الصناعة الثقافية تربط بين ماضي المغرب وحاضره ومستقبله

العرب
2022-12-29

التراث المغربي وسيلة للإبداع والتنمية

محمد ماموني العلوي: أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد مهدي بنسعيد أن المملكة عازمة على النهوض بالصناعة الثقافية وتشجيع الاستثمار في القطاع، كما أن الوزارة ستطلق خلال الأسابيع المقبلة إستراتيجية موجهة للتراث المادي، وأن هذه الإستراتيجية تهدف إلى خلق تنشيط عمومي بجميع جهات المملكة، مبرزا أنها ستشكل مناسبة للانفتاح على الشركات المهتمة بالاستثمار في هذا المجال.

وجاء تصريح بنسعيد في معرض جوابه عن سؤال شفوي بمجلس النواب تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار، مضيفا أنه بخصوص القطاع السينمائي يتوفر المغرب على بنية تحتية مهمة على غرار أستديوهات التصوير الموجودة بمدينة ورززات، مؤكدا أنه سيتم العمل على تسهيل الولوج إلى هذه المدينة وربطها بمناطق أخرى من خلال الرفع من حجم الاستثمارات.

الصناعة الثقافية

 

 

 

المغرب يقر بضرورة النهوض بالصناعة الثقافية والإبداعية وتثمين العنصر البشري والارتقاء بأوضاعه على كافة المستويات

في معرض رده على سؤال حول الدعم المخصص للمسرح باعتباره ضمن دائرة الصناعة الثقافية تقدمت به مجموعة حزب الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، أبرز الوزير أن الدعم المقدم للمسرح سنة 2022 بلغ حوالي 3.8 مليون دولار، ويشمل 1.9 مليون دولار مخصصة ضمن الميزانية الفرعية للوزارة، بالإضافة إلى الدعم المقدم لمبادرة “المسرح يتحرك” بقيمة 1.1 مليون دولار، ودعم مالي قدره ستة ملايين درهم في إطار الاتفاقيات المباشرة مع بعض المسرحيين ممن يقدمون أداء “متميزا” على الصعيد العربي خصوصا.

وأكد سليمان القرشي الكاتب والباحث المغربي أن ما ذكره وزير الثقافة يندرج ضمن البرنامج الحكومي المؤكد على ضرورة النهوض بالصناعة الثقافية والإبداعية، وتثمين العنصر البشري، والارتقاء بأوضاعه على كافة المستويات، باعتبارها من الأولويات المهمة.

كما أن وزارة الثقافة المغربية وعت بأهمية التراث، وخصوصا بعد إعادة هيكلة مديرية التراث الثقافي عام 2006، انسجاما مع تفعيل الاتفاقية الدولية للمحافظة على التراث، وأحدثت الوزارة أيضا جمعيات ومؤسسات ومعاهد وطنية تهتم بالتراث الوطني.

ويرى القرشي في تصريح لـ”العرب” أن المغرب أولى تاريخيا اهتماما قويا بالتراث بدءًا بنشر القانون المتعلق بالمحافظة على المواقع والنقائش التاريخية يوم التاسع والعشرين من نوفمبر 1912، وانتهاءً بمشروع قانون متعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه، ويهدف هذا القانون إلى تعريف كافة الممتلكات الثقافية الواردة به تحت تسمية التراث الوطني الثقافي، وإلى سَن القواعد العامة لحمايتها وصيانتها.

ويشير الباحث في هذا الإطار إلى أن ما حققه المنتخب الوطني لكرة القدم خلال بطولة كأس العالم بقطر يندرج من وجهة نظره في سياق الأولويات التي سطّرتها الحكومة للنهوض بالصناعة الثقافية والإبداعية، وما لها من تأثير كبير على صورة المملكة المغربية. وأوصى في هذا السياق بضرورة استثمار الحكومة المغربية في القوة الناعمة كالثقافة والرياضة والإعلام؛ باعتبارها قطاعات تسهم في إغناء الناتج الوطني.

ويوضح القرشي أن التراث يُعدّ المرآة الصادقة التي تعكس ثقافة المجتمع، فهو سجلّ الشعوب الذي يربط ماضيها بحاضرها، والمستودَع الذي يدّخر أمجادها، ويأوي آثارها، وهنا يَظهر نموذج المملكة المغربية التي عَرفت منذ القدم بحكم موقعها عند ملتقى حوض البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وقارتي أفريقيا وأوروبا، تعاقبًا وتمازجا للحضارات نتج عنهما تراث ثقافي قوي، ويكتسي أهميته من خصوصيته الكامنة في تعدُّد منابعه الثقافية. 

العمل الثقافي والتراث

فنون الماضي وثقافاته تثري الحاضر

أكدت وزارة الثقافة المغربية على تشجيع الصناعات الثقافية سواء تعلق ذلك بالكتاب والفيلم والسينما والمسرح أو التراث، وذلك بالعمل على جلب المستثمرين للإسهام في النمو الاقتصادي ومالية الدولة، حيث تحرص الحكومة على إقناع المستثمرين بأن تحقيق الربح ليس مقصورا على الاستثمار في العقارات أو البنية التحتية، بل يمكن أن يشمل المجالات التي يضطلع فيها الإنسان بدور محوري ومركزي وإبداعي، وهو ما يمثل أساس عمل قطاعات الثقافة والتواصل والشباب.

وكون القطاع الثقافي يمثل هوية وتاريخ المملكة، فقد شدد وزير الشباب والثقافة والتواصل على أن وزارته ستعمل على الدفاع عن التراث المغربي وتحصينه والاعتراف به وطنيا ودوليا، من خلال العمل على ربط هذا الجانب اللامادي بالجانب المادي عبر إعادة تأهيل الأماكن التاريخية والترويج لها من أجل جعلها جذابة للسياحة الداخلية ومرآة لتاريخ الدولة المغربية العريقة وذلك بتنسيق مع وزارة السياحة.

ويوضح سليمان القرشي هذا الالتزام الذي ما فتئ المغرب يؤكد عليه، ويعمل جاهدا على تفعيله، ويقول “ينضوي تحت الرؤيا الملكية المعتزة بالماضي والمهتمة بالحاضر والمستشرفة للمستقبل، هنا أشير -على سبيل التمثيل لا الحصر- إلى الرسالة الملكية التي وجّهها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى المشاركين في الدورة 17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي المنظمة من طرف اليونسكو بمدينة الرباط يوم الثامن والعشرين من نوفمبر 2022 التي أعلن فيها عن إحداث مركز وطني للتراث الثقافي مهمته تثمين المكتسبات المحققة في هذا المجال، ومن مهامه مواصلة الجرد المنهجي للتراث الوطني في مختلف مناطق المملكة”.

وتشمل محاور خطة عمل قطاع الثقافة تقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية التراب الوطني بمؤسسات القرب الثقافي في كل الجهات، وتفعيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد في شقه الثقافي، علاوة على إرساء إستراتيجية ثقافية وطنية تستهدف تعزيز التقائية السياسات والبرامج العمومية وتحديد التوجهات والاختيارات الرئيسية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي