شوق نسبي

2023-05-02

أوس أبوعطا

لم أشعر بالرّاحة مؤخرا

بل شعرت بشتلات التبغ تكبر في رئتي

وثلج صدركِ يسربل بصري.

تهطل بعض البسمات من سكونك..

هناك كهف للصمت يحول بيننا

ونوم مستقطع ..

بعد قصفٍ مريع مجهول المصدر

وأرقٍ ممض.

أعلم أن هناك الكثير من اللوم الذي ألقيه على نفسي

أحمله كحقيبة ظهر يحملها مهاجر غزّي حوصر في أوكرانيا

أحصارٌ يلحقُ به؟!

أو لعلّه هو من يلتحق به وينتسب إليه رغم اختلاف التضاريس

٭ ٭ ٭

لم أعلم من قبل

أنّ الصمت مفتاحٌ لكلِّ شيء..

لممارسة الحب

أو للهجرة أو الهجران.

أتفرس جسدك كأني في ليلة زفافنا

تصفقُ حولي النساء بمحياهن الملوّن

وأنا أمعن النظر والشّهوة

في الأجزاء المكشوفة منك

التي أراها لأول مرة.

٭ ٭ ٭

حزينا كأن الليل لم يضمّنا

أبحث عن رصاصة سقطت بلا مبالاة من شهيدٍ جوال..

لأعلّقها على صدري..

أبحث عن الكلمات والرموز التي تركلني بقوة

لطيف الطفولة الوثير..

كنت سألت والدي من قبل

لم يعلّق السّيف في مضافتنا

كان السّيف يخيفني..

يلمع على ساعدي في الليل

لأني ذات ضيق حلوى

وقبل أن أبلغَ الحُلم

سرقتُ خمس ليرات من جيبة معطفه الوحيد الكالح

كمدافئ تفل الزيتون في الجنوب السّوري.

ترتعد فرائصي كلما يخيّل لي

أنه سيسقط ويقطع يدي السّارقة

دون أن يشعر بي أحد..

أحملق فيه في العتمة ثم أدس رأسي تحت الغطاء

فينبلج وجهك على قلقي لأغفو مطمئنا.

٭ ٭ ٭

هواكِ كبير عليّ

على رؤاي المتواضعة

على احترافي النزوح منذ نعومة أشعاري..

لم أبلغ ما أبتغي منك

لكن ألفيته في خصلات شعرك

في الجوع الذي أتمرن عليه كل صباح..

ويغلبني في اليوم التالي.

٭ ٭ ٭

حزينا كأن الليل لم يضمنا

يتوق جسدي لحفنة دفء

في منحدرات التوق القارس..

لعزف أناملك اليانعة

ولجراح البلابل البكماء.

لا تنمو القصائد في أصيص

ولا على حواف السواقي

أو البيوت البلاستيكية التي تقهر البرد

تنمو فقط في منحنيات بياضك

التي أحصدها على عجل

فتكون قصائد غضة

أو غير مكتملة

تعاني النقصان كما في كل الأشياء

كما البدر الذي لا يكتمل إلا بوجهك

٭ ٭ ٭

كنت تنظرين إليّ

أعلم هذا

وكانت النجوم تنساب تباعا

من خطوات عينيك الواسعتين.

لا شوق يعلو على شوقٍ رتيب

طري وقديم بالألم المكرور نفسه

كطفلٍ يرضع من أمه

إنّ نأى عنها بكى

وإنّ نأت عنهُ بكت وجفّ حليبها.

٭ ٭ ٭

هناك حيث كنت

هناك حيث لم أكُ مرئيا

والشّجر الوارف النّاعس يتقاذف الأطيار

كما تتقاذف أوروبا الشّقراء المهاجرين من الشّرق الأوسط

لم يكن هناك غُولٌ ولا سغب

كانت المخابرات المتواطئة مع بعضها فقط

هذا ما لمسته بنفسي المهترئة من ضيق اليد والبلاد

هذا ما لمسته من ضحكات الأطفال القسرية في الخيام السقيمة

فليس أمامي إلا هذه الغابات

التي تنمو المخيمات فيها كالفِطر بعد كل برق

تميل لدموعٍ طويلة

هذه الغابات التي تتداعى أغصانها

لتواري سوءة الحرب ..

باتت جذوعها مشلّولة من هول الخريف.

شاعر وكاتب فلسطيني









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي