ماذا فَعَلْتُمْ بِالوَطَن؟

2023-02-17

سلمان زين الدين

تَباً لَكُمْ، تَباً لَكُمْ،

ماذا فَعَلْتُمْ بِالوَطَنْ

يا أيها المُتَرَبعونَ على عُروشٍ

آيِلاتٍ لِلزوالِ معَ الزمَنْ؟

بِالأمْسِ كانَ قَصيدَةً

غَزَلَ الإلَهُ خُيوطَها،

وَاخْتارَ منْ أنْوالِهِ الأحْلى

لِيُحْكِمَ نَسْجَها،

فَجَعَلْتُموهُ مَغارَةً لِلْبائِعينَ حَمامَهُمْ،

وَالصَارِفينَ نُقودَهُمْ،

وَأَبَحْتُموهُ لِكًل شَيْطانٍ رَجيمٍ

يَسْتَبيحُ حِياضَهُ،

وَيَعودُ منْ تِلْكَ الإباحَةِ

قالِباً ظَهْرَ المِجَنْ.

٭ ٭ ٭

يا أيها المُتَرَبصونَ بِهِ

الدوائِرَ، وَيْحَكُمْ،

ماذا فَعَلْتُمْ بِالوَطَنْ؟

بِالأمْسِ كانَ مَنارَةً لِلتائِهينَ،

عَلى اخْتِلافِ جُذورِهِمْ،

في غَيْهَبِ الليْلِ الطويلْ،

وَالباحِثينَ عنِ السكينَةِ وَالأَمانِ،

وَواحَةً لِلْهارِبينَ منَ الصحارى،

الظامِئينَ إلى قِراحِ الماءِ

وَالظل الظليلْ.

فَغَدا، بِفَضْلِ جُهودِكُمْ، قَفْراً يَباباً

يَمْتَطي الناجونَ مِنْهُ البَحْرَ،

في جُنْحِ الظلامِ،

لَعَلهُمْ يَحْظَوْنَ بِالْفِرْدَوْسِ،

خَلْفَ الضفةِ الأُخْرى،

وَلَكِن الرياحَ الهُوْجَ لا تَجْري

بِما تَهْوى السفن،

فَتَغوصُ في الأعْماقِ آلافُ المُنى

وَيَعومُ فَوْقَ السطْحِ تُجارُ الكَفَنْ.

٭ ٭ ٭

يا أيها المُتَكالِبونَ

عَلى مَتاعٍ ساقِطٍ،

ماذا فَعَلْتُمْ بِالوَطَنْ؟

بِالْأمْسِ كانَ حَديقَةً

يُفْضي النسيمُ لَها بِلاعِجِ شَوْقِهِ

فَيَبوحُ بِالعِطْرِ المُعَتقِ وَرْدُها،

وَتَكِيةً يَتَخَففُ العُشاقُ

منْ أشْواقِهِمْ فيها،

وَجامِعَةً تُشَرعُ صَدْرَها لِلريحِ

تَعْصِفُ بِالعَتيقِ منَ الكُهوفِ،

وَمَسْجِداً تُصْغي السماءُ

إلى صَدى آياتِهِ

وَتُرَجعُ الأرْضُ الصدى،

وَكَنيسَةً ناقوسُها يَطْوي المَدى.

وَاليَوْمَ أصْبْحَ مِنْبَراً لِفَحيحِكُمْ،

أوْ مَصْنَعاً لِحُبوبِكُمْ،

أوْ مَنْشَراً لِغَسيلِكُمْ،

أوْ مِعْبَراً لِحُدودِكُمْ،

أوْ هَيْكَلاً لِحَمامِكُمْ،

أوْ مَصْرِفاً لِتُهَربوا أمْوالَكُمْ،

أوَ مَرْفَأً لِتُخَزنوا نِتْراتِكُمْ.

تَبا لَكُمْ، تَبا لَكُمْ،

ماذا فَعَلْتُمْ بِالوَطَنْ؟

شاعر من لبنان








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي