"رهاب السعادة".. لماذا يخشى البعض الشعور بالفرح؟

2022-05-11

نساء يحتفلن بعيد مولد إحداهنّ في مقهى في موسكو في 12 نيسان/أبريل 2022 (ا ف ب)

نهى سعد

يفني البعض حياتهم للبحث عن السعادة، ويدفعون أموالهم للشعور بالفرح وقضاء أوقات سعيدة، ولكن ما يسعى إليه البعض بكل طاقتهم، يخشاه آخرون، فهناك من يشعرون بالقلق والخوف من الشعور بالسعادة، حتى إنهم يتهربون منها، وهو ما يطلق عليه "رهاب السعادة" أو شيروفوبيا" (cherophobia).

"شيروفوبيا" هو رهاب يسبب للمصاب به نفور غير منطقي من السعادة، ويأتي المصطلح من الكلمة اليونانية "شيرو"، والتي تعني "الابتهاج"، فعندما يعاني شخص ما من رهاب السعادة، فإنه غالبا ما يخشى المشاركة في الأنشطة التي قد يصفها الكثيرون بالممتعة أو السعيدة.

وفيما لم يُدرج بعد رهاب السعادة على أنه اضطراب في "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية" (DSM) الذي يستخدمه الأطباء النفسيون لتشخيص حالات الصحة العقلية، إلا أن هناك العديد من خبراء الصحة العقلية الذين يبحثون هذا الرهاب وعلاجه المحتمل.

ما أعراض مرض الشيروفوبيا؟

وفق موقع "هيلث لاين" (Healthline) للصحة، يصنف بعض الخبراء النفسيين رهاب السعادة كشكل من أشكال اضطراب القلق، والقلق هو شعور غير منطقي ومتزايد بالخوف يكون مرتبطا بتهديد ما، وفي حالة رهاب السعادة، يرتبط القلق بالمشاركة في الأنشطة التي يعتقد أنها تجعلك سعيدا.

وليس بالضرورة أن يكون الشخص المصاب هو شخص حزين، بل هو شخص يتجنب الأنشطة التي قد تؤدي إلى السعادة أو الفرح.

وتشمل الأعراض المتعلقة برهاب السعادة ما يلي:

الشعور بالقلق من الذهاب إلى أي تجمع اجتماعي سعيد، مثل حفلة عيد ميلاد أو حفلة موسيقية أو أي حدث آخر مشابه.

رفض الفرص والعلاقات التي قد تؤثر إيجابيا على الحياة، بسبب الخوف من حدوث شيء سيئ.

رفض المشاركة في الأنشطة "الترفيهية".

الاعتقاد بأن كونهم سعداء يعني أن حدثا سيئا ما سيقع.

الاعتقاد بأن السعادة ستجعلك شخص سيئا.

الاعتقاد بأن إظهار السعادة مضر لك أو لأصدقائك أو عائلتك.

الاعتقاد بأن محاولة أن تكون سعيدا هي مضيعة للوقت والجهد.

الاعتقاد بعدم التعبير عن السعادة لأنها قد تزعج الآخرين.

مقياس رهاب السعادة

في مقال من "مجلة علم النفس عبر الثقافات" (Journal of Cross-Cultural Psychology)، أنشأ المؤلفون مقياس الخوف من السعادة، وذلك لمقارنة الخوف من السعادة عبر 14 ثقافة. ويمكن أن يساعد المقياس أيضا الشخص أو طبيبه في تقييم ما إذا كان لديهم أعراض رهاب السعادة.

وبتصنيف هذه العبارات على مقياس من 1 إلى 7 لمدى موافقتك، قد تكون قادرا على معرفة ما إذا كان لديك خوف أو فهم خاطئ للسعادة:

أفضل ألا أكون مبتهجا، لأن الفرح عادة ما يتبعه الحزن.

الحظ السعيد غالبا ما يتبعه كوارث.

الفرح المفرط له عواقب السيئة.

أعتقد أنه كلما كنت أكثر بهجة وسعادة، توقعت حدوث أشياء سيئة في حياتي.

وقد يبدو الأمر غير مفهوم بعد، فلماذا يخشى البعض من أن يتمتعوا بالحياة ويشعروا بالسعادة؟ هذه بعض الأسباب:

تحاشي المصائب

في بعض الأحيان، ينبع رهاب السعادة من الاعتقاد بأن الشخص إذا عاش بعض الأيام الجيدة وكانت حياته تسير على ما يرام، فمن المؤكد والمقدر أن شيئا سيئا سيحدث له وستحل به مصيبة.

ونتيجة لهذا الاعتقاد، يتحاشى من يعانون من رهاب السعادة أن ينخرطوا في أنشطة سعيدة، ظنا أنهم بذلك يدفعون الأحداث السيئة والحزينة عنهم.

ويمكن أن يسهم في تعزيز هذا الاعتقاد؛ مرورُ الشخص بصدمة جسدية أو عاطفية في الماضي.

الانطوائية

الانطوائيون هم الأشخاص الذين يفضلون القيام بالأنشطة بمفردهم أو مع شخص أو شخصين على الأكثر، وغالبا ما يُنظر إليهم على أنهم متحفظون، وقد يشعرون بالخوف أو عدم الارتياح في الأنشطة التي تعتمد على تشارك مجموعات كبيرة، وفي الأماكن الصاخبة، والأماكن التي يجتمع بها مجموعة كبيرة من البشر، مثل الحفلات.

المثالية

المثاليون أيضا عرضة للإصابة برهاب السعادة، وبسبب سعيهم للكمال طول الوقت، قد يشعرون أن السعادة هي سمة للأشخاص الكسالى أو غير المنتجين فقط.

ونتيجة لذلك، يمكن أن يتجنب المثاليون الأنشطة التي قد تشعرهم بالسعادة، لأن هذه الأنشطة يُنظر إليها على أنها غير منتجة.

كيف تتغلب على خوفك من السعادة؟

نظرا لأن رهاب السعادة لم يتم بعد دراسته عن كثب واعتباره اضطرابا منفصلا، فليس هناك طريقة محددة للتعامل معه، ولكن هناك بعض العلاجات المقترحة التي يمكن أن تساعدك وتسعدك:

"العلاج السلوكي المعرفي" (CBT)

وهو طريقة علاجية تعتمد على الحديث بين المريض والمعالِج، بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير، وتحديد السلوكيات التي يمكن أن تساعدهم على التغيير.

إستراتيجيات الاسترخاء

مثل التنفس العميق أو كتابة اليوميات أو ممارسة الرياضة، فيمكن أن تساعد في تفريغ الأفكار القلقة حيال السعادة، والنظر لها بموضوعية.

العلاج بالتعرض

عن طريق تعريض المريض لأحداث سعيدة، للتأكد بنفسه أن الشعور بالسعادة لا يعني مؤكدا أن هناك حادث حزين سيحدث، وأن هذه مجرد أفكار، وبالتكرار تتلاشى الأفكار القلقة.

ولا يستلزم أن يسعى من يخافون من السعادة إلى العلاج، فهناك من يشعرون بالأمان عندما يتجنبون السعادة، ولذلك إذا لم تكن هذه المخاوف معيقة للحياة أو تؤثر على قدرتهم للعيش، قد لا يحتاجون إلى علاج على الإطلاق.

ومع ذلك، قد تكون أعراض رهاب السعادة مرتبطة بصدمة سابقة، ويمكن أن يساعد علاج الصدمة في تخطي رهاب السعادة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي