أحمد بلحاج آية وارهام
تَلْهَثُ الشَّمْسُ خَلْفَ أَسْمَائِهَا. للِرِّيحِ عَرَبَاتٌ مَمْلُوءَةٌ بِأَكْيَاسِ النَّدَمِ. لَا قَطْرَةَ تَسْأَلُ عَنْ وَطَنِ شَهْوَتِهَا. لَا أَحَدَ يُطِلُّ عَلَى ذَاتِه بِذَاتِ غَيْرِهِ. عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تُحَدَّقُ فِيَّ. مُنْذُ أَلِفِ الزَّمَنِ إِلَى مَا بَعْدَ يَائِهِ. تَكْتُبُ فِيَّ الْحَقِيقَةُ عَمَاءَهَا. بِاسْمِ فَاكِهَةٍ لمْ آكُلْهَا. بِأَنَامِلِ سَحَرٍ مُبَلَّلٍ بِضَوْءِ الْغَوَايَةِ. هَلْ يَشْرَبُ الْوَقْتُ مِنِّي وُجُودَهُ أَمْ أَشْرَبُ مِنْهُ أَنْفَاسِي الْمُكَرَّسَةَ لِلْغِيَابْ؟ ذَاكَ مَا تَكْتُبُهُ أَصَابِعُ العَاصِفَةِ فِي خَيَاشِيمِ الظَّلَامِ بِحِبْرِ الِالتِبَاسْ. لَمْ أَكُنْ أُعِيرُهُ قَفَصَ شَهْوَتِي، وَلَا سُمُوقَ غَيْبُوبَتِي. كُنْتُ قَطِيعَ وَهْمٍ يَمْضَغُ عُشْبَ السَّرْنَمةِ، وَفِي حَدَقَةِ الْمَاضِي يُغْنِّي. لَيْلِي يَجُرُّنِي إلَى شَفْرَتِهِ بِمِغْنَاطِيسِ صَبْوَتِهِ. فَوْقَ أَنْفَاسِي تَبْنِي الْأَسْمَاءُ أَعْشَاشَ طُيُورٍ، بِغَيْرِ أَجْنِحَةٍ تَطِيرْ. بُيُوتَ نَارٍ لَا تَحْرِقْ. هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي تَسِيلُ خُرَافَةً فِي مَسَامِّ الدَّهْرِ حَامِلَةً أَكْثَرَ مِنْ سَمَاءٍ. مِنَ اللالَوْنِ جَاءَتْ. يَا أَيَّتُهَا اللُّغَةُ الَّتِي تُمْسِكُ الْيَدَ عَنْ صَوْتِهَا، وَالْجَسَدَ عَنْ أَحْلَامِهْ. صُبِّي نَبْضَكِ فِي نُقْطَةِ الْبَرْقِ وَاعْبُرِي. لِي قُبْلَةُ حِسِّكْ. أَشْتَغِلُ بِهَا حِينَ يُعْوِزُنِي رَغِيفُ الْبَرَاءَهْ. كَمْ نَهْرٍ عَبَرَنِي إِلَى أَمْسِهِ فَفَقَدَ الذَّاكِرَهْ. كَمْ غُرَابٍ فِيَّ لَبِسَ (أَلَانْ بُّو). تُشْرِقُ مِنْ مَوْتِهَا الأَشْيَاءُ لِتَلْمَسَنِي بِرِيشِهَا. الْجِبَالُ الَّتِي تَسَلَّقْتُهَا فِي النَّوْمْ. تَسَلَّقَتْنِي فِي الْيَقَظَهْ. ذَرَّةَ لَيْلٍ صِرْتُ تَحْتَ أَقْدَامِهَا. تُبْصِرُنِي الْأَصْوَاتُ مِنْ قَعْرِ وَجَعِهَا.
٭ ٭ ٭
وَجَعٌ
مِثْلَمَا الْمَاءُ
أَعْمَى،
يُخَاتِلُ بَابَ الْأَسَامِي
عَلَى شَفَتَيْهِ رُغَاءٌ
وِفِي دَمِهِ
سُنْبُلٌ
صَاعِدٌ
فِي امْتِدَادِ الْغُيُوبِ،
إِذَا مَا تَمَطَّى
تَمَطَّتْ جِهَاتُ اغْتِرَابِي،
فَكُونِي نُضَارِي
لِكَيْمَا أَكُونَ حُضُورَكِ
مِنْكِ جَوَارِحُ صَحْوِي
تَمِيرُ فَوَاكِهَ صَعْقَتِهَا،
عَنْكِ دُلِّي عَمَايَ
لِتُبْصِرَنِي
فِيكِ بَعْضُ مُنَاكِ
الْهَوَى شُعْلَةٌ
فَوَّقَتْ قَوْسَ غُرْبَتِنَا
وَاخْتَفَتْ فِي ضَرِيمِ الْأَزَلْ.
٭ ٭ ٭
تَبِيتُ بِنَبْضِي
خُطَاهَا
الشَّوَارِعُ شِرْيَانُ وَقْتٍ
يَتُوهُ بِهَا حُلْمُنَا
وَالْأَنَامُ ظِلَالٌ
تَصُبُّ صَدَاهَا
لِجَامِ الْأَمَلْ.
٭ ٭ ٭
حَرَنَتْ شَمْسُ بَعْضِيَ
مِنْ شَمْسِ بَعْضِي
فَقُلْتُ يَدِي بَلَدُ الْغَيْبِ
أَقْرَأُ فِيهَا سُؤَالَ الْكَوَائِنِ
عَنْ جُرْحِهَا،
وَأُمَدْمِدُ شِرْعَةَ قَلْبِي
إِلَى أُفُقٍ لَمْ تَلُكْهُ الْحُرُوفُ
الْمَعَانِي
حِبَالَاتُ مَكْرٍ
تَصِيدُ بِهَا
لُغَةُ الرَّمْلِ
مَنْ خَانَ ضَوْءَ الرُّؤَى
بِدُخَانِ اسْمِهِ،
وَعَلَى حَائِطِ الْذَّاتِ نَطَّ
بِظِلِّ الْخَبَلْ.
شاعر مغربي