بمناسبة الدورة (27) لمعرض مسقط الدولي للكتاب

سعيد بن سلطان البوسعيدي: الكتاب الورقي لا يزال الأقرب للقرّاء

2023-03-30

حوار: محمد الشحري

تُعد معارض الكتب من أهم المواسم الثقافية المستدامة في المدن، فوجودها ليس لأجل تسويق الكتب، بقدر ما هو تنشيط للفعل الثقافي والفكري وصناعة الوعي. وفي الدورة السابعة والعشرون لمعرض مسقط الدولي للكتاب، نقترب من صُناع الحدث وإدارته لنتعرف عن قرب على تفاصيل المعرض، حيث يعد من أهم معارض الكتب في المنطقة العربية. كما يحقق في الوقت ذاته أهداف الاستراتيجية الثقافية في السلطنة ومواكبة رؤية عُمان 2040.

هنا حوار مع سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، نائب رئيس اللجنة الرئيسة لمعرض مسقط الدولي للكتاب، للحديث أكثر عن المعرض والفعاليات المصاحبة.

بداية.. ما هو الجديد في دورة مسقط للكتاب 27، والمختلف عن الدورات السابقة؟

تعد الدورة السابعة والعشرين من أكبر الدورات في تاريخ المعرض، نظرا للتوسعة الكبيرة التي احتضنها المعرض، من حيث عدد الدول المشاركة الذي بلغ (33) دولة، وكذا ازدياد عدد دور النشر من داخل وخارج سلطنة عُمان، وازدياد المساحة الإجمالية للمعرض، إلى جانب المشاريع الثقافية العديدة التي احتضنتها هذه الدورة كالبرنامج الثقافي الثري الذي ضم العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفكرية والأدبية والعلمية، كما شكلت المبادرات المجتمعية أحد أهم الإضافات الناجحة لهذه الدورة، كما أتى المحور الإعلامي مجسدا واضحا للرسالة الإعلامية الناجحة التي أبرزت المعرض وأهدافه من خلال البرامج الإعلامية المهمة التي غطت مجريات وتفاصيل المعرض كافة، وتعمل اللجنة الرئيسية بشكل دائم على تطوير منظومة العمل وفقا لمتطلبات المرحلة، حيث أن الخطط توضع بشكل مباشر بعد كل دورة ويبدأ العمل لتنفيذها وفقا للخطط المرسومة من قبل اللجنة الرئيسية، وفي الإطار نفسه فإن اللجنة الرئيسية للمعرض تعمل على إشراك المجتمع والمشاركين فيه «الناشرين» من خلال استطلاع آرائهم ومقترحاتهم في هذا الجانب، ومن ثم تعمل الفرق المختصة على مسح هذه البيانات وإعداد الخطط اللازمة لتنفيذها، فقد عملت اللجنة الرئيسية للمعرض على التنسيق مع القطاعات المختلفة لتوفير خدمة الدفع الإلكتروني في المعرض، لتكون متاحة في مختلف دور النشر الموجودة، تسهيلا للزوار وكذلك لدور النشر، وفق آلية عمل منظمة، كذلك عملت اللجنة على توفير التقنية الحديثة في حساب التعداد العام لزوار المعرض بشكل يومي، لأنها ستكون مفيدة لنا في جمع البيانات الإحصائية ومعرفة البيانات الحقيقية لأوقات الذورة للزوار، وغيرها من التفاصيل التي تخدم تحقيق روى وأهداف المعرض.

شهدت هذه الدورة فعالية بعنوان المشترك الثقافي بين العرب وإسبانيا، فهل ستستمر هذه الفعاليات التي تبحث عن المشتركات الثقافية بين «نحن والآخر»؟

لا شك في أن الاستراتيجية الثقافية لسلطنة عُمان تنطلق من قيم وطنية ثابتة، متطلعة لحوار المستقبل بما تحققة (رؤية عمان 2040) على أن تكون منفتحة على الثقافات الإنسانية الأخرى، وبشكل عام فإن تنفيذ مثل هذه البرامج تعزز الحوار الإنساني بين الشعوب، وتفتح آفاقا أرحب للترابط والتعاون بما يخدم الجميع، وهو نهج تنتهجة وزارة الثقافة والرياضة والشباب بشكل عام، من خلال البرنامج السنوي للوزارة، وسوف تستمر هذه التجارب في فعاليات الوزارة بشكل عام وفعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب.

هل تحصل دور النشر العُمانية على مميزات تفضيلية، أم أنها تعامل مثل بقية دور النشر الأخرى؟

لا شك في أن دور النشر العُمانية خلال المرحلة الحالية أصبحت تشكل رقما جيدا على خريطة معرض مسقط الدولي للكتاب، حيث تأتي في هذه الدورة بالمرتبة الثانية من حيث عدد دور النشر المشاركة في المعرض، ويتم دعم الناشرين العمانيين في أوجه مختلفة خارج معرض مسقط من قبل الوزارة، وفق نظم وبرامج مختلفة، أما في ما يتعلق بالمعرض فيتم التعامل مع الجميع، وفقا لأسس وضوابط مشتركة مع جميع دور النشر المشاركة لضمان العدالة بين الجميع، ويقتصر هذا الدعم على بعض الخدمات الفنية.

ينشر الجمهور وزوار المعرض ملاحظاتهم حول فعاليات المعرض، وكذلك أسعار الكتب، فما مدى استجابة إدارة المعرض للرأي العام، في ما يتعلق بالتنظيم وسعر الكتب؟

تحرص إدارة المعرض بشكل مستمر على إشراك الزوار والناشرين وتستطلع آراءهم ومقترحاتهم في كل ما من شأنه تطوير المعرض، كما أن هناك فريقا مختصا لمتابعة مدى التزام الناشرين بتطبيق شروط معرض مسقط الدولي للكتاب، وهناك استجابة فورية من الفرق المختصة لأي ملاحظات قد تقدم من قبل الزوار، حول تباين أسعار الإصدارات وفق ما هو موجود في محرك البحث، وما هو معروض على الزائر، وبالتالي فإن دار النشر ملزمة بالإسعار الموضوعة في محرك البحث.

في ظل الحديث الدائم عن الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي، والآن ظهر الكتاب المسموع، فهل لا يزال معرض مسقط للكتاب مركّزا على الكتاب الورقي؟ أم يفسح المجال لكل شكل من أشكال اقتناء الكتب؟

إن مواكبة معرض مسقط الدولي للكتاب مع مستجدات العصر والتقنيات الحديثة موجودة، ولا شك في أن الكتاب الورقي حاليا يتم التركيز عليه فما زالت له المكانة الأقرب لدى مختلف القراء، إلا أن الكتاب الإلكتروني أو المسموع مسموح بتداوله خاصة إذا ما ارتبط بالكتاب وفقا لشروط وضوابط المعرض.

لكل معارض الكتاب مردود اقتصادي مباشر أو غير مباشر، فهل توجد أرقام عن العائد المالي لمعرض مسقط للكتاب؟

أصبح معرض مسقط الدولي للكتاب رافداً مهماً من روافد دعم الاقتصاد الوطني من خلال دعم وتطوير القطاعات الأخرى كالقطاعات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، وإقامته وتطويره يعد من المحفزات الرئيسية للنمو والتنوع الاقتصادي والاجتماعي، فهي تشهد انتعاشا وحراكا إيجابيا متوازناً مع الدور التنموي للمعرض كحالة ثقافية واقتصادية ناجحة، وذات كفاءة وجودة، كما يسهم المعرض في الحراك الاقتصادي، حيث يستقطب المعرض سنويا عددا كبيرا من الزوار من داخل السلطنة وخارجها، ما يعكس صورة إيجابية عن المكانة الثقافية للبلد، وتعكس كذلك أهمية هذه المعارض في الترويج للسياحة الثقافية من خلال المعارض والمؤتمرات، وبالتبعية يعمل على تنشيط القطاعات الاقتصادية في السلطنة من حركة الشراء وحجوزات الفنادق والطيران، بالإضافة الى الشحن والتخليص والأسواق وغيرها، وللمعرض دور أساسي في جذب الاستثمارات في مجال الطباعة والنشر والتسويق.

جرت العادة على أن يرافق معارض الكتب هاجس الرقيب على الكتاب، فهل توجد مصادرة للكتب، ولماذا يمنع كتاب من التداول في زمن السماوات المفتوحة، والخيارات المتعددة للحصول على المعلومة؟

في ما يتعلق بهذا الجانب، فالحرية متاحة وفقا للأسس والضوابط التشريعية العُمانية، فلا يوجد لدينا منع عدا ما يتعارض مع تعاليمنا وقيمنا الإسلامية، أو يمس هيبة الدولة، ومن خلال تتبعنا لدورات معرض مسقط الدولي للكتاب، فإن المعرض يعد من أبرز المعارض الثقافية، التي تجسد سقفا عاليا للحرية الفكرية، وثقافة الحوار والانفتاح على الآخر، وذلك من خلال عرض عناوين لإصدارات وكتب متعددة التوجهات والمجالات، فحرية الفكر مصانة وموجودة في أعلى المعايير في المعرض. كما أن المعرض يحتضن سنويا أهم دور النشر من مختلف دول العالم على اختلاف أطيافها وتوجهاتها الفكرية والعقائدية، ومن جانب آخر يسجل المعرض سنويا حضورا مكثفا من فئات المجتمع كافة على اختلاف الشرائح العمرية والتوجهات الفكرية والثقافية والأدبية، وهذا كان أحد المؤشرات البارزة التي رصدت أيضا، وتدلل على ثراء أطر الحرية الفكرية ومدى استيعاب المعرض على تبنيها والعمل من أجل صونها ورعايتها، وفق مبدأ تعظيم سقف حرية الفكر وخلق جو من التفاعل الثقافي البناء، الذي لا يقصي ولا يهمش الآخر، كما أننا نعول كثيرا على الرقابة الذاتية للفرد لاختيار ما يناسبه.

هل توجد خطة لإعلان جائزة معرض مسقط للكتاب، سواء بالنسبة للمجالات الثقافية أو بالنسبة لأفضل دور نشر؟

تدرس اللجنة الرئيسية بشكل مستمر مثل هذه الأفكار التي من شأنها الارتقاء بالمعرض ودعم الناشرين والكتاب، خاصة في ما يتعلق بدعم الكاتب العماني والمكتبات العمانية، حيث تم إعداد عدد من الدراسات في هذا الجانب، وعسى أن نرى هذه الأفكار خلال الدورات المقبلة للمعرض.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي