عقب مكالمة بايدن.. هل تؤثر التعديلات القضائية الإسرائيلية على العلاقة مع الإدارة الأمريكية؟

الأمة برس - متابعات
2023-07-20

الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) مستقبلا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ في البيت الأبيض في 18 تموز/يوليو 2023 (ا ف ب)

أجرى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وناقش معه العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه من بين القضايا التي طرحت خلال المكالمة الهاتفية، الملف النووي الإيراني، وتوسيع دائرة التطبيع أو اتفاقات "أبراهام" بين الدول العربية وإسرائيل، فضلا عن العلاقات الثنائية.

نصيب الأسد

بيد أن ملف التعديلات القضائية التي تريد تل أبيب تمريرها عبر الكنيست، والتي تحد من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، كان له نصيب الأسد في مكالمة بايدن لنتنياهو، والتي جرت عبر وسيط أو من بادر بها وسيط، وهو توم نيدس، السفير الأمريكي المنتهية ولايته لدى تل أبيب.

وطالب الرئيس الأمريكي، رئيس الوزراء الإسرائيلي، باحترام التظاهرات والسماح بها من الأساس، والحفاظ عليها من أي تعديات شرطية، مناديا إياه بضرورة وجود إجماع وطني في إسرائيل في سياق الإصلاحات القضائية، واتفقا على لقاء يجمعهما ربما قبل نهاية العام الجاري.

اجتماعات البيت الأبيض

وأوضحت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بايدن قد دعا نتنياهو لعقد اجتماع في البيت الأبيض، حيث جرت العادة أن تتم دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد إلى واشنطن بعد أداء حكومته لليمين الدستوري، وهو ما لم يحدث رغم مرور أكثر من 6 أشهر على تشكيل حكومة نتنياهو، أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2022، ما يعني أن هذا اللقاء يعد حاسما ومهما في طور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

نصيحة بايدن لنتنياهو بضرورة احترام المظاهرات الإسرائيلية، والتي وصلت أبعادها إلى مشاركة مئات الآلاف من المتظاهرين، ربما لم ينصت لها رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد، خاصة وأن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) سيصوت بشكل نهائي الأسبوع المقبل على مشروع قانون يقلص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية.

وسيجرى التصويت على القراءة النهائية على مشروع قانون يسمى بـ "تقليص ذريعة عدم المعقولية"، يوم الأحد المقبل، وربما يمتد ليوم الاثنين أيضا، الذي يقيد المحكمة العليا ويحد من وظيفتها بشكل عام، وهو جزء من مجموعة قوانين أثارت معارضة متزايدة واحتجاجات واسعة في إسرائيل.

رفض أمريكي

الاحتجاجات الواسعة في إسرائيل اعتراضا على التعديلات القضائية نالت اهتماما واسعا من المجتمع الدولي والإقليمي، ناهيك عن المجتمع الإسرائيلي نفسه، وهو ما دفاع الرئيس بايدن إلى إعلان رفضه لتمرير هذه الإصلاحات القضائية، بدعوى أنها تحد من حالة الديمقراطية التي تقوم عليها كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

اشترك مع بايدن في هذا الرفض، العديد من المسؤولين الأمريكيين، على رأسهم وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، فضلا عن نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، إلا أن نتنياهو ما يزال مُصرا على استكمال واقعة تمرير التعديلات القضائية، رغم تلك الانتقادات الأمريكية المتوالية.

ذريعة عدم المعقولية

ويذكر أن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، قد اقترح على نتنياهو إجراء هذه التعديلات، وتبناها الأخير بالفعل، ومن خلفهما وزيرين إسرائيليين في حكومة نتنياهو، وهما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المال بتسلئيل سموتريتش.

ويشار إلى التصويت بالقراءة النهائية على مشروع قانون "تقليص ذريعة عدم المعقولية"، هو واحد من 7 قوانين يعمل الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل على تمريرها، خاصة نتنياهو نفسه، لكونها ستقلص من المحكمة العليا التي تدينه بـ 4 تهم خاصة بالفساد، وتثير مخاوف داخلية وخارجية من أنها ستمكنه من الاستبداد بالحكم، وتحييد دور المحكمة العليا في التصدي لقرارات حكومية غير قانونية.

ويثير احتمال تمرير مشروع القانون السابق، مخاوف من أنها ستسهل على الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل تنفيذ مخططاته الاستيطانية، خاصة الشروع بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وتخليص نتنياهو نفسه من محاكمته بتهم فساد وخيانة الأمانة، فضلا عن تسهيل عودة آرييه درعي، زعيم حزب "شاس" المدان بالفساد وتبييض الأموال، والذي كان قد تولى منصب وزير الصحة والداخلية في حكومة نتنياهو، واضطر الأخير إلى إقالته إذعانا لقرار أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

إدانة وزير إسرائيلي

ويعد آرييه درعي من أقرب الشخصيات إلى نتنياهو، ويرغب في عودته إلى الحكومة، كما أن تمرير هذه الإصلاحات يعني تعزيز المتدينين المتزمتين إداراتهم الذاتية في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية.

الغريب أن الشارع الإسرائيلي يشهد للأسبوع الـ 28 على التوالي، مظاهرات حاشدة مناهضة لخطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والقائمة على تغيير النظام القضائي، وإبطال تأثير المحكمة العليا.

ومن هنا، فإن الاتصال الهاتفي بين بايدن ونتنياهو، والذي اعتبر فيه الرئيس الأمريكي أن قوة العلاقة بين البلدين تقوم على أساس القيم الديمقراطية المشتركة، مطالبا إياه بوقف هذه التعديلات، بدعوى أنها ستحول إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية، مناديا بترك الحرية للمتظاهرين للتعبير عن رأيهم بصراحة ووضوح، دون أي تعدٍ من الشرطة والجيش الإسرائيليين عليهم.

الأعلام الأمريكية

وفي السياق نفسه، شهدت المظاهرات الإسرائيلية في الأسبوع الـ 13، والتي جرت في الأول من أبريل/ نيسان الماضي، لأول مرة رفع الأعلام الأمريكية عرفانا من المتظاهرين بموقف الإدارة الأمريكية في الضغط على نتنياهو، حتى عدوله عن المضي في سن تشريعات التغيير القضائي.

ومن هنا، طالب الرئيس الأمريكي، نتنياهو، بعدم تمرير أي شيء بهذه الأهمية ـ مثل التعديلات القضائية ـ دون إي إجماع واسع، وإلا فإن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ستزداد سوءا، مهددا إياه بأنه قد يسبب قطيعة بين الجانبين، وداعيا إلى عدم التسرع، والسعي إلى أوسع توافق ممكن داخل إسرائيل.

وفي 11يوليو/ تموز الجاري، أقر الكنيست بالقراءة الأولى لمشروع قانون "الحد من المعقولية"، الذي يحد من مراقبة المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) للحكومة وقراراتها، ما دفع عشرات الآلاف من الإسرائيليين للنزول إلى الشوارع وإغلاق طرق رئيسية والتظاهر داخل مطار بن غوريون في تل أبيب قبل أن تخرجهم الشرطة بالقوة.

إضعاف جهاز القضاء

يذكر أن الهيئة العامة للكنيست صادقت، في شهر فبراير/ شباط الماضي، على المرحلة الأولى من مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء، في قراءة أولى، وذلك بتأييد 63 عضو كنيست، ومعارضة 47 عضوا.

وشملت هذه المرحلة من التشريعات سن "قانون أساس القضاء"، الذي يهدف إلى إضعاف المحكمة العليا وسحب صلاحيات منها، وإلى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة بحيث يسيطر الائتلاف بالكامل عليها.

ويؤكد المتظاهرون ـ الفئة المعارضة للإصلاحات القضائية في إسرائيل ـ أن مشروع "أساس القضاء" أو الإصلاحات القضائية في البلاد، سيحد من تأثير المحكمة العليا على عملية اعتماد القوانين الأساسية، ويسمح للبرلمانيين بالطعن في قرارات هذه المحكمة، ويمنح الحكومة السيطرة على إجراءات تعيين القضاة.

الانقلاب السلطوي

ومن هنا، يعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، أن التعديلات القضائية تهدف إلى استعادة التوازن بين فروع السلطة وكبح تجاوزات المحكمة العليا لصلاحياتها، فيما تصف المعارضة تلك التعديلات بـ"الانقلاب السلطوي"، وتقول إنها ستقضي على الديمقراطية.

وجاء التصويت على هذا المشروع بعد توقف المفاوضات بين الحكومة والمعارضة، التي كانت تسعى لتسوية المسألة، الشهر الماضي.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي