قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن الأزمة التي ولّدها مشروع الإصلاح القضائي في إسرائيل لم تُحل بعد؛ بسبب ظهور خط صدع جديد على أعلى مستوى في الدولة يرتبط بقرار تشكيل “الحرس الوطني” الخاضع مباشرة لأوامر وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ويتجاوز الشرطة التي لا تخفي معارضتها له.
”لوفيغارو” أشارت إلى أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على قرار تشكيل “الحرس الوطني” لضمان الحفاظ على دعم بن غفير، في ذروة أزمة الإصلاح القضائي الذي يهدد تحالف بنيامين نتنياهو بالانهيار. وسيتم الآن تشكيل لجنة تضم مسؤولين من وزارات العدل والمالية والدفاع، بهدف رسم الخطوط العريضة لهذا “الحرس الوطني” المستقبلي. وقد تمت بالفعل برمجة التعديلات المالية التي تهدف إلى تمويله.
كما أوضحت “لوفيغارو” أن القرار تم اتخاذه على الرغم من معارضة كبار المسؤولين الإسرائيليين، بدءا من رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، والذي قال وفق الصحافة الإسرائيلية: ”لا يمكن لقوتين من الشرطة العمل في نفس المكان”. كما عبّرت غالي بيهارف ميارا، المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، عن ترددها حيال تشكيل “الحرس الوطني”.
وتعد هذه الأخيرة إحدى أهم الشخصيات في التسلسل الهرمي القضائي الإسرائيلي، وهي في صراع مفتوح في الأشهر الأخيرة ضد مشروع الإصلاح القضائي. لكن الهجوم الأكثر ضراوة جاء من كوبي شبتاي، قائد الشرطة الإسرائيلية نفسه، والذي تدهورت العلاقات بينه وبين وزيره بشكل تدريجي منذ وصول بن غفير إلى الحكومة في نهاية عام 2022. فقد عارض قائد الشرطة مرارا طلبات وزيره بشأن هدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية على وجه الخصوص.
وأعرب كوبي شبتاي علنا عن معارضته لمشروع الحرس الوطني المرتبط مباشرة ببن غفير، معتبراً أنه مشروع “غير ضروري، وقد يكون مكلفًا للغاية على الأمن الشخصي للمواطنين، ومن شأنه أن يؤدي إلى إضعاف أمن الأفراد وإهدار الموارد وتفكيك الشرطة”.
أما بالنسبة لإيتمار بن غفير، فلم يخفِ أبدا رأيه السيئ في قائد الشرطة، لدرجة أنه وبّخه علنا وأمام الكاميرات على افتقاره للكفاءة.
وذكّرت “لوفيغارو” أن فكرة ”الحرس الوطني” مطروحة منذ عدة أشهر في إسرائيل، وظهرت في شهر مايو عام 2021 عندما هزت “أعمال شغب عنيفة” بلدات عربية في إسرائيل. ويوجد في البلاد، بالإضافة إلى قوات الشرطة التقليدية، شرطة حدود عسكرية تخضع لنفس التسلسل القيادي مثل الشرطة.
يوضح ألون ليفافي، ضابط شرطة كبير سابق، ومتخصص في قضايا الأمن الداخلي مع INSS، وهي مؤسسة فكرية إسرائيلية، أنه مع الحرس الوطني “يتعلق الأمر بالسماح للشرطة بالتركيز على وظائفها التقليدية، بينما ستكون شرطة الحدود والحرس الوطني متخصصين في مكافحة الإرهاب وأعمال الشغب”، وفق تعبيره.
ويتابع: “لقد كان قرارا منطقيا. فمن الضروري بناء حرس وطني، لكن يجب أن يكون تحت سيطرة الشرطة الوطنية. هذا المشروع سيكون له أيضا تأثير في إضعاف الشرطة الإسرائيلية التي تعاني من نقص في الموظفين”.
وتساءلت “لوفيغارو” إن كان ”الحرس الوطني” كما يريده بن غفير سيرى النور في إسرائيل، موضحة أن وزير الأمن القومي السابق عومر بارليف يشك في ذلك، موضحا أن جميع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يعارضون الأمر. واعتبر أنها ستكون كارثة أن يُدير وزير جهاز الشرطة بحسب أجندته السياسية. أمام اللجنة التي شكلها إيتمار بن غفير، ثلاثةُ أشهر لتقديم نتائجها، عندها سيكون على بنيامين نتنياهو أن يفي بوعده أم لا.
وقد رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الإثنين المنصرم الرهان، معلنا وضع “الحرس الوطني” تحت سلطة وزارة الدفاع.