حتى إذا انتهت الحرب.. لن تنتهي معاناة الروس اقتصاديًّا

 ‘The damage is done’: Russians face economic point of no return
2022-03-07

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب)

يعرب المتسوقون ورجال الأعمال عن إحباطهم وخيبة أملهم لأن العقوبات تدفع كثيرًا من الناس لبيع الروبل الروسي بسبب انخفاض قيمته، حسب ما جاء في تقرير أعدَّه أندرو روث وبيوتر سوير، من العاصمة الروسية موسكو.

يبدأ الكاتبان التقرير الذي نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية بالإشارة إلى حالة الذعر التي بدَت عليها الأسواق في موسكو عند افتتاحها يوم الاثنين، إذ هرع عديد من الروس إلى أجهزة صرف النقود الآلية المحلية في موسكو لاسترداد مدخراتهم قبل أن يتفاقم الوضع سوءًا.

تراجع العملة الروسية

ونقلت الصحيفة عن أليكسي بريسنياكوف، 32 عامًا، وهو يشير إلى تطبيق خاص ببنك تينكوف الروسي يمكن من خلاله سحب العملة الصعبة، قوله: «لقد قالوا إن لديهم دولارات، لذا جئت إلى هنا على الفور»، وأضاف: «بالأمس كان السعر 80 روبلًا للدولار. واليوم بلغ سعر الدولار 100 أو 150 روبلًا»، وكان نحو 20 شخصًا يصطفون في الطابور.

وقال: «اتخذت قرارًا تلقائيًّا اليوم دفعني لطلب إذن لترك العمل والذهاب لصرف كل أموالي قبل أن تصبح قيمتها صفرًا». لكن في غضون دقائق، كانت الكلمة التي تناقلها المصطفون في طابور الانتظار هي «نفدت الدولارات». وعندها انصرف ما يقرب من نصف المنتظرين في الطابور، وقالت سيدة ساخرة وهي تبتعد «مَنْ يحتاج الروبل؟».

تدابير روسية لم تغير المشهد

ولفت كاتبا التقرير إلى أن الروس، من مراكز التسوق إلى مجالس إدارة الشركات، كانوا يحاولون التعامل يوم الاثنين مع ما وصفه الكرملين بأنه «الواقع الاقتصادي المتغير» الذي تواجهه البلاد الآن في أعقاب العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي والمؤسسات المالية الرئيسة الأخرى، وكانت هناك علامات على حدوث شيء غير عادي: أوقفت بورصة موسكو، أكبر سوق للأوراق المالية في روسيا، التداول حتى 5 مارس (آذار).

ومع تجميد احتياطياته، أعلن البنك المركزي أنه سيضاعف أسعار الفائدة إلى 20%، وهي أعلى نسبة يُعلَن عنها خلال هذا القرن، ويجبر الشركات المصدرة الكبرى، بما في ذلك منتجو الطاقة الكبار مثل «جازبروم» و«روسنفت»، على بيع 80% من عائداتها من العملات الأجنبية، بشراء الروبل لدعم سعر العملة عمليًّا.

لكن هذه الإجراءات لم تُحدث فرقًا يذكر لتهدئة مخاوف الروس المتوترين في متروبوليس مول في موسكو، حيث كانت هناك دلائل على أن الروس يسارعون لتحويل أموالهم إلى سلع استهلاكية قبل ارتفاع الأسعار، ففي متجر «إم. فيديو»، وهو متجر إلكترونيات شهير، قال أحد الموظفين إن أسعار الروبل لأجهزة أيفون «هي نفسها في الوقت الحالي»، ولكن «يمكن أن تتغير في أي لحظة»، وقال: «سأشتري الآن».

وإذا كانت هناك صدمة في الشوارع، فإن الحالة المزاجية بين مجتمع الأعمال كانت أصعب، فقد قال عديد من مالكي الشركات المتوسطة الحجم إن الغزو والعزلة اللاحقة لروسيا جعلت أعمالهم غير مربحة بين عشية وضحاها، وقال أحدهم، وهو صاحب شركة خدمات إعلانية تضم 100 موظف، إنه كان على وشك أن يعلن لموظفيه بعد ظهر الاثنين أنه سيغادر البلاد إلى أرمينيا مع زوجته وابنيه، وقال: «سأخبرهم أننا نمر بأزمة لم نشهدها من قبل»، موضحًا أن «الوضع أشبه بالطيران على متن طائرة تعمل دون محركات أو بمحركات اشتعلت فيها النيران».

وكانت شركته، التي تتعامل مع عقود العلامات التجارية العالمية مثل «بيبسي» وشركات صناعة السيارات مثل «فولكس فاجن»، مزدهرة في الآونة الأخيرة لا سيما في يناير (كانون الثاني) 2022، محققين نجاحات قياسية، لكن الآن انسحب عديد من هذه العلامات التجارية من السوق الروسية، وتقلصت أعماله «تقلصًا كبيرًا».

الضرر وقع بالفعل

وأشار التقرير إلى أن صاحب شركة آخر يعمل معه مئات الموظفين في صناعات الأغذية والمشروبات والسياحة كان يشعر بحالة من الضبابية الشديدة بشأن المستقبل في ظل حكم فلاديمير بوتين، وقال: «ليس لدينا أدنى فكرة عما سيفعله بعد ذلك، ولا أحد في مجتمع الأعمال لديه فكرة بعد الآن، والجميع مكتئب للغاية»، مضيفًا: «لقد عانيت كثيرًا من الأزمات الاقتصادية هنا، وكان آخرها جائحة كورونا».

وتابع قائلًا: «لكن كان هناك دائمًا سبب لمواصلة النضال من أجل العمل، والآن، لم أعد أرى ضوءًا في نهاية النفق، وحتى لو تحقق السلام، فقد وقع الضرر بالفعل، وأنَّى لنا تحويل آثاره؟»، وساد شعور يوم الاثنين بأن هذه الأزمة كانت تتجاوز نقطة اللاعودة، إذ بدأت القاذفات الروسية في التحليق فوق أوكرانيا وبدأت قذائف المدفعية الصاروخية تقصف مناطق مأهولة بالسكان في مدينة خاركيف التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة.

وحتى كبار رجال الأعمال الروس، بما في ذلك القلة القوية، بدا أنهم مشوشون بسبب عدم الاستقرار الذي أحدثه الغزو، فضلًا عن التدابير غير العادية التي تُتَّخذ لدعم الروبل.

وكان أوليج ديريباسكا، رجل الأعمال الملياردير، قد دعا إلى إحلال السلام «بأسرع ما يمكن» في منشور على «تليجرام» يوم الأحد، وفي اليوم التالي، وبعد قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، كتب ديريباسكا مستهدفًا خصمه الأزلي إلفيرا نابيولينا، رئيسة البنك المركزي الروسي، قائلًا: «سعر مرتفع، وبيع إلزامي للعملات الأجنبية… هذا هو الاختبار الأول لمَنْ سيكون مسؤولًا بالفعل عن هذا البنك، أريد حقًّا توضيحات وتعليقات واضحة على السياسة الاقتصادية للأشهر الثلاثة المقبلة».

وبحلول المساء، كانت الإجابة هي مزيد من الإجراءات الصارمة، بما في ذلك فرض قيود صارمة على تحويل الأموال إلى الخارج، وقد أُعلنت تلك العقوبات بعد اجتماع بين المسؤولين الاقتصاديين وفلاديمير بوتين، الذي أعلن أن العقوبات قد فرضتها «إمبراطورية الأكاذيب» الغربية.

وقال رجل الأعمال الذي يملك مطاعم وشركات سياحة: «أعتقد أن الناس سيشعرون بالخوف من إنفاق أموالهم، لقد تركنا الشيوعية منذ 30 عامًا، وقد اعتدنا على وجود كثير من وسائل الراحة التي نراها أيضًا في الغرب، وكل هذا التقدم يمكن أن يختفي، وذلك لأننا لم نعد أعضاء في المجتمع الدولي».










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي