نيويورك تايمز: تصوران لإنهاء الصراع في أوكرانيا كلاهما ينطوي على مخاطر جمة

2022-05-15

بمزج تلك الحقائق مع عالم يتعرض فيه الروس على نحو مباغت للهزيمة، وتذهب فيه المكاسب التي حققوها على الأرض أدراج الرياح (أ ف ب)

يقول المحلل السياسي الأميركي روس دوثات إن احتفال روسيا في التاسع من مايو/أيار الجاري بيوم النصر إحياء لذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية مضى من دون أن يعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن أي تغيير في إستراتيجية حربه على أوكرانيا، الأمر الذي يزيل قليلا من ضباب الحرب هناك.

ويضيف دوثات في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) أن ذلك يعني استمرار الحرب الطاحنة في جنوب أوكرانيا وشرقها، مع ما يتبعه ذلك من التخلي عن هدف الإطاحة بنظام الحكم في أوكرانيا والاستعاضة عنه بالحاجة إلى امتلاك الأراضي التي قد تُضمّ في نهاية المطاف إلى الاتحاد الروسي.

بوتين لن يخاطر بتصعيد أعلى

ويقول الكاتب إن من المؤكد أن بوتين لا يعجبه تدفق السلاح الغربي نحو أوكرانيا، لكنه يبدو على استعداد لخوض غمار الحرب وفق تلك الظروف بدلا من المراهنة على مزيد من المخاطر الوجودية.

ويضيف أن ما يعدّه نجاحا للغرب ستتمخض عنه معضلات إستراتيجية جديدة، وأن هناك تصورين يلوحان في الأفق في الأشهر الستة القادمة.

التصور الأول

التصور الأول يتمثل في تبادل روسيا وأوكرانيا مساحات صغيرة من الأراضي وهو ما سيجعل الحرب تهدأ تدريجيا لتتحول إلى "نزاع مجمد" على غرار النمط المألوف للحروب الأخرى في البلدان المجاورة لروسيا.

وفي ظل ظروف كتلك قد يتطلب أي اتفاق لسلام دائم من روسيا التنازل عن بعض الأراضي التي غزتها في شبه جزيرة القرم ومنطقة الدونباس.

ومن شأن ذلك -حسب الكاتب- أن يمنح موسكو "مكافأة واضحة على عدوانها بغض النظر عن كل ما فقدته في طريقها لغزو أوكرانيا". وقال إن "الأمر مرهون بحجم الأراضي التي سيُتنازل عنها وهو ما قد يجعل أوكرانيا دولة مبتورة، مشوهة وضعيفة رغم ما تحققه من نجاحات عسكرية".

ويؤكد أن اتفاقا من هذا القبيل قد لا يبدو مقبولا في كييف أو واشنطن، ومع ذلك فإن البديل هو استمرار جمود الوضع، و"هو ما سيجعل أوكرانيا أيضا ضعيفة وتعتمد على تدفقات الأموال والمعدات العسكرية من الغرب، وأقل قدرة على إعادة بناء ما دمرته الحرب"، حسب قوله.

التصور الثاني

أما التصور الثاني فهو الذي يزعم فيه الجيش الأوكراني أنه أصبح قريب المنال من الانتصار، ذلك لأنه بفضل المساعدات العسكرية والعتاد الغربي سيكون قادرا على تحويل هجماته المضادة المتواضعة إلى أخرى كبيرة ودحر الروس ليس فقط إلى ما وراء خطوط ما قبل الحرب بل ربما إلى خارج الأراضي الأوكرانية بأسرها.

ومن الواضح أن ذلك هو المستقبل الذي تريده الولايات المتحدة -حسب قول الكاتب- عدا التحفظ البالغ الأهمية الذي يتعلق أيضا بالمستقبل الذي يصبح فيه التصعيد النووي الروسي فجأة هو الأكثر احتمالا مما هو عليه الآن.

ويشير دوثات إلى أن الغرب على دراية بأن العقيدة العسكرية الروسية تتوخى استخدام أسلحة نووية تكتيكية دفاعية بغية تحويل دفة الأمور في حرب خاسرة؛ وعلى الغرب افتراض أن بوتين والمحيطين به سينظرون إلى أي هزيمة ماحقة في أوكرانيا على أنها سيناريو يهدد نظام الحكم في روسيا.

وبمزج تلك الحقائق مع عالم يتعرض فيه الروس على نحو مباغت للهزيمة، وتذهب فيه المكاسب التي حققوها على الأرض أدراج الرياح، "فسنكون إزاء وضع عسكري يكتنفه خطر نشوب حرب نووية لم يحدث منذ الحصار البحري الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا عام 1962″، على حد تعبيره.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي