التوقيت الصيفي مفيد جدًّا لصحتك العقلية والنفسية!

2022-04-26

التوقيت الصيفي مفيد جدًّا لصحتك العقلية والنفسية! (التواصل الاجتماعي)

عند الحديث عن التوقيت الصيفي، يدور دائمًا ذلك الجدل المتكرر بين الناس حول فائدة تطبيقه، وهل يستحق الأمر تلك الفوضى التي يتسبب فيها تغيير الساعة مرتين سنويًّا في حياة الناس وعاداتهم؟ يتحدث الناس عن أن الأمر مرتبط بتوفير الطاقة من قبل الحكومات، ويجادل آخرون بأن هذا التوفير ليس بالمقدار الكبير، من وجهة نظرهم.

حسنًا، نحن لن ندخل إلى هذا الجدال، فهذا ليس محور حديثنا، لكننا سنشير إلى جانب آخر من التوقيت الصيفي ربما لا نلتفت إليه عند الحديث عن أهمية التوقيت الصيفي في حياة كل إنسان؛ فتلك الساعة الإضافية من ضوء الشمس لها فائدة كبيرة ربما لم تكن تتوقعها، لدرجة أن بعض الدول شرق أوسطية مثل تركيا والمغرب جعلتا التوقيت الصيفي هو التوقيت المعتمد طوال العام.

في تصريح سابق لوزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، أوضح أن هذه الممارسة تساعد البلاد على توفير الملايين من تكاليف الطاقة، وتقليل مستويات الاكتئاب والقلق المرتبطة بالتعرض القصير لضوء النهار. ربما نفهم موضوع خفض تكاليف الطاقة، لكن ما قصة تقليل الاكتئاب هذه؟

التوقيت الصيفي وضوء الشمس

في العديد من بلدان نصف الكرة الشمالي، قام الناس الآن بتعديل الساعة عبر تقديم ساعاتهم ساعة واحدة إلى الأمام، وهو ما يمنحهم بالتالي ساعة إضافية من ضوء النهار في فترة المساء. هذه الساعة الإضافية في فصل الربيع تعطي للناس إحساسًا بأن فصل الصيف أصبح على الأبواب بالفعل.

في غالبية الدول في نصف الكرة الشمالي، ومن بينها الدول العربية، وصول فصل الربيع يعني الخروج من حالة الاكتئاب الشتوي بسبب قلة ضوء الشمس، وبداية للإحساس بتلك الحالة الرائعة من التفاؤل والبهجة، وكلما مرت الأيام أكثر زاد ذلك الإحساس بالبهجة أكثر وأكثر لأن ساعات النهار تزداد تدريجيًّا، ومعها يزداد تعرض الناس لأشعة الشمس.

عند تحويل الساعة للنظام الصيفي مع بداية شهر الربيع، تمنحك تلك الساعة الإضافية وقتًا أطول للشعور بضوء الشمس، وهو ما يعني زيادة الشعور الجيد. وعند وصول فصل الصيف، قد يعتقد البعض أن تلك الساعة الإضافية من ضوء الشمس غير مهمة، لأن فصل الصيف مليء بضوء الشمس بالفعل، لكن هذه الساعة الإضافية تعني زيادة ذلك الشعور بالبهجة والسعادة أكثر.

والسؤال هنا: لماذا كل ذلك الإحساس بالبهجة والتفاؤل عند التعرض أكثر لضوء الشمس؟ هل الأمر مجرد إحساس نفسي نتيجة انتشار الضوء وقلة الظلام؟ أم أن للأمر سببًا بيولوجيًّا وتأثيرات أكبر داخل جسم الإنسان ومخه؟ هذه بعض الأمثلة التي توضح الأسباب المختلفة للتأثيرات الإيجابية للتعرض لضوء النهار فترة أطول، وعلاقتها بالصحة العقلية.

الساعة الإضافية من ضوء الشمس والاضطرابات العاطفية

ما لا يعرفه البعض هو أن تلك الساعة الإضافية من ضوء الشمس كل يوم تفيد صحتك العقلية، الأمر لا يتعلق بمجرد إحساس نفسي، لكن له سببًا بيولوجيًّا بالفعل، عندما يضرب ضوء الشمس منطقة معينة من شبكية العين، فإن هذا يؤدي إلى إطلاق مادة السيروتونين (مادة الشعور بالسعادة) في الدماغ، وهي مادة كيميائية تنتجها الخلايا العصبية لإرسال إشارات بينها، وترتبط زيادة السيروتونين بمستويات مزاجية أعلى. لذلك، عندما يكون اليوم مشمسًا نلاحظ أننا نشعر بسعادة وراحة أكبر من الأيام الغائمة مثلًا.

يوجد السيروتونين في الغالب في الجهاز الهضمي، على الرغم من وجوده أيضًا في الصفائح الدموية وفي جميع أنحاء الجهاز العصبي المركزي. يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات السيروتونين إلى اضطرابات المزاج، مثل القلق أو الاكتئاب. ويعد السيروتونين عامل استقرار طبيعي للمزاج، فهو مادة كيميائية تساعد في النوم، والأكل، والهضم، والتئام الجروح، والحفاظ على صحة العظام.

يمكن أن يؤدي نقص ضوء الشمس إلى حالة تسمى الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، والتي تسمى أحيانًا «اكتئاب الشتاء»، هذا الاضطراب، الذي يتسم بانخفاض الحالة المزاجية لدى الإنسان، هو أكثر شيوعًا خلال أشهر الشتاء عندما تكون ساعات النهار أقل.

هكذا يؤثر فيتامين «د» في الصحة العقلية

تعد الشمس مصدرًا لفيتامين «د» الذي له بعض الوظائف المهمة في الجسم، مثل تقليل الالتهاب وبناء العظام. بصرف النظر عن فوائده الصحية الجسدية تلك، يمكن أن يتسبب نقص فيتامين «د» في شعور الناس بالإحباط والقلق، ولأن فيتامين «د» يتكون في جسم الإنسان عبر التعرض لضوء الشمس، يمكن أن يؤدي التعرض لأشعة الشمس المباشرة إلى تحسين الحالة المزاجية.

وضوء الشمس يمنحك نومًا هنيئًا!

تدعم أشعة الشمس أيضًا إنتاج مادة الميلاتونين، وهي المادة الكيميائية التي تساعدنا على النوم جيدًا، إذ من الملاحظ أن معدل الأرق يكون أكثر شيوعًا خلال أشهر الشتاء المظلمة، والسبب في ذلك هو نقص الميلاتونين في الجسم، وبالطبع، فإن الأرق يكون له تأثيرات سلبية في صحتنا، ليست الجسدية فقط، بل العقلية أيضًا.

يمكن للحرمان من النوم أن يجعلك تشعر بالضيق والإرهاق على المدى القصير، وعلى المدى الأبعد، يمكن أن تؤدي مشكلات النوم إلى تغييرات في الصحة العقلية، التي تتسبب في تفاقم مشكلات النوم، وتستمر الحلقة. قد تؤدي قلة النوم إلى ظهور بعض الحالات النفسية، مثل الاكتئاب؛ لذلك، فإن الحصول على قسط جيد من النوم ليلًا له تأثير إيجابي في صحتك العقلية.

التوقيت الصيفي يساعد على التواصل الاجتماعي

بعد آخر ربما لا ينتبه له الكثيرون، إذ يمكن أن تشجع ساعات أكثر من ضوء النهار الناس على التواصل الاجتماعي أكثر. وترتبط التنشئة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين بتحسن الحالة المزاجية والرفاهية، وهو ما يعني صحة عقلية أفضل.

يمنح المزيد من الضوء في المساء الكثير من الناس فرصة أكبر للخروج في نهاية اليوم، وفي حين أن الفوائد الصحية الجسدية والعقلية لممارسة التمارين الرياضية معروفة جيدًا، فإن مجرد الوجود في الهواء الطلق في الطبيعة يمكن أن يحسن صحتنا العقلية.

ضوء الشمس.. علاج طبيعي للاكتئاب

التعرض لضوء الشمس والخروج للطبيعة يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على العقل، ويمكن أن يخلق شعورًا بالسلام. يمكن أن يساعدنا أيضًا في التعامل مع الضغوط اليومية والتعب العقلي، تظهر أهمية الوجود في الخارج من خلال النظر إلى بعض أنواع العلاجات النفسية، والتي يوصى فيها المرضى بالخروج إلى الطبيعة نوعًا من العلاج الطبيعي أو العلاج البيئي وجزءًا من علاج حالات مثل الاكتئاب.

مع وضع كل هذا في الاعتبار، ربما ليس من المستغرب أن تظهر دلائل على أنه عندما يعود التوقيت لطبيعته في الخريف، فإن معدل المشكلات العقلية والعاطفية يزيد مقارنةً بالوقت الذي تتقدم فيه الساعات في الربيع. المشكلة في الخريف ليس فقط أن ساعات النهار تبدأ تقل تدريجيًّا، لكننا نزيل ساعة كاملة بشكل مفاجئ عند العودة للتوقيت الشتوي، وهو ما يسبب هبوطًا مفاجئًا في معدل التعرض للشمس.

وأخيرًا كيف يمكن لعالم ما بعد الجائحة أن يستفيد من التوقيت الصيفي؟

في الفترة الحالية، يعيش العالم أوضاعًا صعبة بعد جائحة كوفيد-19، واستمرار اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو ما تسبب في أوضاع اقتصادية صعبة تضرب العالم كله وتتسبب في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، فإذا أضفت ذلك كله مع مخاوف وضغوط الحياة اليومية، من الطبيعي أن تشعر بالتوتر والقلق والإرهاق العاطفي.

لذلك، عليك بالاستفادة القصوى من ضوء النهار الإضافي، فرغم أنه شيء بسيط، فإنه يساعدك على تحسين مزاجك، مجرد الخروج إلى الحديقة للاستمتاع بساعات أطول من ضوء النهار يمكن أن يكون منعشًا. استغل هذه الساعة الإضافية من ضوء الشمس للاستلقاء على الشاطئ، أو حتى السير في الشوارع وسط الضوضاء، ومحاولة التفكير في صور إيجابية دون أحكام مسبقة.

تلك الساعة الإضافية من ضوء النهار يمكن أن تكون مهمة جدًّا لأولئك الموظفين الذين يعملون في مكاتب أو مصانع مغلقة، كونهم يقضون غالبية وقت النهار خلف مكاتبهم دون التعرض للشمس. لذلك، يمكن أن تمنحهم تلك الساعة فرصة ثمينة للمشي والحركة تحت ضوء النهار، هذا له أثر نفسي إيجابي مهم.







شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي