ذئب ولقاء

2023-05-31

 هدى فخر الدين

ذئب

ذئب يغرّر بي، يدفعني كالجوع، كالفقد، كالألم،

إلى سرّ خلف المدى.

ذئب أتبعه، ألملم خطواً له في القفر،

أهيم في إثره، ونتواعد ألا يغدر واحدنا بالآخر.

نتعاهد أن نلتقي تحت صفحة الفلا.

ذئب يرسم بحواسَ يقظة أطراف الكلام، يرهف السمع لأكاذيب الريح، يتبع سطراً يتعرج فوق هضاب المعنى، خلف ما يتراءى ويغيب في حزون الصدى.

ذئب يطلّ خلسة من نوافذ القول، يتوارى في ثناياه.

ينسج شباك العبارة متسلّلاً، يتعقب خيطاً من الضوء.

فينسلّ كاللمح ليعود ويظهر كالغدر ثم يغيب كالصدى.

يضجّ فأضجّ، يشكو فأشكو، يفيء فأفيء ونمشي معاً، خفيفَيّ الوطء.

نتواعد أن نصغي معاً، أن نتصيّد وقعاً لخطونا على الرمل.

وقبل أن يفلت واحدنا من الآخر، نتعاهد أن يفترسني أو أفترسه.

٭ ٭ ٭

لقاء

أبحث عنك واقفاً على مفترق طريقين

تنتظر مني قلقاً يلوح من بعيد.

أجدك لتعيدَني من شرود الشجر

نحو طريق أمضينا ساعات نبحث عنه.

أضيع لألمحَ عينيك الغائمتين

تقعان عليّ في الزحام، فتصفوان.

ولِمَ المدن إن لم تكن لنلتقي فيها خلسة.

فنملأ الوقت قبل اللقاء بخطط يفيض بها الوجود الصغير،

بجملٍ تمتد من مساء إلى مساء، تتشابك وتتقاطع

وتنسج فضاء داخل فضاء؟

لِمَ المدن إن لم تكن لنكمل فيها الجملَ المتشابكة،

لنسرِّحَ أواخرها حين يضمّنا أخيراً مقعد خشبي،

قبالة نهر هرم يتسرب غافلاً، فتقول لي شيئاً وأبقى صامتة

ويبدأ الكلام؟

كاتبة لبنانية







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي