وول ستريت جورنال: سوليفان آخر المسؤولين الأمريكيين في إسرائيل.. فهل تنجح دبلوماسية بايدن المكوكية بالضغط على نتنياهو؟  

2023-12-14

 

رفض بايدن دعوات وقف إطلاق النار، ودعم “توقفات” للإفراج عن الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة (ا ف ب)نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده أندرو روستوكيا وفيفيان سلامة، قالا فيه إن مسؤول الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان سيصل، الخميس 14ديسمبر2023، إلى إسرائيل، وسط خلافات علنية بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن مستقبل غزة بعد الحرب.

ووصفت الصحيفة الزيارة بأنها جزء من “دبلوماسية رهانات عالية”، وتأتي بعد أيام من إصدار بايدن النقد الأوضح للحكومة الإسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر. ووصف بايدن الحكومة الإسرائيلية بأنها الأكثر محافظة في تاريخ الدولة، وحذر بأنها تفقد الدعم العالمي، وبدا وكأنه غير راض عما وصفه بـ”القصف الذي لا يميز” في غزة.

وفي الوقت نفسه، يواجه بايدن ردودا سلبية في الولايات المتحدة لدعمه الحكومة الإسرائيلية، حيث يضغط الناخبون الشباب والتقدميون  والبعض في داخل إدارته للموافقة على وقف إطلاق النار. وذهب بعض القادة اليساريين إلى القول إن دعم بايدن لإسرائيل يهدد فرص إعادة انتخابه في العام المقبل.

ورفض بايدن دعوات وقف إطلاق النار، ودعم “توقفات” للإفراج عن الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ووصل الخلاف داخل الإدارة الأمريكية بشأن دعم بايدن لإسرائيل ذروته ليلة الأربعاء، عندما نظم فريق من موظفي البيت الأبيض وقفة صامتة لدعم غزة ودعوا فيها لوقف إطلاق النار. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات لإسرائيل خلال السنوات الماضية، وأيضا بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث قدمت 15000 قنبلة جوية، و57000 قذيفة مدفعية. وتوفر واشنطن الغطاء الدبلوماسي وسط الشجب الدولي لطريقة إدارة إسرائيل الحرب، خاصة استخدام الفيتو في مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، بعد الطلب بوقف فوري لإطلاق النار.

وفي يوم الأربعاء، كرر البيت الأبيض القول إن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل لم يتغير، وتأكيدات بايدن المستمرة بأن المساعدة لإسرائيل غير مشروطة، إلا الخلافات بدت بين البلدين بشأن مستقبل غزة. وتريد الإدارة الأمريكية من السلطة الفلسطينية التي تدير أجزاء من الضفة إدارة غزة، وذلك ضمن خطة أمريكية لاسئتناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ورفض نتنياهو الخطة الأمريكية، ورهن بقاءه السياسي على معارضة أي دور للسلطة الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، ومنع حل الدولتين الذي تتبناه إدارة بايدن.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: “هذه حوارات جادة جدا ونأمل أن تكون بناءة”.

وتعلق الصحيفة أن الولايات المتحدة قد تجد صعوبة في الضغط على إسرائيل. فمن ناحية، لا تضع أمريكا شروطا على تزويد إسرائيل بالسلاح، ولا كيفية استخدامه، ولم تعط إشارات على استخدام المساعدة العسكرية كورقة ضغط على تل أبيب كي تغير طريقة إدارة الحرب، ونفس الأمر ينطبق على الدعم الدبلوماسي.

ولكن المسؤولين الحكوميين لا يتجاهلون النقد من التقدميين الديقمراطيين ولا الرأي العام الأمريكي بشأن زيادة أعداد الشهداء في غزة، ويخشون من خسارة الدعم الأمريكي الغامر. وقال مسؤول أمريكي إن قادة إسرائيل عبّروا على مدى أسابيع، عن خشيتهم من إمكانية معارضة إدارة بايدن لحكومة نتنياهو علنا.

ويعترف المسؤولون الأمريكيون  في أحاديثهم الخاصة، أن الحكومة الإسرائيلية تتردد دائما في قبول النصيحة من واشنطن بشأن العدوان على غزة، خاصة تغيير الخطة العسكرية لتجنب الخسائر المدنية، وعدم تدمير البنية التحتية، والسماح بمزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، وتوقف عمليات الإفراج عن المحتجزين لدى حماس.

ولهذا السبب، تبنت إدارة بايدن ما يشبه الدبلوماسية المكوكية الأسبوعية منذ بداية الحرب، حيث أرسلت عددا من المسؤولين إلى المنطقة، وتعمل مع حكومة الحرب الإسرائيلية، وتلتقي القادة العرب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر يوم الأربعاء: “شاهدتم الحكومة الإسرائيلية وقد خرجت علنا وقالت إنها ليست جاهزة لاتخاذ هذه الخطوات، وشاهدتم أننا في بعض الأوقات تجاوزنا الخلافات”.

وأشار ميلر “تحديدا” للخلاف بشأن إقامة دولة فلسطينية، حيث قال: “ما قلناه لهم بالسر، هو أننا سنواصل الحديث معهم علنا ومع بقية الدول في المنطقة وحول العالم، بأنه لن يكون هناك سلام وأمن بدون تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.

وكمستشار للأمن القومي، فإن سوليفان لديه قدرة على تنفيذ سياسة بايدن الخارجية أكثر من وزيري الخارجية والدفاع. وخلال رحلته التي تستمر يومين، سيلتقي مع نتنياهو وحكومة الحرب ورئيس إسرائيل إسحاق هيرتسوغ، وسيتوقف في عواصم المنطقة. وهذه أول زيارة لسوليفان إلى إسرائيل منذ الحرب، وسينضم إليه السفير الأمريكي الجديد جاكوب ليو، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد.

وسيسافر وزير الدفاع لويد أوستن  إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، وسيلتقي مع قادة قطر والبحرين وإسرائيل. وقام أنتوني بلينكن وعدد من المسؤولين الأمريكين برحلات متعددة للمنطقة. وأخبر سوليفان صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الأربعاء، أنه سيضغط على إسرائيل بشأن جدولها الزمني في غزة، وسط شجب دولي وتزايد في أعداد القتلى الفلسطينيين ومخاوف مسؤول اللاجئين في الأمم المتحدة أن المنطقة الصغيرة ربما لم تعد قابلة للعيش بالنسبة للفلسطينيين.

وقال سوليفان إنه سيضغط على نتنياهو وحكومته بشأن تعليقاته الأخيرة حول البقاء طويلا في غزة بعد هزيمة حماس، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة وتعتبره احتلالا. وقال سوليفان يوم الثلاثاء: “كنا واضحين بأن إعادة احتلال غزة هي فكرة سيئة ويجب ألا تحدث”.

وتقول إسرائيل والولايات المتحدة إن حماس تختفي بين المدنيين، لكن المنظمات الدولية تتهم إسرائيل بقصف المستشفيات ومخيمات اللاجئين. وقال المسؤولون الأمريكيون إن سوليفان سيتحدث مع المسؤولين الإسرائيليين حول التقدم في المعركة، وسيطلب من إسرائيل تقليل الخسائر المدنية، وسيناقش أيضا الجهود لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة وجهود الإفراج عن المحتجزين.

وأشارت الصحيفة في تقرير آخر عن دخول المعارك في غزة مرحلة دموية ومواجهات قريبة. وفي تقرير أعدته مارغريتا ستانكاتي وكاري كيلر- لين، قالتا فيه إن الإسرائيليين والفلسطينيين أعلنوا عن خسائر فادحة وسط ضغوط على إسرائيل لإنهاء مهمة تدمير حماس.

وأعلنت إسرائيل يوم الأربعاء عن سقوط 10 جنود في الجزء الشمالي من غزة خلال معركة مع مقاتلي حماس. ومنذ بداية الحرب البرية قُتل 115 جنديا إسرائيليا وجرح 600 آخرون. وهو أكبر عدد من الجنود القتلى مقارنة مع مواجهات سابقة في غزة، مع أن الصحيفة تقول إن 20 من الجنود قُتلوا بنيران صديقة.

وقال النائب داني دانون من كتلة نتنياهو في الكنيست: “أنا قلق من إعلان النصر قبل الانتصار. نريد توضيح أهداف الحرب بالضبط وما يعني الفوز واقتلاع حماس”.

وبالمعدل، يموت في غزة كل يوم 280 فلسطينيا، بحسب وزارة الصحة. وقتل أكثر من 18600 فلسطيني منذ بداية الحرب.

وتواجه إسرائيل ضغوطا لتخفيض مستوى العمليات في غزة. وعندما سئل وزير الدفاع يوآف غالانت، يوم الأربعاء، فيما إن كانت إسرائيل تتكيف مع المطالب الأمريكية، أجاب: “لا أحد يقرر كيف نتصرف.. أعتقد أننا سنعثر على طريقة لمساعدة الأمريكيين على مساعدتنا ويريدون انتصارنا”.

وأشارت الصحيفة إلى أن سوليفان لا يريد من زيارته وقف إسرائيل عن ملاحقة حماس، “هذا يعني التحرك باتجاه مرحلة جديدة من العمليات المكثفة التي نراها اليوم”. وأشارت الصحيفة إلى الحرب الكلامية بين الرئيس بايدن ونتنياهو يوم الثلاثاء بشأن من سيدير قطاع غزة.

ورفض نتنياهو بقوة المقترح الأمريكي بعودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة القطاع. وقال في السابق، إن إسرائيل تخطط للبقاء في القطاع.

ورغم حصيلة القتل، فلا يبدو أن حماس أو إسرائيل مستعدتان للتخلي عن القتال. ووصفت حماس الخسائر الإسرائيلية الأخيرة بأنها انتصار إعلامي، وقالت” “قيادتكم الفاشلة لا تهتم بحياة الجنود، ولا خيار أمامكم إلا الانسحاب من غزة.. كلما بقيتم، كلما زادت فاتورة القتل والخسائر”.

وتقول الصحيفة إن الخسائر الإسرائيلية المتزايدة تعكس تحولا في الحرب من القصف الجوي والمدفعي إلى حرب المدن والشوارع. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري: “كلما خضنا عمليات في القطاع، كلما واجهنا المسلحين وللأسف يزيد الجرحى”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي