حلم من ماء

2023-03-07

أديب كمال الدين

غيمة المجهول

تمنّيتُ لحرفي أن يكونَ قطرة ماء

تهبطُ من غيمةِ النّار،

لكنَّ أمنيتي – وا أسفاه-

كانتْ هباءً منثورا.

فغيمة النّار،

أعني حياتي،

تستبدلُ ألوانَها وفساتينها

ورقصتَها الوحشيّةَ أبدَ الدهر

لتصبحَ غيمةَ رماد

أو غيمةَ صمغٍ أو حُبٍّ أو دمعٍ أو…

فماذا أصنع؟

أستنجدُ كالمجنونِ بحرفي!

لكنَّ حرفي لا يعرفُ شيئاً

سوى أن يكتبني قصيدةً جديدة

كلّ يوم

حتّى تحوّلتُ إلى غاباتِ قصائد

تمتدُّ إلى ما شاءَ الله.

ولذا استسلمتُ لحرفي دونَ قيدٍ أو شرط،

وقلتُ لهُ:

كنْ كما اخترتَ

وكما أنتَ

قطرةَ ماءٍ تهبطُ من غيمةِ المجهول.

كأنّني لم أسمع بذاكرتي

البحرُ ذاكرتي

والأسماكُ ذكرياتي.

تكاثرتِ الأسماكُ حتّى مَلأتِ البحر

من أقصاه إلى أقصاه،

وحتّى صاحَ البحر:

أنقذْني مِمّا أنا فيه!

فضحكتُ ومضيتُ سريعاً

كأنّني لم أسمعْ بذاكرتي من قبل

ولم أتعذّبْ من ذكرياتي المُرّة

طوالَ حياتي.

حلم من ماء

لم يَسقِني الفراتُ ماءً صامتاً

بل سقاني ماءً مليئاً بالصخب.

كلّما شربتُهُ أورقتْ في روحي

النقاطُ والحروف

وأزهرتْ فيَّ الأغاني والدفوف.

كانَ الفراتُ يضحكُ بل يقهقهُ ممّا يرى.

وحينَ جلستُ على شاطئهِ ذاتَ حياة

أنزفُ دماً ودموعاً

من قمّةِ رأسي حتّى أخمص قدمي،

سقاني حُلْماً أبصرُهُ ليلَ نهار،

حُلْماً تُحلّقُ فيهِ حماماتٌ وبلابل

وصقورٌ ونسور،

وتبزغُ منهُ صورٌ لبلدانٍ شَتّى

ومراكب غرقى

وزلازل وحروبٍ وطغاةٍ صرعى،

وصورٌ لنساءٍ يتبرّجنَ أبدَ الدهر

ما بين حرف العُري

وحرف الموتِ

وحرف الهذيان.

شاعر عراقي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي