محمّد محمّد الخطّابي
عن سنّ 99 عاما، توفيت في بلدها ومسقط رأسها كوبا في 27 يونيو/حزيران من العام الجاري 2022 الشاعرة الكوبية الكبيرة فينا غارسيا ماروث، هذه المرأة التي وهبت حياتها للشعر منذ نعومة أظفارها، كانت من أعظم الشاعرات في العالم الاسبانوأمريكي، عالجت في إبداعاتها الشعرية مختلف الأغراض، وقد تُرجم شعرها إلى العديد من اللغات الحية منها اللغة العربية، وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن قصيدتي «لو ضاعت كلّ قصائدي» و«من أيّ صمتٍ أنت» مدرجتان في كتابي الأخير الذي يحمل عنوان: «قطوف دانية» من الشعر الإسباني والأمريكي اللاتيني المعاصر الصّادر مؤخّراً عن دار النشر الأردنية خطوط وظلال للنشر والتوزيع والترجمة» وقد تمّ عرضه بنجاح في المعرض الدولي للكتاب الأخير المنعقد في الرباط (المغرب) من 2 إلى 12 يونيو 2022.
حصدت الشاعرة فينا غارسّيا ماروث العديد من الجوائز الأدبية في بلدها كوبا (الجائزة الوطنية للآداب) وفي مختلف بلدان أمريكا اللاتينية وإسبانيا منها الجائزة الإيبيروأمريكية للشعر بابلو نيرودا (تشيلي) وجائزة الملكة صوفيا للشعر كذلك وجائزة فيديريكو غارسيا لوركا الشعرية المرموقتان في إسبانيا، من أعمالها الشّعرية: «نظرات ضائعة» و«زيارات» و«أنغام قديمة» و«أنطولوجيا مختارة» التي اخترنا منها القصيدتين المدرجتين «لو ضاعت قصائدي» و«من أيّ صمتٍ أنت أيها الصّمت؟ كما (تضمّن القصيدتين الآنفتي الذكر كتابنا «قطوف دانية») ومن أعمالها كذلك «اللحظة النادرة» وسواها من الدواوين والدراسات والبحوث الأخرى في مختلف مجالات الفكر والثقافة الحياة. كانت عضواً نشيطة في مجلة (جذور) الشهيرة التي أسّسها الشاعر الكوبي خوسّيه ليساما ليما، الذي كان متأثراً بالشاعرين الإسبانيين المعروفين فيديريكو غارسيا لوركا وخوان رامون خيمينيث (حاصل على جائزة نوبل في الآداب 1956).
لو ضاعت كلّ قصائدي
لو ضاعت كلّ قصائدي
فإنّ الحقائقَ الصّغيرة التي تسطع فيها
ستبقىَ على ما هي عليه
داخلَ صخرةٍ رماديّة
أو إلى جانب الماء
أو بين أغصانِ ربيعٍ أخضر.
لو ضاعت جميعُ قصائدِ العالم
ستعمل النارُ على تردید
ذِكرها دون انقطاع
نقيّةً من كلِّ غثاء
وهكذا سيعود الشعر الباقي
لينبثقَ من جديد
ويتفتّق مرّةً أخرى
صائحاً مع كلِّ فجر.
٭ ٭ ٭
من أيِّ صمتٍ أنتِ؟
من أيّ صمتٍ أنت أيُّها الصّمت؟
من أيِّ صوتٍ أو صيّاح؟
هلْ مِنْ مُجيب؟
هوّة من الزّرقة
ماذا نفعلُ هنا في حضنك
نحن مَعشر أبناء الكلم
أيُّ علاقةٍ لك بنا أنت، قلْ؟
كلما نأيتَ عنّا
فأنت منّا قريب
حتماً يصيبنا الظمأ
إذا لم يكن هناك ماء
آه، مَنْ يُغمِض لي عينيّ إشفاقاً
فأنا يا صغيرتي،
في إمكاني أن أملك
ما لا وجودَ له في السّماء والمياه
ويبقىَ بصيصُ الضّوءِ الخافتِ تائهاً
فالنار تُبعثُ من جديد بالشّعاع .
كاتب ومترجم من المغرب