الجندي

2022-10-24

نبيل منصر

هَلْ تكْفي مائة كيلوغرام مِنْ المَجد،

لِتُسلِّمَ سَيفَك،

وتُطلقَ حِصانَك الأبيض في التلال المُترامِية

وتنْشُرَ ثيابَك على شجَر السَّدر القديم

وتدْعَسَ الأشواكَ القليلة التي تناثرت في المَمْشى

وتَرْمِيَ جُثتك أخيراً في النهر الجاري؟

لا تَسْبَحْ،

لا تُلوِّحْ بِيَدِكَ النازِفَة في خِرْقَة مُهْترِئة

لا تُعبِّئ قارورة بِكلماتِك الأخيرة

دَعْ جِسمَك يَسري كَدُبٍّ كبير في التيَّار

سَتفِرُّ مِن حَواليك أسرابُ الطيور

سَتُعتِم كالليل أجنحةُ الفراشات الطويلة،

يَسوَدُّ العُشبُ،

ويَحمِلُ سَمَكُ السَّلمون بُيوضَه إلى أجراف أُخرى.

لَن ترفَعَ بَيْرقاً في الطريق

وسَتكون أكبرَ مِن أنْ تتلقَّفَ مَهدَكَ غزالة.

الحيواناتُ سَتجفل مِن قامتِك المُنحنية التي لا تُشبِهُ أيْلاً

ولا زورقاً سعيداً.

اِمضِ مع التيار، غُص في الموجة

لا تتوقَّف

لا تندَمْ

الأشجارُ لَنْ تَطرَح ثِمارَها هذا العام

وفي المَوسِم القادِم سَيرميها البرابرة القادمون بالنار.

واصِلْ انحدارَك المائِي،

وَسفرَك المجهول،

وإذا اعترضَ طريقَك خارون

أو واحدٌ مِن أحفاده،

يَجولُ بِقارَبِه الكَئيب الفارغ،

وقد ثقلتْ جُيوبُه بالدَّراخِم

لا تَلْتَفِتْ إليه

قُلْ له إنكَ تَركتَ تِمثالاً بالمَدينة

في ساحة أُهرِقَ عليها كثيرٌ مِن الخَمرة والوَرد

والموسيقى،

قُلْ إنكَ لَم تَعُد جَسداً ولا ريحاً رَخِيَّة

إنَّ طريقَك في الماء

سَيمضي طويلاً في الليل وما بَعْدَهُ

في الغابة وما خَلفَها، في المطرة وما وراء

النَّهر.

شاعر من المغرب








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي