كتّاب السيناريو يعرفون نهاية القصة قبل كتابتها

2022-04-30

الصعوبة تكمن في كيفية نقل الفكرة إلى الشاشة (مواقع اليكترونية)طاهر علوان *


لا يكاد كاتب السيناريو، بصرف النظر عن مستواه ومستوى خبرته، يتحرر من السؤال الأزلي عن الفكرة التي عليه أن يلتقطها وأن ينطلق منها في كتابة ذلك السيناريو.

إنها تلك الفكرة التي تندرج في خانة السهل الممتنع، من مطلق كونها يومية ومتاحة ونابعة من الحياة ومن مشكلاتها وتحدياتها، ولكن الصعوبة تكمن في كيفية نقلها إلى الشاشة.

وعلى هذا حرص كتاب السيناريو وكذلك الباحثون في هذا الميدان على تقديم النصيحة للباحثين عن تلك الفكرة الغامضة وكيفية التماسها من أبسط المواقف ومن الشخصيات التي تحيط بنا من كل جانب.

ذلك ما يتحدث عنه كاتب السيناريو إليوت غروف على سبيل المثال، من منطلق الأخطاء التي يقع فيها كاتب السيناريو، ومن بينها العجز عن التقاط القصص الواقعية والأفكار الواقعية النابعة من دوامة الحياة ومن الشخصيات النابضة بالحياة.

تشاهد على سبيل المثال على الشاشات يوميا أعمالا درامية من أفلام ومسلسلات تشعر أن الممثل بالكاد يكمل حواره وأن الحوار ليس هو الذي نقوله في الحياة واعتدنا على سماعه ولا طريقة المحادثة والتعبير عن الأفكار، بل هو حوار منمق وبعيد عن التفاعل مع الشخصية.

هنا سوف يقع ما هو أسوأ عندما تشاهد الشخصية وهي تلقي حوارها بطريقة مصطنعة وبعيدة عن التلقائية وفيها الكثير من الفذلكة الكلامية والمبالغات، وتلك إشكالية نشاهدها بشكل مستمر بسبب الاستعجال والسلق السريع عند تصوير المشاهد وعدم وجود مساحة زمنية كافية للبروفات والتدريبات، وهي ثغرة أساسية تكمل ضعف السيناريو من جهة، وعدم تكامل العملية الإخراجية من جهة أخرى.

وإذا ذهبنا إلى ما هو أبعد من ذلك، باتجاه المتلقي الذي يريد أن يشاهد عملا مقنعا متكاملا، فإن العجز عن الإقناع إبان عملية التلقي يجعل من حق المشاهد أن يوجه ما شاء من انتقادات للعمل، لأنه لم يجد أي إمكانية للتفاعل معه ولا للانجذاب إلى الأحداث والشغف بتطوراتها، وتلك نقطة محورية من الصعب القفز عليها أو تجاهلها كما يحصل في أثناء عملية المشاهدة.

هذه العلاقة الملتبسة بين المشاهد والشاشة تعود في جانب كبير منها إلى أصل الموضوع والفكرة التي يقدمها الفيلم أو المسلسل، وتلك إشكالية أخرى تتمثل في الدفاع المستميت عن العمل مهما كثرت أخطاؤه ومهما ترهل شكل السيناريو وبناء الشخصيات، ليتبع ذلك ما يعتري عملية الإخراج من خلل.

ولعله من الصحيح هنا أن نتذكر حقيقة مهمة، خلاصتها أنك لا تستطيع أن تصنع فيلما جيدا من سيناريو ضعيف، لكنك في المقابل ستشاهد فيلما ضعيفا إخراجيا من سيناريو جيد، والسبب هو الكيفية التي تم نقل الأحداث من خلالها.

كتابة السيناريو وصلت إلى درجة من الاستسهال أدت إلى ما نشاهده على صعيد الإنتاجات السينمائية وحتى التلفزيونية

في المقابل فإن مسألة كتابة السيناريو التي وصلت إلى درجة الاستسهال قد أدت إلى ما نشاهده على صعيد الإنتاجات السينمائية وحتى التلفزيونية، فالخلل يبدأ من هناك من الفكرة، ومهما حشدت الجهة المنتجة من مستلزمات وأموال فإنها لن تشفع لإنقاذ سيناريو ضعيف في بنائه وفي رسم الشخصيات وفي الدراما الفيلمية وفي بناء المكان وخطوط السرد والحبكة الدرامية وما إلى ذلك.

ينطلق كتّاب السيناريو المحترفون من حقيقة أنهم ما إن يكونوا في مرحلة البداية حتى تكون النهاية حاضرة أمامهم، بمعنى وضوح الهدف الذي يسير باتجاهه كاتب السيناريو وهو يضع العراقيل أمام الشخصية وهي تتجه نحو هدفها أو أهدافها.

خلال ذلك فإن “الجودة” في كتابة السيناريو صارت يوما بعد يوم موضوعا معقدا، بسبب العجز عن مقاربته أو في أحسن الأحوال استسهاله وإسناد عملية الكتابة لمن يفتقرون إلى الموهبة والمهارة والاحتراف.


*كاتب عراقي مقيم في لندن







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي