
أصالة لمع
لولا الطريق
لكان الوصول
بلا طائل..
«لنا في الخيال حياة»
يقول الرجل
الذي جعلني شاعرة.
«ولي في الطريق خيال»
أقول وأنا أحاول أن أكون
امرأة عادية
تصمد يوماً آخر…
أرتّب الاحتمالات في مخيلتي
أرسم طرقاً ممكنة
وطرقاً مستحيلة،
طرقاً مباشرة
وأخرى دائرية، أو متعرجة
أو طرقاً
أبالغ في تفريعها
نحو وجهات لا تُحصى
هكذا
أشحذ الخيال بالطريق
والطريق بالخيال
لم أتخيّل يوماً
مكاناً أصل إليه
لكنني تخيلت ألف طريق
تقودني إلى اللامكان
هكذا يبدو الغد في رأسي
مشرّعاً على الأسئلة
هكذا يجري اليوم
في خيالي
كبعد ظهر شتوي عاديّ
حين تظن أن الطمأنينة تحكم العالم
من خيوط بخار فنجان قهوتك
وجلستك الوثيرة!
فيما داخل رأسك
قفيرٌ
والأفكار تتنازعك
كما يتنازع طفلان
لعبة قديمة
صارت فجأة
كل ما يهم.
على الطرقات اللامتناهية
في الخيال الشاسع
أبني وأهدم
عوالمي الخاصة
تزهر أشجار الكرز
ثم تصفر أوراقها فجأة
كأن الصيف تعثر
في مكان ما
في خيالي…
أشتهي شيئاً ما
بإلحاح طفولي
ثم تذوب رغبتي فيه
بلا سبب
يرتفع الحلم شاهقاً
ثم ينهار
كبناية هشة من حجار الليغو..
٭ ٭ ٭
في خيالي أيضاً
أتأمل فراشة لا تقرب الضوء
وأكرهها،
وأمضي.
وأتأمل طفلة ترفض ارتداء
فستان الأميرة الزهري
وأحبها،
كأنها أنا.
في خيالي،
عناق دائم،
لغائب.
وكلمات كثيرة
قلتها
لم أقلها
سأقولها يوماً،
تراكمت هنا
كما تتراكم أشياء بلا أهمية
في مخزن منسيّ
في خيالي،
قصيدة سأكتبها
لكنني عالقة دوماً في منتصفها
وأغنية سأرقص عليها
كل هزائمي
حين أتقن التانغو
في خيالي،
يجدّل حبيبي شعري،
ويضع فيه
خصلة من الوزّال الأصفر.
في خيالي،
يقول طفلي،
بأنني أجمل امرأة في العالم.
٭ ٭ ٭
في خيالي،
أعتذر كل يوم
لكل المقهورين في العالم
كأنني من سببت لهم الأذى
وفي خيالي أيضاً،
تسقط نجمة،
أتمنى أمنية،
ويختفي العالم.
أناقش نفسي أحياناً
بصوت خفيض:
سيقودك الأمر إلى الجنون
أجيب بثقة:
ليس الحالم مجنوناً
الجنون أن يكون داخل رأسك
هادئاً
كموت خفيف.
ليس الخيال شيئاً موازياً
في وجودنا
بل هو متن اليوم
والذراع التي
تتلقفنا
كلما ركلنا الواقع
بطابته المثقوبة.
لكنني
في أوقات متأخرة
أضع رأسي بين يديّ
أحدق في الظلام
بفزع
أخشى أن أستهلك خيالي كله
فلا أجد ما أسد به
غداً
رمق يوم آخر
شاعرة من لبنان