة للتوازن الإقليمي، ولا مراجعة للأسلحة التقليدية ونقلها والتي تجري في العادة” و”بالضرورة، خذوا ما تستطيعون وسنحل الأمر لاحقا”.

واعترف متحدث باسم البنتاغون أنها “تستخدم التمويل العسكرية وسلطات المبيعات لتسريع تسليم الدعم الأمني، عندما يكون ذلك ممكنا”.

وأضاف: “الاستفادة من الطرق العديدة والمصادر لتقديم الدعم الأمني لإسرائيل بما في ذلك المخزون الموجود في أمريكا وإسرائيل”.

ويرى خبراء التحكم بمبيعات السلاح، أن سرعة وشفافية عمليات النقل هذه تعقد من عملية معرفة ما نقل ومدى معرفة الكونغرس بحجم الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل. ويريد البيت الأبيض استخدام طلب التمويل التكميلي لتخفيف القواعد المتعلقة بالترسانة الأمريكية في إسرائيل، وهي خطوة يقول أعضاء في مجلس الشيوخ بقيادة إليزابيث وارن ستضر بقدرتهم على “تحديد دور الدعم الأمريكي في القتل غير المتناسب للمدنيين”.

ويقول بريان فينوكين، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الأمريكية، إن إسرائيل تمتعت بحماية حالية من الضمانات الإجرائية في شراء أسلحة وذلك بناء على شراكتها مع الولايات المتحدة، و”يجب أن يكون أي اختصار إضافي يغذي النزاع غي الشرق الأوسط  مقلقا” و”هل لعمليات نقل الأسلحة الحالية أي معنى من الناحية الإستراتيجية؟ وهل صب المزيد من الزيت على النار له معنى فيما يتعلق بمصالح الأمن القومي الأمريكية أو يسهم في السلام والاستقرار بالمنطقة؟”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي