نبيل ياسين
نحن حيواناتٌ طائرة.
ليس لنا أرضٌ أو مساكن
نوٓكرُ على الأشجارِ والأحجارِ الجبلية
ونشارك الضواري في الغابة.
يحوم حولنا الصيادونَ المكلفون َمن ملاكِ الموت.
أحياناً نفقد أجنحتنا لسبب ما،
لكنه سبب عبثي،
لكي تخلص الغابة من بعض الحيوانات المجنحة،
لتحل حيوانات مجنحة أخرى .
ذات يوم،
حين كانت الحيوانات المجنحة تبحث عن خلاص
أو تبحث عن معنى، خلقت الأسطورة،
ووضعت فيها الرغبة في الخلاص
ولكي تجد المعنى، خلقت عبثا آخر .
أعيش في غرب المدن،
غرب بغداد،
غرب بيروت،
غرب بودابست وغرب لندن.
هل يرتبط ذلك بالغربة؟
هل أنا الغريب، الذي يتغرب دائما؟
طرق ومحطات وبشر وغابات وبيوت وبرار وبحيرات وحقائب وأبواب وشبابيك وشرفات ومقاعد للآلهة،
وأخرى للملائكة.
مقاعد للمنسيين،
وأخرى للجالسين انتظارا بلا معنى،
مصاطب للمسافرين وأخرى للذين مكثوا سنين دون غاية
تلك هي الحياة برمتها،
بخلائقها وحيواتها الصغيرة، المرئية وغير المرئية، الجاثمة تحت المجرات أو الجاثمة تحت الأحجار .
ماذا لو جمعنا الأنين البشري في الناقلات العملاقة،
ومصافي النفط المنتشرة في العالم،
وأقبية السجون والمعتقلات،
وملأنا به الأنهار الجافة والبحيرات الاصطناعية؟
سنحصل آنذاك على تغيير في المناخ، ينعش بؤسنا وإحباطنا .
كلما تقدمنا كلما فقدنا الروح.
أين تلك الرسائل التي كنا نكتبها ونضعها في المظروف الأزرق الموشح باللون الأحمر لتكون الرسالة في البريد الجوي بعد أن نذهب إلى بناية البريد ونلصق عليها الطوابع.
يا لها من متعة.
وأنت تقفل عائدا إلى البيت تفكر بالأيام التي ستصل فيها الرسالة إلى من بعثت.
أين رنة الهاتف في البيت
أو أين متعة أن تدير الأرقام في قرص التلفون وتنتظر أن يرفع أحدهم السماعة.
كم انتظر الإنسان القديم ليكتشف سلق البيضة وتقشيرها؟
هل نفكر في ذلك وفي كل يوم يقشر ملايين البشر ملايين من بيض الصباح؟
إنها الحياة،
تعيش على النسيان وتستمر به،
والنسيان هو ما يصنع هذه الحياة
كاتب عراقي