التمارين تدمر ركبتيك.. نصيحة خاطئة لا تتبعها

2022-05-17

التمارين تدمر ركبتيك.. نصيحة خاطئة لا تتبعها (التواصل الاجتماعي)

محمد صلاح

لا يزال هناك من يقولون "إن الرياضة تدمر الركبتين"، رغم أن جراحة العظام في جامعة نيويورك الدكتورة كورديليا كارتر تقول "بالعكس، هناك كثير من الأدلة على أن التمارين لها تأثير وقائي على الركبتين".

ففي عام 2017، أوضح خبراء مشاركون في المؤتمر الألماني لجراحة العظام "أن ممارسة أنواع محددة من التمارين تظل الطريقة المثلى لتقوية مفصل الركبة، ووقف هشاشة العظام".

وفي العام نفسه، قام باحثون بمتابعة 2000 من العدائين الحاليين والسابقين لعدة سنوات، ووجدوا أنهم كانوا "أقل عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل"، كما اتضح إمكانية علاج آلام الركبة التي قد يصابون بها بمزيد من التمارين.

وفي عام 2019، أكدت الكلية الأميركية لأمراض الروماتيزم والتهاب المفاصل أن "الرياضة مهمة جدا لمن يعانون من هشاشة العظام وآلام الركبة، وأن الأعراض تقل مع المواظبة".

كما أظهرت الدراسات أنه يمكن زيادة "الميتوكوندريا" (أجزاء من الخلية تستخلص الطاقة اللازمة من الغذاء للحفاظ على الحياة) بواسطة التمارين؛ مما يعزز اللياقة البدنية والقدرة على التحمل بنسبة 50%، و"يقلل هشاشة العظام، ويجعلها أكثر كثافة".

ومؤخرا، نُشرت مراجعة منهجية لـ43 دراسة للتصوير بالرنين المغناطيسي، وأكدت "غياب أي دليل على أن الجري يسبب ضررا لغضروف الركبة".

خطورة تجويع الغضروف

ميكايلا خان، الباحثة في جامعة كولومبيا البريطانية، والمشرفة على المراجعة المنهجية الجديدة التي أجريت على 43 دراسة حول الجري والغضاريف، ونُشرت أول هذا العام؛ أخبرت صحيفة "نيويورك تايمز" (nytimes) الأميركية أن "الغضروف نسيج حي ممتص للصدمات" ويتكيف ويزدهر مع الاستخدام المنتظم، أما الوضع الخامل فيحكم على الغضروف أن يصبح هشا، ويفشل في النهاية مع تقدم العمر".

لذلك فإن التمارين الدورية لتحمل الوزن -مثل المشي والجري- تضغط على الغضروف الداعم لمفصل الركبة مثل الإسفنج "لطرد النفايات، وضخ إمدادات جديدة من المغذيات والسوائل الغنية بالأكسجين، مع كل خطوة".

وهذا ما يفسر -على سبيل المثال- ما أشارت إليه دراسة صغيرة عام 2010 من "تحسن بنسبة 1.9% في قوة الغضروف وجودته لدى غير المتسابقين الذين تابعوا برنامجا للجري لمدة 10 أسابيع".

كما أنه يساعد في تفسير السبب في أن "المسارعة إلى تخفيض مستوى التمارين بمجرد ظهور أول علامة لألم الركبة قد يؤدي إلى نتائج عكسية".

وتقول جاكي ويتاكر اختصاصية العلاج الطبيعي وباحثة التهاب المفاصل في جامعة كولومبيا البريطانية أيضا -محذرة من يعانون من بوادر مشاكل في الركبة، ويتحولون إلى تمارين ذات تأثير منخفض ظنا منهم أنها ستحمي مفاصلهم- أن هذا التصرف لن يؤدي إلا إلى "تجويع الغضروف".

التمرين تغذية وتقوية للغضروف

الوقاية إذن تبدأ من "تقوية الغضروف" (كطبقة ملساء من الأنسجة، تسند عظام الركبة والمفاصل الأخرى، ويُعد انهيارها سببا رئيسيا لهشاشة العظام) من خلال الحركة. فضعف الغضروف وتآكله "هو ما يؤدي إلى التهاب المفاصل". ووفقا لدراسات على الحيوانات، وجدت أن التي تجري منها لديها غضاريف أقوى من تلك الأقل جريا.

وفي دراسة نُشرت عام 2020، نظر الباحثون في ما إذا كانت هذه النتائج تنطبق على البشر أيضا، وأشارت إلى أن "التهاب المفاصل يتطور كلما كانت قدرة الغضروف على الإصلاح محدودة".

لذا يظل احتمال إصابة العدائين بألم في الركبة قائما بمعدلات مرتفعة، إذا لم يضعوا إجراءات الوقاية المرتبطة بالمسافة والسرعة وكثافة التمرين واختيار الحذاء المناسب في اعتبارهم، و"ما لم يتدربوا بشكل صحيح"، حسب الدكتورة كارتر التي توصي بممارسة اليوغا "كعلاج طبيعي منزلي للمساعدة في تجنب إصابات المفاصل".

لا تتوقف ولكن أعد توزيع الأحمال

هناك حد لسرعة المفصل في التكيف مع الضغوط، فوفقا لعالم الفسيولوجيا بجامعة كاليفورنيا الدكتور كيث بار فإن الخلايا في الغضروف تستجيب بشكل إيجابي للتمرين لمدة 10 دقائق تقريبا.

وبعد ذلك "يتراكم المزيد من الضغط والتلف في الأنسجة من دون مزيد من الفوائد"؛ فإذا تسبب التمرين مرة أسبوعيا لمدة ساعتين في إصابتك بألم في الركبتين فيمكنك محاولة تقليل المدة إلى ساعة واحدة مرتين في الأسبوع.

لذلك، يخبرنا الدكتور جان فرانسوا إسكولييه رئيس الأبحاث المشارك للدكتورة خان أن "ألم الركبة الذي يستمر أكثر من ساعة بعد التمرين، أو الذي يظهر في الصباح بعد التمرين؛ هو علامة على أن المفصل كان يتحمل فوق طاقته". وحتى هذا لا يعني أنك بحاجة إلى التوقف عن ممارسة الرياضة، أو تغيير التمارين؛ فقط عليك تعديلها بحيث تصبح أقل مدة وأكثر تكرارا، كما أوضح الدكتور بار.

احذر من اندفاع نهاية الأسبوع

في معرض تحذيرها لمن يتحمسون لممارسة الرياضة أحيانا في عطلة نهاية الأسبوع، توضح ويتاكر أنه "لا تمرين يأتي من فراغ، وبعد شهور من عدم النشاط؛ فما تستطيع ركبتيك تحمله اليوم يعتمد على ما فعلته بها خلال الأسابيع والأشهر الماضية".

وتنصح بالقيام ببعض تمارين القوة "لإعداد وتأهيل ساقيك قبل وضع أي ضغوط جديدة عليها"؛ إذ يمكن لبرنامج بسيط للمبتدئين من القرفصاء (الاسكوات) والدفع بالركبتين للأمام، في 3 مجموعات و10 إلى 15 تكرارا؛ أن يقوي العضلات التي تحافظ على استقرار الركبة وتصلب الأوتار والأربطة حول المفصل.

كما تنصح الباحثة في التهاب المفاصل في جامعة جنوب الدانمارك الدكتورة إيوا روس "بالحركة عالية الجودة أثناء الأنشطة اليومية، مثل الجلوس والنهوض على الكرسي، باستخدام كلا القدمين، وعدم استخدام اليدين؛ والتأكد من أن الركبة والورك على استقامة واحدة وثابتة (عدم التمكن من محاذاتهما، علامة على الحاجة إلى تقوية عضلات الساق والوركين)، والالتزام بالشيء نفسه عند صعود السلالم والجلوس على المرحاض.

حتى الرباط الصليبي

حسب "مايو كلينك"، يمكن أن يساعد التمرين والتدريب المناسبان -تحت إشراف اختصاصي الطب الرياضي أو العلاج الطبيعي أو المدرب الرياضي- في الحد من مخاطر إصابة الرباط الصليبي الأمامي، وذلك من خلال التدريب على ممارسة تمارين تقوية العضلات الأساسية، بما في ذلك عضلات الساق والوركين والحوض وأسفل البطن، والحفاظ على عدم تحريك الركبة إلى الداخل خلال تمرين القرفصاء.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي