لماذا يؤدي السعي وراء السعادة أحيانا إلى نتيجة عكسية تماما؟

د ب أ – الأمة برس
2022-05-13

لماذا يؤدي السعي وراء السعادة أحيانا إلى نتيجة عكسية تماما؟(بيكساباي)

برلين - يجب على المرء أن يكون سعيدا! وهو يمكنه أن يكون كذلك إذا كان يرغب حقا في تحقيق ذلك. كل ما عليه فقط هو أن يسعى وأن يعمل على تحسين نفسه وسلوكه لتحقيق ذلك، بحسب ما يقوله الكثير من مدربي الحياة.

وتهدف العديد من كتب المساعدة الذاتية والندوات، إلى وضع خارطة طريق لما يمكن القول أنه الوجهة المرغوبة للغاية بالنسبة للجميع، ألا وهي السعادة.

ولكن، هل الامر بهذه البساطة!

إذا كان هدفك هو أن تصبح أكثر سعادة، فإنك تقوم تلقائيا بتقييم مدى التقدم الذي تحرزه، "وتدرك بصورة طبيعية أنك مقصر، وهو أمر غير مرض. وكلما زاد اهتمامك بذلك، كلما أصبحت أكثر تعاسة". وذلك بحسب ما يقوله عالم النفس ينس أسيندورف.

إن السعي وراء السعادة يعد أكثر تعقيدا بكثير مما يدعونا لتصديقه ما يتضمنه التقويم المكتبي من نصائح وأمثال ملهمة. وقد درس أسيندورف تنمية الشخصية البشرية على نطاق واسع أثناء مسيرته العلمية، ويقول إن التوريث الجيني مسؤول عن نصفها تقريبا. يؤثر ذلك على إحساسنا بالرضا والسعادة بطرق مختلفة.

ويوضح أنه إذا قمت بسؤال شخص ما عن مدى سعادته، فإن "عمليات المقارنة الاجتماعية" ستبدأ في الحدوث. فإنه سيبدأ في المقارنة بين وضعه ووضع الأشخاص الاخرين الذين هم في نفس عمره ومستواه التعليمي، الذين يعتقد أنه يعرف حالة السعادة الخاصة بهم. وفي حال كان ذلك يبدو غير موضوعي، فهذا لأنه هو كذلك فعلا.

ومن الممكن أن يؤثر الضغط المجتمعي القوي على المرء لكي يكون سعيدا، بصورة عكسية على شعور الناس بالرفاهية. وقد توصلت تجارب أجراها باحثون قبل عدة أعوام، إلى أن الأشخاص يتعاملون مع الفشل بصورة أكثر جدية إذا كان من حولهم يولون السعادة أهمية خاصة. كما توصلت دراسة مقارنة حديثة إلى نتائج مماثلة: ففي الدول التي تركز بشدة على الشعور بالسعادة، يشعر الكثير من الأشخاص بالإحباط لأنهم يظنون أنهم لا يرقون إلى مستوى توقعات المجتمع المحيط بهم.

ويقول أسيندورف إنه ليس من السهل ألا يتأثر المرء بالضغط المجتمعي، موضحا أنه سيكون المرء أكثر سعادة إذا كان بإمكانه أن يتجاهل هذا الضغط إلى حد ما.

ويعطي عالم النفس المثال التالي: وهو أنه ينظر إلى الانفتاح إلى حد كبير على أنه سمة شخصية مرغوبة. وفي حال كان المرء انطوائيا، فإنه لن يكون أكثر سعادة من خلال محاولته أن يصبح أكثر انفتاحا، ولكنه سيكون، مع ذلك، أكثر سعادة من خلال الاعتراف بالجانب الإيجابي لانطوائيته وتقديره لها. ويشير أسيندورف إلى أن "كل شيء له إيجابياته وسلبياته".

ولا يعني تقبل المرء لشخصيته كما هي أنه لا يجب عليه إجراء أي تغييرات . ولكنه عليه أن يتعامل بطريقة مريحة مع سماته الشخصية، بحسب ما يقوله أسيندورف، وألا يتبع بسذاجة نصيحة "افعل هذا وذلك وذاك لكي تكون أكثر سعادة" التي ترد في كتب المساعدة الذاتية.

ويوضح أنه من الأفضل أن يقوم المرء ببساطة بتجربة شيْ جديد بدون أن تكون لديه أية توقعات.

من ناحية أخرى، يقول المؤلف والفيلسوف الأخلاقي الألماني، فيلهيلم شميت، صاحب الكتب الأكثر مبيعا والذي يركز عمله بشكل أساسي على فن الحياة، إن السعي وراء تحقيق السعادة هي محاولة غير مثمرة. موضحا أن "هذه ليس ما تبدو عليه الحياة... فلا أحد يشعر بالسعادة على مدار الساعة، ولمدة 365 يوما في العام".

ويوصي شميت بدلا من ذلك أن يقوم المرء بتوجيه انتباهه من التركيز على السعادة إلى شيء آخر: مغزى حياتك. موضحا أن "السعادة متقلبة؛ وأن المعنى أكثر استمرارية."







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي