سينكسر الصدى ويضحك الجدار

2022-03-03

أحمد رافع

دموعي الغريبة أيتها المريرة

إلى أين تتجهين

ولمن تذرفين الأيام

للورد الذي لا يفجر بوجهنا الرحيق

للسنوات التي تهرب فتضحك من بعيد

للطرق القفار

وللأعشاش الحزانى

كيف تعبرين القناطر في وقتٍ قتيل

للضفةِ الأخرى

للرموش التي يخيّل لها أن دمعنا

قطرات من الندى

أيتها الدموع الغبية

وحدكِ تحرسين الرغيف في حلم ضعيف

ووحدكِ أيضا

بالسنوات المنسكبة

تنفخين الخدين بروح السواقي

فلمن هذا الجريان الذي يعكر مزاج البرتقال

ولمن تنوح الكراسي والجريدة

ها أنذا بدمعي الذي يتمشى على السعف

بدمعي الذي ينز منه الناعور

بدمعي الذي يطوي قرار الموجة

بدمعي الذي يحفر الملاجئ بين الجبال

ويطفئ احتراق الأسماء في القبور

ويملأ الكفوف التي تتوسل للمطر

أقف

دون قطار

دون حقيبة

دون بسمة تنتشلني من الضياع

دون ريحٍ تداعب البستان في غروب قريب

كي يهدأ عويل الطين

وتمسح الغصون

عن نظرةِ الأعشاش ضبابها الوفير

أيتها الدموع البعيدة سينكسر الصدى

وليس للنحيب ساعي بريد

ولا النداء صدى مأثور

هذا النداء المستمر يورث طبع الأخطبوط

كم لسانٍ يتراقص

وكم فم أخرس يدور حول المياسم

حول آخر الجفون التي تتوقف عن ضم الرباب

إذ ما حرستها آلهة الرياح

إذ ما تدثرت بالتراب أغنية تبقى للنمل

فيرقص الدود

على خشبة الرمال الدافئة!

ودمع من؟

شهيد تناءى عن الغابة فأوردت المقابر

جريح تغنى

بدمهِ الرصاص فأبى للكفن أن يكتبه

دمع من يا

دمعي المحظوظ الذي ينال من الوسائد

آخر النبوءات المشتعلة بالطواحين والستائر

دمعي السائل من جدارٍ

يصاحب الغيمة في تنويمةِ المصيبة

فيضحك الجدار

وتهدأ الفراشة من ضجةِ الحقول

وزحمة المدينة من لها

القتلى والأطفال والينابيع إذ تطفو بفكيها الحياة

ودمعةُ من

إذ تسقط تابوت من أظافر النسر

فتذهب

لنهايات البساتين تنسدح على ريش البلبل

فيخرج الجناح تابوت يطير

أيتها الغائمة والمتشفقة والمربية الفاضلة

نعم أيتها الدموع اللائذة بمصير

لمن هذا العام الجاري

والشهور المتجمعة في طابور الرموش

تحسب الندى فتذهل الوردة في سجنها القصيدة

في رحيقها الانفجار الأخير

كل قنبلةٍ بذور تبحث عن طينٍ يتنفس!

أواه لأجلكِ سنرفع الأهداب

ونصرخ في كل حينٍ: لمن هذا الجواب

تذرفين الأسئلة

والحناجر تتعثر في المقاصل

فنخسر الجدار

وينهدم مع اللوائح والقرى والألوان

فيعلو الصدى

للعمر الذي يتألف من قشور ورماد ورصاص

وعامُ من ودمعةُ من

«وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ»

شاعر عراقي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي