"رحلة الخروج": فرجينيا وولف في بداياتها

2022-08-17

عندما بدأت بكتابة روايتها "رحلة الخروج"، عام 1910، كانت فرجينيا وولف (1882 ــ 1941) تمرّ بواحدةٍ من أصعب فترات حياتها؛ حيث كانت تعيش في حالة من الكآبة والإرهاق النفسي منذ رحيل والدها، وهي التي فقدت، مبكّراً أمّها، لتجد نفسها وحيدةً تقريباً في عالم يطرح عليها كثيراً من الأسئلة الوجودية التي لم تجد حلّاً لها إلّا في محاولة الانتحار، وهي ما تزال في مقتبل العمر.

في هذا السياق، جاءت كتابة الروائية البريطانية لـ"رحلة الخروج" أشبه بتمرين على الشفاء، أو محاولة الشفاء، من الأزمات النفسية التي ستعتادها طيلة حياتها. ولعلّ صعوبة إنهاء روايتها الأولى هذه، التي أخذت منها خمس سنوات (نُشرت للمرة الأولى عام 1915)، دليلٌ على هذا المخاض العسير الذي كانت تعيشه، وعلى مواجهتها ــ بالكتابة ــ لهشاشتها النفسية.

عن منشورات "التكوين" في سورية، صدرت حديثاً نسخةٌ عربية من "رحلة الخروج"، بترجمة إرم ديوب؛ وهي ليست النسخة الأولى أو الوحيدة، إذ كانت "الهيئة العامة للكتاب" في مصر قد أصدرت ترجمة للرواية ضمن "سلسلة الجوائز" بتوقيع راقية جلال الدويك.

تحكي الرواية قصّة راشيل، وهي شابة بريطانية في الرابعة والعشرين من عمرها، تخوض رحلة في القارب إلى أميركا الجنوبية، حيث ستقيم لمدّة في فندق يرتاده الأوروبيون، والبريطانيون خصوصاً.

تتعرّف الفتاة خلال رحلتها على العديد من الشخصيات، التي تراقبها وتحلّل تصرّفاتها، ولا سيّما الزوجين كلاريسا وريشارد دالاوي (اللذين سيعودان، لاحقاً، في رواية وولف الشهيرة "السيدة دالاوي")، واللذان يظهران أوّل الأمر كشخصين مثاليين، حكيمين وطيّبين، لكنها سرعان ما ترى فيهما، ولا سيما في الزوج، علامات التهوّر وازدواجية الشخصية.

وستفعل راشيل الأمر ذاته في فندق "الأوروبيين"، حيث ستجد أشخاصاً لا مبالين، تنتقد تصرّفاتهم المتعالية والبليدة، وتنتقد ــ عبرهم ــ مجتمعها البريطاني وقيَمه.

 كلّ هذا يجعل من رحلة الفتاة البريطانية رحلةً لاكتشاف الذات، ما يجعل "رحلة الخروج" روايةَ تعلُّم ونُضج، إلى جانب عدد من أبرز الروايات في هذا النوع الأدبي، مثل "التوقّعات الكبيرة" لـ تشارلز ديكنز و"الأحمر والأسود" لـ ستندال.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي