هل تموِّل الصين حرب بوتين المكلِّفة على أوكرانيا؟

Will China fund Moscow’s war chest as Western sanctions bite?
2022-03-06

الرئيس الروسي ونظيره الصيني شي جين بينغ (أ ف ب)

نشرت النسخة الأوروبية لمجلة «بوليتيكو» مقالًا لستيوارت لاو، الذي يحرر «تشاينا دايركت» الصادرة عن مجلة «بوليتيكو الأمريكية»؛ والتي تستكشف العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين أوروبا والصين، حول علاقة الصين المتوقَّعة مع روسيا بعد فرض العقوبات الغربية على الأخيرة ومدى إمكانية مساعدتها للخروج من المأزق الذي وضعتها فيه العقوبات.

ويستهل الكاتب مقاله بإيضاح أن الصين هي الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي لا يزال لديه خط اتصال مباشر مع روسيا؛ التي تتعرض لعزلة دولية سريعة؛ لكن الضغوط تتزايد على بكين لتغيير ذلك، وبعد أسابيع فقط من توقيع البلدين اتفاقية شراكة «بلا حدود»، ليس أمام الصين الآن خيار سوى إعادة ضبط موقفها بشأن التجارة الثنائية والاقتصاد الكلي مع موسكو، بعد أن شنَّ الرئيس فلاديمير بوتين حربًا «غير مبررة» على أوكرانيا.

وبينما لا تزال بكين تريد الاعتماد على موسكو بوصفها شريكًا إستراتيجيًّا طويل الأمد لتحجيم النفوذ العالمي لأمريكا، فإنها بلا شك ستكون حَذِرة من رد الفعل الدولي إذا اختارت إجراءات يمكن تفسيرها على أنها تأييد لعدوان بوتين، وفقًا لما يقوله الخبراء. ويرى الكاتب أن الشركات الصينية ستحجم أيضًا عن التجارة مع بلد معزول عن جزءٍ كبيرٍ من الاقتصاد العالمي والاستثمار فيه.

انخفاض الروبل الروسي

يلفت الكاتب إلى أن الروبل الروسي انخفض يوم الإثنين بما يصل إلى 30% بعد مجموعة منسَّقة من العقوبات التي فرضها الحلفاء الغربيون، والتي حدَّت من قدرة البنك المركزي الروسي على نشر احتياطياته الأجنبية البالغة 630 مليار دولار، وعزلها عن نظام سويفت، أكبر شبكة مدفوعات مصرفية في العالم.

وركَّز صانعو السياسة الصينيون حتى الآن على قدرتهم على مساعدة روسيا بدرجة أقل مما ركَّزوا على تقديم تعليق عام حول تأثير العقوبات في الاقتصادين الروسي والأوروبي، في حين أن البنك المركزي الصيني لم يقدم أي أدلة حتى الآن حول حالة احتياطيات النقد الأجنبي الروسي أو خط مقايضة العملات.

وحوالي 13% من احتياطيات النقد الأجنبي الروسي – أو ما يقدر بنحو 77 مليار دولار – كانت مُستثمَرة في أصولٍ صينية اعتبارًا من يونيو (حزيران) 2021، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الروسي، وقد تسعى موسكو لبيع هذه الأصول من أجل إعطاء دفعة للسيولة المتعثرة لديها.

وقال ماكس زينجلين، كبير الاقتصاديين في ميريكس، وهي مؤسسة فكرية تركِّز على الصين ومقرَّها برلين: «ستكون الصين حَذِرة للغاية بشأن طريقة تقديمها الدعم للاقتصاد الروسي؛ إن المخاطر كبيرة للغاية على الصين»، وحتى الخبراء المرتبطين بالحكومة الصينية متشائمون بشأن مستقبل الاقتصاد الروسي في أعقاب العقوبات الأخيرة.

وكتب هان ييتشن، المتخصص في شؤون أوراسيا في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، وهو مركز الأبحاث الرسمي لجهاز الأمن القومي الصيني، في مقالٍ له قائلًا: «على خلفية العقوبات المالية وضوابط التصدير، ستتدهور بيئة الأعمال في روسيا أكثر، وسيقلص المستثمرون الدوليون بالتأكيد أعمالهم في روسيا ويغادرون السوق الروسية».

دفع ثمن الحرب

وسرعان ما سيتعين على بكين التفكير في الطلبات التي يقدمها بنك مركزي روسي يواجه ضغوطًا في السيولة أكثر من أي وقتٍ مضى منذ نهاية الحرب الباردة، والسؤال الرئيس للقيادة الصينية هو: هل تريد أن يُنظر إليها على أنها تموِّل صندوق حرب بوتين؟

يقول جوناثان هاكنبرويتش، المتخصص في سياسة العقوبات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «عندما تنظر روسيا إلى الخارج، حيث لم تتعرض احتياطياتها للتجميد بعد، فلن تكون في أوروبا، ولن تكون في الولايات المتحدة، بل ستكون في الصين، ولكن للوصول إلى ذلك تحتاج إلى القرار السياسي من الصين للمساعدة قليلًا».

وأضاف زنجلين: «إذا كان يُنظر إلى الصين على أنها تقوض العقوبات الغربية، فعليها أيضًا إدراك أنها ستتعامل مع صوتٍ أقوى في أوروبا الموحَّدة والولايات المتحدة واليابان، الأمر الذي يمكن أن يضع الصين بسرعة في موقف غير مريح»، وأنشأ البنكان المركزيان لروسيا والصين خطوطًا لتبادل العملات بعد فرض الغرب عقوباتٍ على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014، وذلك في وقتٍ كانت فيه الصين حريصة أيضًا على توسيع الاستخدام العالمي لعملتها لتحدي المركز القوي للدولار.

وبعد مرور عام، أطلقت الصين نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك (CIPS)، وهو بديل أصغر بكثير لنظام سويفت الذي يتخذ من بلجيكا مقرًا له، ويضم في عضويته 1280 مؤسسة مالية حول العالم، مقارنةً بعدد 11 ألف مؤسسة في نظام سويفت.

«لا فائدة» متبادلة

وألمح الكاتب إلى أن القضية هنا هي أنه لا الروس ولا الصينيون يرون عملة بعضهم بعضًا مفيدة؛ وفي الواقع، وفي وقتٍ قريب في أوائل فبراير (شباط)، اتفقت روسيا والصين على صفقة غاز طبيعي باليورو، وليس بعملتيهما، وفي حين أن الروبل يقف الآن على حافة الهاوية، فإن اليوان الصيني بعيد كل البعد عن أن يكون عملة دولية قوية، إذ تجري تسوية أكثر من 40% من المدفوعات العالمية بالدولار، بينما يمثل اليوان 2%.

يقول إيكا كورهونين، رئيس معهد بنك فنلندا للاقتصاديات الناشئة «في الوقت الحالي في روسيا، يصطف الناس لسحب ودائعهم بالروبل والدولار واليورو – وليس باليوان، والحقيقة أن البنك المركزي الروسي لديه مثل هذه الحصة الكبيرة نسبيًّا من اليوان الصيني، في الواقع لن يكون ذا فائدة كبيرة».










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي