مقبولة عبدالحليم: القصيدة البيتية ابنة التاريخ التي لم تتأثر بالمتغيرات

2023-11-05

حوار: أشرف قاسم

ولدت الشاعرة مقبولة عبدالحليم في كفرمندا التابعة للجليل في فلسطين، لأب فلاح، تربت على محبة الأرض والوطن، تكتب الشعر والقصة القصيرة والخاطرة، صدرت لها عدة دواوين منها «لا تغادر، قصائد تبحث عن وطن، لمسات على خد الصباح، عبق الصنوبر، نشوة النخيل، لأنك فيّ» وترجمت بعض قصائدها إلى الإنكليزية، حول تجربتها مع القصيدة العمودية كان لنا معها هذا اللقاء:

الشاعرة الفلسطينية مقبولة عبد الحليم تربت على محبة الأرض والوطن، نود بداية أن نلقي الضوء على أهم ملامح نشأتك، وبداية ارتباطك بالكلمة؟

ـ ولدت لأب فلاح وجدّ عشق الأرض وزرع حبها في قلوب أولاده وأحفاده حتى أصبحت عشقهم الأبدي وموروثهم الذي حافظوا عليه من الضياع والتهويد. من خلال علاقتي مع الأرض والطبيعة وجمالها، ولدت في الروح حلاوة التحليق، فالطبيعة تعطيك الجمال، وما عليك سوى التفكر فيه، وعشقه إلى آخر مدى، ومن هناك عشقت التعبير والكتابة عما يختلج الروح من مشاعر جياشة، عاشقة للحياة والأرض وقلت يوما في هذا السياق

قال لي فلاحة أنتِ فقلتُ… نعم

فلاحة..

عَرَق الحرائر في العاءَة كالندى

عطرا يفوح على المدى يَترامى

فَيزهِّر الصبح البهي وينتشي

ثمِلا يسوح بـرقةٍ يتسامى

مُـتلهفٌ عَبق التُراب لكمِّها

والياسمين لِحبّها يتهامى

والـطـير ملهوفٌ لهـا لغنائها

لمَّا تدندن يحبس الأنساما

فلاحة والعشق يملأ روحها

وبعشقها الدافي تهيم غراما

صدر ديوانك الأول «لا تغادر» عام 2011، لماذا تأخر صدوره؟ وما أهم ما احتواه الديوان؟

«لا تغادر» كان ثمرة سنوات من الكتابة حيث إنني كنت أرجئ طباعته لأنني أعرف أنه كلمّا كانت للشاعر خبرة ودراية بالشعر وقوانينه وجمالياته كانت زبدة الكلام أجمل، والقصائد تكون أوعى وأكمل. أما ما احتواه الديوان فهي قصائد وطنية ومعظمها كانت للأقصى والمرابطين فيه وأيضا شمل قصائد اجتماعية متنوعة،

مَنْ ذا الذي يا قدسُ قدْ أبكاكِ

ومَنِ الّذي بالسّيفِ قدْ أدْماكِ

فدموعُكِ الحرّى همتْ محزونة ً

من نـارِها ثكلى على شبّـاكي

فشربتُ من عبراتِها حتّى ارتوتْ

روحي وذابتْ بالأنينِ الباكي

صمتتْ عنادِلُ فرحتي في مُهجتي

وانداحَ ليلُ الحزنِ في أفلاكي

في لهفةٍ يا قدسُ تسكبُني لظىً

لشهـادةٍ تزهـو بها دُنيـاكِ

ليفوحُ عطرُ الرّوحِ جورِيَّ الشذا

والأحمرُ القاني… شذاهُ شذاكِ

ضمّي تلاحيني وذكرايَ التي

ضحّتْ لتشمخَ عاليا ذكراكِ

ستزفكِ الأرواحُ يا بنتَ النّدى

لا تقنطي من فرحةٍ تغشاكِ

هو سعدُكِ المحرومُ طالَ حنينُهُ

كيما تحلّقَ في الدّنا عيناكِ

هيّا امزِجي الحِنّاءّ بالعطرِ الّذي

رشرشتُه صبحا فضاءَ ثراكِ

أنتِ العروسُ ومهرُك الغالي فدا

يا قدسُ تيهي واحضني ريّاكِ

في ديوان «نشوة النخيل» هناك مزج بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، وهناك تنوع في الأغراض الشعرية، نود أن نتعرف منك على تلك التجربة؟

نعم أنا أكتب القصيدة العمودية والتفعيلة فللتفعيلة في قلبي عشق وأجد نفسي أحلق بها دون قيود، وقد كانت فترة جميلة من عمري تلك التي اتجهت بها لشعر التفعيلة أكثر. لكن قصيدة العمود حين نافستها على محبتي فازت في النهاية، أما التنوع في الأغراض الشعرية فهو ميزة أتمتع بها كما يقول القراء، فالشعر رسالة والأدب بكل أنواعه كذلك ومن يود لرسالته أن تصل يجب أن يكتب في كل الأمور التي تحرك فيه مشاعره، سواء كانت على الصعيد الوطني أو الاجتماعي والعربي ككل.

صباحُ الخيرِ إذ سَمت الكرامة

لترفعَ قبةَ التوحيدِ هامــــــة

وفجرٌ فيه رفرفتِ الأمــــــاني

لتشرقَ في سما الغيبِ ابتسامة

ويخترقَ الأذانُ شغافَ قلــبي

ويعلوَ ثم تحملَهُ الغمــــــامة

هزمنا الظلم إذ عزًّا وقفنا

وبابُ اللِه مفتوحٌ أَمــــــامَه

صباح النصر يا قدسَ الإمامة

صباح الحقِّ فاتحةَ القيامة

تكتبين الشعر والقصة القصيرة والخاطرة، ما سر هذا التنوع؟

نعم أكتب ما يوحي به لي المشهد فأحيانا يأتي على شكل قصة وأحيانا خاطرة وأحيانا قصيدة وأعشق مشاعري حين تكتبني بأي شكل وأي نوع.

تتمسكين بالقصيدة البيتية في الوقت الذي يجرب فيه الكثيرون أشكالا شعرية أخرى، ما سر تمسكك ووفائك للقصيدة البيتية؟

لا أدري سر هذا الوفاء للقصيدة البيتية، ربما لأنها ابنة التاريخ التي لم تتأثر بالمتغيرات، ولم يستطع أي من الكارهين لها أن يضعوا أمامها حجر العثرة كي تتعثر وتنزوي وتتلاشى، فهي الموروث الباقي أمد الدهر

أحبها جدا وأتعصب لها، مع أنني أكتب العديد من أنواع الأدب

لكنها هي المليكة على المشاعر.

كيف يستطيع الشاعر أن يوازن بين أصالة الشكل ومعاصرة المضمون؟

تلك منّة من الله وهبها لمن أراد، وليس كل الشعراء لديهم القدرة على ذلك بل قل كيف أستطيع أن أكتب وأنشر قصائد الغزل، الملتزم طبعا، البعيد عن الإيحاءات وأنا الإنسانة الملتزمة، وتكثر الأسئلة كيف توفقين بين هذا وذاك فأقول ما دام الحرف يحترم الذائقة، والشاعر يقدر له هذا حتما سوف يحترمه الناس مهما كانت كتاباته.

هل استطاع النقد أن يرصد تجربتك الشعرية؟

طبعا هنالك العديد من النقاد الذين رصدوا حروفي وتناولوها بالنقد البنّاء ومنهم، لطفي منصور، وأيضا أم فضل النواجحة وعبد الرحمن الخرشي ومسلك ميمون وفضيلة زازية ومفيد قويقس، وهنالك من ترجموا لي الكثير من القصائد ومنهم نبيل طنوس وأيضا جمال الأسدي والكثير ممن أقدرهم وأحترمهم وكانت لهم الأيادي البيضاء في مسيرتي الأدبية.

ما الجديد لديك خلال الفترة المقبلة؟

إن شاء الله طباعة ديوان جديد ويضم قصائدي الجديدة ما بين عام 2019 لغاية اليوم.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي