أرقشُ الأطلسَ من ماءٍ لا ينضب

2023-05-08

كريم ناصر

النمرة

رضيت أن أرميَ بزهرةِ النرد، كما كنتُ أرفّه الصبيان،

فما إن تهزل الأحصنةُ في الإسطبلات،

حتى تنهبني ريحٌ قويّة

ثم يسيل الماءُ من تحت الخزائن،

ها هو العمرُ يمضي كنجمٍ رقيق،

فالخيالُ نمرةٌ تصيدُ الأسود

يدُ القدرِ تقهرُ الموت،

شجرةٌ تطفو ولم ترسبْ، كرذاذٍ يتطايرُ في الحرائق

عندما لمحتكِ في الميدانِ نهضتُ كالعلم،

لولاكِ لغطستُ في الرمال،

ولولاكِ لما اخضرّتْ غاباتُنا

ولولاكِ لما غرّدتِ العنادل.

٭ ٭ ٭

لمّا صرخَ الهدهدُ في المنحدر،

صرخَ الطاووسُ في الحقلِ

كقمرٍ يلوّحُ مسروراً..

فلنصنعِ الربيعَ في أرخبيلاتِ الحدائق

أو في أعشاشِ البيوت.

لا تجرف الرياح أوراق التوت

كمن يلوّحُ ببيرقهِ لمركبِ الفرسان

سأغرسُ أشجاراً في الصحارى،

وأرقشُ الأطلسَ من ماءٍ لا ينضب..

لذكرى فراشةٍ تحومُ حول نارٍ كأنّها تضاريس،

هذا الثلج يهفتُ في حقلٍ كلّه غربان..

لمَ لا تجرفُ الرياحُ أوراقَ التوت

ولا تكترثُ النجومُ لحياتي؟

لذا فمن أجلِ الداليةِ

سيقطفُ النهارُ ليلي،

وتغرّدُ العنادلُ في ظلالِ شجرةٍ سُرياليّة.

٭ ٭ ٭

فكأنَّ البحّارةَ في المرسى يسكنونَ الكواكبَ والرياحَ والغيومَ

يئدونَ الكينونةَ ويجرحونَ السواسنَ،

ينقشونَ ذكرياتهم على قشورِ الجوزِ والأجنحةِ والأشواك.

٭ ٭ ٭

فلن تمشّطَ الزنابقُ شعرَ الوادي أبداً أبداً،

ولن تُفضي أنغامُ القنابرِ إلى ضوءٍ مرئيّ.

رسوم غرناطة

الليلُ حليفُ النهار، فربما نمرحُ في حديقة،

ربما نغرسُ شجرةَ النور

ونؤوّلُ أيقوناتِ لعبنا في صيرورةِ الغروب،

ونبني قصورَ أحلامِنا الفسيولوجية.

٭ ٭ ٭

فذلك الحقلُ أصبحَ بيتَنا على الجبل،

لذا فلا أحرثُ أرضاً ترأف بالتنّين،

ولا أقايضكِ بما لا أحتاجُ إليه من دبابيج أو حكايات،

لأكون في نظركِ علامةَ استفهامٍ،

أو دونجوان العصر

المعصوم من الخطأ.

٭ ٭ ٭

أيعقل أن تستحيلَ الحدائقُ مراقدَ شجعان؟

شيءٌ ما يتصاعدُ كالبنفسج، شيءٌ ما لهُ حنكةُ القمر،

ما معنى أن تفرّخَ كوّاتنا طيوراً

أيجوسُ السرابُ ماءَ الليل؟

ليتنا ندعُ أخيلتنا هذه

لتضحى أشجارَ بساتين،

لنا أن نأكلَ فاكهةً

لئلا نُطفئَ نقطةَ الذهب..

لنا أن نرقشَ ما عندنا من أوراقٍ، فنحن لا نرى غيرَ رسومِ غرناطة،

فكلّما ذرونا الرملَ لنُنشئ قصراً،

غُصنا كالقواقعِ في الماء

بسببِ ريحٍ قويّة،

كانت قبل يومٍ هادئة،

ريح تكادُ تقلع النوافذَ وتسرقُ رذاذَ الساحل

في رؤى لم نألفها،

في رحلةٍ غرامية.

شاعر عراقي









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي