هجاءُ الوهم

2022-11-20

صورة تعبيرية

سليم النفار:

أينَ تأخذُنا أيُّها الآمرُ النَّاهيْ

في فضاءٍ لا نوافذَ فيهِ للكلامْ

لا سلالمَ نحوَ قلبيْ،

أداريْ عليهِ… إذا هبَّتِ الآلامْ

هلْ نُداريْ على التيهِ بالتيهْ؟

وحديْ

صاعداً نجمةَ الدَّربْ؛

بلا خوفٍ من شرورِ الظلامْ

وحديْ

أفتقُ المعنى في سطورٍ قتامْ

لا تُباعدْ حنيني:

إلى سروةِ البيتْ

ها هناكَ المعانيْ،

فلا تكسرْ حرفَها

إنَّها لغةٌ… لا تبيعُ الحلمَ، بصاعٍ من الأوهامْ

فانزلْ

من حلوِ الكلامِ المؤجلْ

امتطيْ روحنا العاليةْ

حيثُ يعلو المكانْ

أنتَ وحدكَ، لكنْ:

لو تمادتْ شرورٌ عليكَ،

ستنداحُ أغنيةٌ تملأُ الأكوانْ

أنتَ معنىً،

فلا تنزلْ عن حدودِ السَّلامْ

مثلما قالهَا جدّيْ

مثلما قَدْ وَعتْها هنا الدُّنيا:

حجرٌ

شجرٌ أو غمامْ

أينَ تأخذنا سيَّدَ الوهمِ؟

دُلَّ قلبي على نبعهِ… دُلَّهُ

كمْ تراهُ سيشتاقُ:

نارَهُ الأولى في مساءٍ بعيدْ

في فضاءِ الأغانيْ،

على بيدرِ القمحِ

هلْ نسيتَ هنا شكلها

حيثُ كانَ النهارُ المجيدْ

في رحابٍ بنا لا تضيقْ

دُلَّني كيفَ أنجو

كيفَ أعلو على وجعٍ

قد تمادى علينا، في مرآتنا

في غبار الطريقْ؟

ها هنا:

لم يَعُدْ مثلَنا

لم نَعُدْ مثلَهُ

قد سقطنا عميقاً، على عجلٍ

في اختبار النوايا

في اختيار الزوايا،

تلكَ التي تحملُ الصّورةَ المُشتهاةْ

هلْ عرفنا بأنَّا رسبنا، رسوباً عميقْ

هلْ عرفنا بأنّا حرقنا سفينَ المنامْ

حينما نشتهيْ وردةً تطفئُ الليلَ فينا

لمْ أرَ ما يدلُّ على صدقنا

لمْ أرَ ما يدلُّ على ندمٍ

أو على صحوةٍ من حريقْ

علَّنا نستدلُّ خُطىً، لا تُداني الغرقْ

علَّنا… هل يكونْ؟

ربَّما… غيرَ أنَّ الهواءَ على حالهِ فاسدٌ

كالحٌ لونهُ…

لوننا في نسيجِ الترابْ

كافرٌ حلمنا

عندما يرتديْ ثوبَهُ الولاةُ الجُددْ

الولاةُ النَّاقمونَ، على كلِّ شيءٍ سوى روحهمْ

يرسِمونَ الأفقَ في صورةٍ؛

من نفاقٍ بليدْ

يطلبونَ العطايا على وسْعها

من دمِ الغارقينْ

في سُعارِ الأمانيْ،

وهمْ في الهوى يُنشدونَ الشَّعارْ

يسرقونَ الزمانْ

يُحرقونَ المراكب، بلا هدفٍ مُستطابْ

ثمَّ لا يخجلونَ على ذاتهمْ منْ نداءْ:

يُنشدونَ البطولةَ فيهْ

ثمَّ يدعونَ أغنامهمْ

أنْ تُباهيْ بوعدِ السّماءْ

أيُّ وعدٍ نُباهي، بلا ماءٍ أو إباءْ؟

هلْ يُعِدْنَ العذارى غشاءَ الطهارةْ،

بُعيْدَ اغتصابْ؟

ليسَ في يومنا غيرُ جُندٍ نيامْ

لو صحا واحدٌ

أو تمادى صُراخٌ قلقْ

تَذْبُلُ الأيامْ

يا حنينَ الحياةْ:

أينها ثورة في جفونِ الأرقْ

حيثما نادتْ

لا تناديْ سوى عزٍّ في ألقْ

أينها يا سوادَ الكلامْ؟

كلَّما نادتِ الدنيا هنا سِعَةً، قادها شررُ

حيثُ لا عقلٌ لا، ولا خفرُ

أينَ تأخذنا سيَّدَ الوهمِ

فالأساطيرُ هنا تاهتْ

من فراغٍ،

وأعماها عن وصولٍ دليلُ

والسُّدى منتهى الآمالْ

هل ترى

أمْ سوى عينيكَ، دليلاً بهِ عَوَرُ

أينَ تأخذنا؟

ها هنا:

لم تَعُدْ أمي تطبخُ الأحلامَ؛

على شُرفةِ الفجرْ

لم يعُدْ من حقولِ اللوزْ:

طيرُها

أو صبايا الحنينِ الباسقاتْ

لم يَعُدنَ على رسلهنَّ،

يُناغينَّ سربَ الحمامْ

في أفولِ العملْ

ها هنا

لم يَعُدْ يُشْبِهُ التَّاريخْ

كلُّ ما في جعابِ الشيخْ

بعضُ قولٍ؛

بلا ماءْ

ها هنا

لا بلادٌ على وعدها تمشي

لا جنودٌ تُطيعُ

لا حياة ترى

بل حدودا في هواءٍ تضيعُ

منْ أنا في انهيار الأماني،

سوى غنمٍ لا يُداريهِ راعٍ

ولا… لم يفقْ بعدُ هذا القطيعُ

 

شاعر فلسطيني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي