السماء بيانو والنجوم أزرار

2022-06-05

حسين بهيّش

شذرة في خاتم السماء

1

في الجاهليةِ

كانت الصحراء خطوةً

والحبُ عطشًا

والمكاتيبُ سلوةً

والقُبلة نذرًا

أمّا الآن

فالهواتفُ النقّالة أفسدت كل شيء.

2

لو كان للضوء صوت

هل سيكون لطيفًا مثلَ صوت الماء؟

لو كان للضوء رائحة

هل ستكون جميلةً مثلَ الورد؟

الشمسُ زرٌّ متماوتٌ للضوء

وأشعَّة تبهج الكون

ولمبة الصباح الغارق في الغيوم

أم القمر عين الليل الواسعة

والنجوم عيونٌ أُخرى لم تنجح في النموّ؟

3

الغيمة شذرة في خاتم السماء

لكنَّها عندما تمرّ سوداء

تقبض القلب

وتبكي بكاء الشيوخ.

4

أُفَلّي رأسَ الوردةِ لأنتزع العطر

أقف مثلَ شامة في وجه حسناء

لأصيد نظرةَ عاشقٍ متمرِّدٍ

أجهل أسماءكِ

وفي حضرة الناي أبكي

أمّا في حضرتكِ

أقول افتحي النافذة

ليصل عطرُ القبلة الهوائية إليكِ.

■■■

في رأسي نفق طويل

في رأسي نفق طويل مشبّع بالليل

تطيرُ منهُ الخفافيشُ كلَّما ذاب النهار

ومن الوحشةِ صرتُ أحملني مثلَ جرّةٍ متكسِّرة

متجزئاً وأشتهي أن ألمحَ مصباحًا ما

يرشدني في المدن الكئيبةِ هذه

وحيدًا أجوب الشوارع مثلَ الهواء

يطاردني ظلّي فوق جسرٍ معلَّقٍ

أمشي به للانهايةِ.

محبوسًا في فكرةٍ اسمها الموت

كلّما سمِعتُ صوت قفلٍ يفتح

أتخيَّل أنَّ الطريق سينتهي

لكنَّه يبدأ

أنتظر امرأة على حافّة السطر

مع كل قصيدةٍ أُلوِّح لها في النهاية

أناجيها مثلَ ضوء

وأتحيَّن خيالًا ما يَقِلُّني إليها

عسى أن تُدَفِّئ جثّتي الباردة.

أحملُ على كتفي صور الماضي

مثلَ حطابٍ يحمل فأسهُ

رحتُ أقطَعُ ما تبقّى من ذكرياتٍ

ولأرى النور من فتحة قفل الباب

جلستُ على طاولتي مع كراسٍ فارغة

هكذا ذاب كل شيءٍ.

■■■

أذهبُ إلى العمل مثلَ جاسوس

اقترب الليل ولمع الجنون

السماء بيانو والنجوم أزرار

استعدّ القمر، انطلقت النسمة

والغيم دفٌّ يستقبلُ العروس

الشمسُ حلوةٌ وهي توقظ الناس من الحفلة.

في حيّنا لا تسمع ضحكات الأطفال نهارًا

بل ترى الكآبة المتوحّشة في وجوه الجيران

حتى اللصوص لا يدخلون هذا الحيّ.

أطوي شعري مثلَ رجلٍ خمسينيّ

أذهب إلى العمل مثل جاسوس

أبحث عن ضحكتي في الطريق

وأفتّش في المبنى عن امرأة رأيتُها هنا

وعن أُخرى رأيتها هناك.

أمرُّ بالحياةِ تاركًا المعنى خلفي

مثلَ أعمى لا يكترثُ للمسافةِ

بل على أيّ كتفٍ سيستند

أطرق على الأرض بعصاي

عسى أن ينهض الموتى

أو تفتح الشوارع أبوابها.

شاعر من العراق







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي