مختارات من "البياض الباقي"

2022-08-07

فادي العبدالله

الأبيض شيب البجعة

على شاشةٍ بيضاء

تقطعُ الموسيقى

وتتركُ أصابعكَ تطبع:

"الأبيض

شيب البجعة"

ثم تمحو وتعيد الطباعة:

"البجعة لا تغسل الرماد

عن ريشها

ليلمع بياضها

فقط تتقدم في العمر"

ثم تمحو وتطبع مجدداً

حتى تتذكر أن في درجك ورقة بيضاء

وقلم رصاص

وأحلام كتابة ولوائح بالأفكار والكتب

التي لن تكتبها

ثم تخرج إلى القناة

باحثاً عن بجعة في الماء

أو تعرج بقدميها السوداوين على العشب النضر

على طاولتك شاشةٌ مطفأة

وورقة عليها آثار خربشة تشبه منقاداً

وربما تكويرة جناح

***

أي جهد ليقوم ميت واحد؟

وماذا عن كل أولئك الذين

تحت القصف الجنونيّ

أقاموا أعراسا خجولة

حيث عريس خائف وصبية خفراء

يحلمان بليلة وولد يغيّران حفاضاته

ويمسحان مخاط انفه

بفخرٍ أخرق

عن حربٍ اخترقْتُها

كسهمٍ فاقد الذاكرة

وبعينٍ عشواء

لم تتولّد الاستعارات الحديدية

ولا تفجّرت مفاجرها

ربما لا تزال هناك

في رحمي

أجنّة سامّة على حافّة أن تذبحني

الذي مات بعد الحرب تلك

على الطريق أو في البحر

أو بسرطان تافه أو حتى بخطأ مطبعي

لا تذكره يافطات الشهداء وأهلوه

مضوا إلى أفراح أخرى رغم العفن الذي في روحهم

لا أحد يطيق بعثه

نجونا من الحرب بصدفة واعية

رَتّبتْ لنا سنوات يانعة كأحدث الغابات

ولفّات عديدة للكوكب على المسافة المثالية

من الموت ومن الحياة

***

أربعون

إلى ش.

1

أما وقد بلغتَ الأربعين

فاكتب ما يروعك:

مرور الريح في ورق الصنوبر

مثلاً

عبق الياسمين

أو طعم الإجاص منكهاً بالحبق

وجهها الصغير

وعيناها كثيفتا الحدق

السؤال المعلق، كالألم،

كالنغم،

عن الألم، ملحاحاً كبحر

2

اكتب أيضاً

لوائح لتحسب أنك عشت

لتحسب أنك ستعيش

لوائح عن الضحك

والذهول

وما تراه ينفعك ربما

في مقلبٍ ثانٍ

من مقالب العمر

وتجنب الخلاصات والذكاء

وحِكَمَ الذابل من الروزنامات

3

لن يعصمك الكلم من أمراض الجسم

وضرورات الحمية

ولا من خوف الرفض

والخذلان

لكن أقِمْ به

في فيءِ مزاراتِ من هويتَ ومن أحببتَ

بهم تستعين على بعد السفر

وبَرْدِ اليقين

الآن

والقلمُ يجري وأنت ـ لبرهة ـ

في الخلد معهم

حتى الخوف المقبل يا فتى

***

سباق

أولِمُ لأملي

كشحّاذ

يطعمُ جراءه التي

بها يستجرّ عطف العابرين

أولِمُ لألمي أيضاً

كشحّاذ

يطعم جراءه...

قامرتُ بكلّ ما لديّ على هذين

ولم يبقَ في يدي شيء

ماذا لو أتى الرضا أسرع الراكضين؟







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي