مسألة الاغتصاب تثير انقساماً جديداً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-08

 

اعضاء البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ بتاريخ 12 تموز/يوليو 2023 (ا ف ب)

هل يَرِد الاغتصاب في أول توجيه أوروبي مخصص لمكافحة العنف ضد المرأة؟ يشكّل هذا السؤال محور مواجهة بين الدول الأعضاء في بروكسل، وتتابعه من كثب الجمعيات النسوية التي تخشى فوات الفرصة.

في الثامن من آذار/مارس 2022، لاقى قرار المفوضية الأوروبية توحيد التشريعات الجزائية في شأن حالات العنف ضد المرأة في دول الاتحاد الأوروبي، ترحيباً من مختلف الأطراف تقريباً، أقلّه على الورق.

لكن بعد مرور عام ونصف عام، ظهر انقسام في شأن مسألة الاغتصاب، إذ يرغب عدد من الدول في إدراجها ضمن التوجيه، وهو موقف يؤيده كل من المفوضية والبرلمان الأوروبيين، بينما أبدت بلدان أخرى في مجلس الاتحاد معارضة لإدراجه لأسباب قانونية.

فالفريق الأول (إيطاليا، بلجيكا، اليونان..) يؤيد تعريف الاغتصاب الذي أدرجته المفوضية الأوروبية في الفصل الخامس من مسودة التوجيه، ويقوم على عدم توافر عنصر الرضى في العلاقة الجنسية.

اما المجموعة الثانية (فرنسا وبولندا وألمانيا...)، فتشير إلى أن الاغتصاب لا يندرج تحت بند "الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال" المذكور في معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU) التي تُعدد الجنايات التي يمكن توحيد التشريعات في شأنها، وليس تالياً ضمن اختصاص الاتحاد الأوروبي.

وتُبذل راهناً مساعٍ لإيجاد حل وسط في إطار المناقشات "الثلاثية" المعتادة بين مفاوضين من البرلمان والمجلس، بوساطة المفوضية الأوروبية.

وعلى الأرض، يضغط الفريق الأول بصورة أكبر، على غرار العضو الفرنسي في البرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان الذي أطلقت حركته "بلاس بوبليك" عريضة بعنوان "لا لتخريب القانون الأوروبي" جمعت أكثر من 140 ألف توقيع.

ويقول لوكالة فرانس برس "إنّ وجود فرنسا في تحالف الرفض هذا يشكل كارثة"، مضيفاً أن "من غير المعتاد لحكومة تدّعي أنها مؤيدة جداً لأوروبا أن تصبح فجأة متوجسة جداً من مخاطر توسيع صلاحيات المفوضية الأوروبية والقانون الأوروبي".

وفي بروكسل، تندد المفوضة الأوروبية للمساواة إيلينا دالي في تصريح لها في حزيران/يونيو الفائت بما وصفته بـ"التفسير الضيّق" لمعاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنّ هذه القاعدة سبق أن استُخدمت سنة 2011 لتجريم الاعتداء الجنسي على الأطفال.

صادم ورجعي

وتوافقها الرأي النائبة الفرنسية  في البرلمان الأوروبي  ناتالي كولان أوسترله التي وجهت رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 12 أيلول/سبتمبر، دعته فيها إلى "إعادة النظر في موقفه".

وتقول لوكالة فرانس برس "من الواضح أن الدول ليست موافقة على تعريف الرضى"، مضيفةً "إذا كان واضحاً على مستوى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي أنّ كلمة نعم وحدها تعني الرضى"، فإن بعض الدول الأعضاء "ترغب في وجود شروط أخرى لاعتبار العنف اغتصاباً"، كالإكراه مثلاً.

أما موقف المجلس الأوروبي فيثير الدهشة في عدد من البلدان الأخرى. وتعتبر النائبة السويدية في البرلمان الأوروبي إفين إنسير أنّ هذه المسألة "خط أحمر".

وشاركت إنسير مع النائبة الإيرلندية في البرلمان الأوروبي فرانسيس فيتزغيرالد، في كتابة مقالة في نهاية أيلول/سبتمبر أكّدتا فيها أن استبعاد الاغتصاب من التوجيه "سيكون صادماً ورجعياً وإهانة للنساء والرجال على السواء".

وفي نهاية أيار/مايو، أبدت بلجيكا واليونان وإيطاليا ولوكسمبورغ علناً أسفها للـ"افتقار إلى الطموح"، موضحة أنها "لن توافق" على تحليل غير كاف لقاعدة قانونية.

ولم ترغب كل من المندوبية الفرنسية الدائمة في بروكسل ووزارة الخارجية الفرنسية في التعليق، بعدما حاولت وكالة فرانس برس التواصل معهما.

وتشير الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، إلى أنّ امراة من كل ثلاث نساء في دولة من الاتحاد الأوروبي عانت عنفاً جسدياً أو جنسياً منذ سن 15 عاماً، فيما تعرّضت امراة واحدة من كل 20 إلى اغتصاب.

وشدد اللوبي النسائي الأوروبي الاثنين على أن "النساء والفتيات في أوروبا سئمن الانتظار".

وتلفت كاميّ بوتين، وهي مستشارة لدى الشبكة الأوروبية للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة، إلى أنّ نافذة الفرص ضيقة. وتقول إنّ "الانتخابات الأوروبية ستجرى في حزيران/يونيو المقبل، ولن يكون هناك توجيهات جديدة مُقترحة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي