لماذا تذهبينَ الآن؟

2023-04-12

سليم النفار

إلى ليلى الأم دائماً

وحيداً أقودُ الوقتَ

إلى رايةٍ في الأعالي

لماذا تركتِ يدي الآنَ

ألمْ نتفقْ يا حبيبةْ: معاً؛

أنْ نواصلْ قتالَ اللياليْ؟

ألمْ نتفقْ: أنْ نواصلْ نشيدَ الصعودِ،

نحو يافا

وأحلامِ الفتى،

ذاكَ الذي تعشقينْ؟

أيا مصطفى قلبَها:

لم ينمْ نبضُ قلبكَ في وريدِ الزمانْ

كلَّما هبَّ الحنينُ

تناديكَ ليلى بكلِّ الصِّفاتْ،

تلكَ التي لم تغبْ،

عن سماءِ الذكرياتْ

صاحياً صوتُها لا ينامُ

يُداريْ هبوبَ الصَّدى صورةً

يُلمعها الندى، يُعطِّرُها الأرجوانْ

لماذا إذنْ ترحلينَ الآنْ؟

تعبتِ تُرى،

أمْ جدالٌ عقيمٌ

على دربِ حلمٍ بنا،

لم يعُدْ يكفي شروحاً

على ما مضى من حنينٍ هنا

في سجلات الخوالي؟

وحيداً

تركتِ الفتى يا مُعلمتي

يواصلُ عتمةً في الطريقْ

عقودٌ مضتْ من تفاصيلِ المسيرةْ

وكنّا على مهلٍ نُضيءُ الفوانيسَ

على كلِّ مُفترقٍ،

نرى فيهِ حلماً عتيقْ

أُعيدُ الآنَ من شاشةِ التّذكارِ،

شكلَ عينيكِ، حينما أيقنتْ دربي إلى غزةْ

تداعتْ إليكِ تفاصيلَ يومٍ قديمْ،

قلتِ في حينها: أنَّ المرايا تعودُ الآنَ

إلى نهرها؛

تشطفُ الصبح المُخبأَ في الغمامِ العميقْ

تُعليْ بيارق من تنادوا في الزمانْ

لكنهم رحلوا… فهلْ يأتونَ من وجعٍ نُسميهِ السلامْ

وأردفتِ دمعاً ساخناً في يديْ

وأطلقتِ موجاً من كلامْ:

إذهبْ بنيَّ

إلى ما نشتهي من حلمنا

في حيِّزٍ في المكانْ

ربما نصطفي ساعةً في طريق المنامْ

ربّما

ربَّما يفرحُ القلبُ

ولو بعدَ حينٍ من ظلامْ

ربَّما نسوقُ جيشَ الأمانيْ

على موجٍ تداعى في ضلوعِ الزَّمانْ

لكنَّها قالتْ:

تمهّلْ حبيبيْ

فإنّيْ أرى ما لا يُرى في هشيمِ السنينْ

يا رفيقَ الزمان الجميلْ

أرى الآن أفراحي

يُغالبها وجيعُ الوقتِ مُنثالاً على لهبِ الحريقْ

لا يُطامنني سؤالٌ

هنا… في اندياحِ المعانيْ

على رسْلها موجاً يُضاهيْ الكبرياءْ

كاذبٌ هذا المهرّجُ

فلا بحرَ من خلفنا، لا

ولا فرسانَ في قممِ الضِّياءْ

وجوقاتُ الأغانيْ هنا،

ليستْ سوى ذاكَ النعيقْ

وحيداً

تركتِ الحلم يا قلبي

لماذا الآنَ،

وأنتِ التي كاسرتِ أعباءَ الطريقْ

لمْ تُهزميْ ذاتَ دربٍ؛

لكنْ: تنامينَ الآنَ من وجعٍ عميقْ

لا يستوي حلمنا في شقاقِ الرفاقْ

هكذا قلتِ ذات صبحٍ،

حينما ضجَّ الكلامُ،

هارباً من نُسغهِ ذاكَ البريقْ

وحيداً

أعاني ندوباً على سطحِ حلمي

أُعرّيْ جروحي لملحِ الليالي

أُضيُ الوقتَ في شمسنا الخافتةْ

لعلَّ الحبَّ يُسعفنا

لعلَّ الشعر ينقذنا

في انفضاض القافلةْ

وحيداً

تركتِ الفتى في الليالي الباردة

كاتب فلسطيني








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي