مسلسل "الاختيار 3" رؤية موثقة تقضي على ما تبقى من صورة الإخوان

الكشف عن أحداث حقيقية للمرة الأولى ..دراما رمضانية مصرية مختلفة: تجسيد السيسي وطنطاوي وقيادات الإخوان

متابعات الأمة برس
2022-04-03

 ياسر جلال في دور العمر يؤدي دور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي  (تواصل اجتماعي)القاهرة - فوجئ المصريون مع بث الحلقة الأولى من مسلسل "الاختيار 3" بتجسيد للكثير من الشخصيات العسكرية والسياسية من ذلك شخصية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حيث اعتادت الدراما المصرية تقديم أعمال حول فترات سياسية معينة لكن المعالجة الفنية تأتي متأخرة وبعد رحيل الشخصيات الحقيقية أو خروجها من مناصبها.

وكان أداء الفنان ياسر جلال لدور الرئيس المصري مقنعا شكلا ومضمونا فحتى نبرة الصوت بدت متشابهة، حيث تقمّص دوره في الأحداث التي سبقت الثورة الشعبية على جماعة الإخوان في الثلاثين من يونيو 2013.

وأكد مسلسل “الاختيار” بجزأيه الأول والثاني، ثم الثالث الذي وضع له عنوان فرعي باسم “القرار”، أن الدولة المصرية تحرص على تقديم رؤية رسمية موثقة لبعض الأحداث ومحاكاة الواقع قبل أن يدخل طي النسيان.

وأعاد هذا العمل الذي ظهرت فيه لأول مرة شخصية الرئيس السيسي، والمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع الأسبق، الاعتبار للدور الحيوي الذي تلعبه الدراما في المشهد المصري العام.

خالد الكيلاني: العمل الدرامي أحد أركان بناء الوعي مع سطوة الصورة
وظهر هذا التوجه في أعمال أخرى مثل “هجمة مرتدة” الذي عرض في موسم رمضان العام الماضي، و”العائدون” الذي يعرض حاليا، وعزز توظيفا لدور السياسي والإعلامي في الدراما المصرية بطريقة مبتكرة وسد فجوة لم يتمكن أحدهما من ردمها مؤخرا.

وحظي مسلسل “الاختيار” في جزئه الثاني باهتمام الرئيس السيسي وطالب عقب عرضه رمضان الماضي بالمزيد من الأعمال الملحمية التي تكشف للناس حقيقة الأوضاع القلقة التي مرت بها البلاد وطبيعة التحديات التي واجهتها الدولة بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك عقب ثورة الخامس من يناير 2011.

ويثير الموقف من كل من تركيا وقطر فضول المصريين بعد حدوث تقارب سياسي معهما مؤخرا، لأن الدولتين كانتا من أكثر رعاة جماعة الإخوان والمتشددين خلال الفترة التي يتوقف عندها المسلسل.

ويقول مراقبون إن الجزء الثاني من “الاختيار” ومسلسل “هجمة مرتدة” أشارا تلميحا إلى الجهات التي تمول الإرهاب وتدعمه وكانت ملامح التحسن ظهرت مع أنقرة والدوحة.

ويضيف المراقبون أن مصداقية العمل تقف على المحك في تناول مواقف هاتين الدولتين من الإرهاب، وإذا جرى تجاوزهما أو غض الطرف عنهما بطريقة سافرة سيبدو العمل دبلوماسيا أكثر من اللازم ويفقد رسائله الحيوية.

وقال المحلل السياسي المصري خالد الكيلاني إن تجسيد الشخصيات الحاضرة على رأس السلطة وقادة جماعة الإخوان يستهدف تصويب الأفكار والمعلومات لدى فئات الشباب الذين لا يعلمون طبيعة المؤامرات التي حاكها الإخوان ضد الوطن وإبراز الدور التاريخي لمؤسسات الدولة، ما يضفي واقعية على أحداث المسلسل.

وأوضح لـ”العرب” أن الممثلين الذين جسدوا الشخصيات الحالية منحوا صورة فنية جيدة لها، وأكدت الحلقة الأولى من المسلسل وجود براعة لدى مخرج العمل بيتر ميمي في اختيار الفنانين الذين أدّوا أدوار هذه الشخصيات لتكون قريبة منهم.

بدائية مرسي
وذكر أن العمل الدرامي أحد أركان بناء الوعي مع سطوة الصورة، وهناك مساع جادة لترميمه بأدوات ذات تأثير كبير، ولدى دوائر حكومية قناعة بأن وعي المصريين ساعد الدولة في تجاوز التحديات التي مثّلها الإخوان والتكفيريون ومن وقفوا خلفهم.

وشجّعت الرعاية الرئاسية القائمين على صناعة الدراما بتوسيع دورها وعدم حصرها في الأطر الفنية والاجتماعية التقليدية، خاصة أن هناك جهات أمنية تشرف على محتوى الكثير من الأعمال حاليا، بما يجعلها تتواءم مع الحالة السياسية في مصر.

وأشار خبير الإعلام السياسي مسعد صالح إلى أن أداء الفنان لا يؤثر بالضرورة على صورة الشخصية التي يجسدها، سلبا أو إيجابا، لأن لها أثرا ملموسا في المجتمع ومن الصعب أن يغير الممثل تلك الصورة تماما لمجرد إتقانه التمثيل.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن تجسيد شخصيات على رأس السلطة في مصر “أمر غير إيجابي، ولا بد أن يكون ذلك بعد فترات زمنية من ترك السلطة، لأن ذلك يؤثر سلبًا على إبداع الفنان نفسه الذي سيكون بشكل مستمر تحت ضغوط كبيرة خشية من ظهوره بصورة تسيء لرأس الدولة والدائرة المحيطة به”.

وجاءت الحلقة الأولى من “القرار” قوية سياسيا وأمنيا وإعلاميا، وحملت استعراضا للكثير من الحقائق التي ترددت سابقا من دون ثقة كبيرة في صدقيتها أو جرى سردها متناثرة في ثنايا تطورات لم تمكّن البعض من التركيز على أهمية تفاصيلها.

دهاء الشاطر
واستنفرت اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان عناصرها للرد على ما يحويه المسلسل من قضايا تمثل ضربة قاصمة جديدة لعدد من قادتها الذين ظهروا في العمل، وأدى ممثلون أدوارهم باقتدار، مثل الممثل عبدالعزيز مخيون الذي لعب دور المرشد محمد بديع، وقام خالد الصاوي بدور القيادي خيرت الشاطر الذي كان يقبض على مفاصل الجماعة، والفنان فوزي فواز الذي جسد دور الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي.

ومن المتوقع أن يثير المسلسل، الذي شارك في بطولته أحمد عز وأحمد السقا وكريم عبدالعزيز، الكثير من الجدل السياسي، حيث تطرق إلى مواقف عديدة لم تتوافر المعلومات الكافية حول معرفة الحقيقة والزيف فيها، لكنها تطابقت مع ما جاء في الملفات السرية لدى أجهزة المخابرات ونص تحقيقات النيابة العامة مع القيادات الإخوانية والتكفيرية التي ألقي القبض عليها.

وفي مشهد لا يتعدى دقيقة واحدة ظهر فيه ضابط في جهاز المخابرات العامة، يجسده الفنان أحمد عز، وهو يتسلم أوراقا تحوي معلومات مهمة من أحد مصادره الأمنية حول قيام الإخوان بالشروع في تأسيس حرس ثوري خاص بهم، كان كفيلا بتوصيل رسالته الأمنية والسياسية، وكاشفا للخطورة التي يمثلها استمرار الإخوان في الحكم.

ويتطابق هذا المشهد مع ما جاء في تحقيقات النيابة العامة مع محمد الظواهري، وهو قيادي جهادي وشقيق زعيم القاعدة أيمن الظواهري، حول تلقيه 15 مليون دولار من القيادي الإخواني خيرت الشاطر لتجميع الفصائل الجهادية في سيناء وتأسيس ما يسمّى بـ”الجيش المصري الحر”، وتجهيزه لتوظيفه في حالة الثورة على حكم الإخوان.

واعترف محمد الظواهري أنه أرسل جزءا من التمويل لعضو تنظيم القاعدة ثروت صلاح شحاتة بعد دخوله ليبيا الذي قبض عليه الأمن بعد وصوله إلى مصر في مخبأ بمدينة العاشر من رمضان في شرق القاهرة، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها مصر بعد نحو عقدين قضاهما في أفغانستان وإيران وتركيا.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي