حيوانات طائرة

2023-04-27

نبيل ياسين

‎نحن حيواناتٌ طائرة.

‎ليس لنا أرضٌ أو مساكن

‎ نوٓكرُ على الأشجارِ والأحجارِ الجبلية

‎ونشارك الضواري في الغابة.

‎يحوم حولنا الصيادونَ المكلفون َمن ملاكِ الموت.

‎أحياناً نفقد أجنحتنا لسبب ما،

‎لكنه سبب عبثي،

‎لكي تخلص الغابة من بعض الحيوانات المجنحة،

‎لتحل حيوانات مجنحة أخرى .

‎ذات يوم،

‎حين كانت الحيوانات المجنحة تبحث عن خلاص

‎أو تبحث عن معنى، خلقت الأسطورة،

‎ووضعت فيها الرغبة في الخلاص

‎ولكي تجد المعنى، خلقت عبثا آخر .

‎أعيش في غرب المدن،

‎غرب بغداد،

‎غرب بيروت،

‎غرب بودابست وغرب لندن.

‎هل يرتبط ذلك بالغربة؟

‎هل أنا الغريب، الذي يتغرب دائما؟

‎طرق ومحطات وبشر وغابات وبيوت وبرار وبحيرات وحقائب وأبواب وشبابيك وشرفات ومقاعد للآلهة،

‎وأخرى للملائكة.

‎مقاعد للمنسيين،

‎وأخرى للجالسين انتظارا بلا معنى،

‎مصاطب للمسافرين وأخرى للذين مكثوا سنين دون غاية

‎تلك هي الحياة برمتها،

‎بخلائقها وحيواتها الصغيرة، المرئية وغير المرئية، الجاثمة تحت المجرات أو الجاثمة تحت الأحجار .

‎ماذا لو جمعنا الأنين البشري في الناقلات العملاقة،

‎ومصافي النفط المنتشرة في العالم،

‎وأقبية السجون والمعتقلات،

‎وملأنا به الأنهار الجافة والبحيرات الاصطناعية؟

‎سنحصل آنذاك على تغيير في المناخ، ينعش بؤسنا وإحباطنا .

‎كلما تقدمنا كلما فقدنا الروح.

‎أين تلك الرسائل التي كنا نكتبها ونضعها في المظروف الأزرق الموشح باللون الأحمر لتكون الرسالة في البريد الجوي بعد أن نذهب إلى بناية البريد ونلصق عليها الطوابع.

‎يا لها من متعة.

‎وأنت تقفل عائدا إلى البيت تفكر بالأيام التي ستصل فيها الرسالة إلى من بعثت.

‎أين رنة الهاتف في البيت

‎أو أين متعة أن تدير الأرقام في قرص التلفون وتنتظر أن يرفع أحدهم السماعة.

‎كم انتظر الإنسان القديم ليكتشف سلق البيضة وتقشيرها؟

‎هل نفكر في ذلك وفي كل يوم يقشر ملايين البشر ملايين من بيض الصباح؟

‎إنها الحياة،

‎تعيش على النسيان وتستمر به،

‎والنسيان هو ما يصنع هذه الحياة

كاتب عراقي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي