روسيا أعدت قائمة اغتيالات واعتقالات ما بعد غزو أوكرانيا!

Russia Planning Post-Invasion Arrest and Assassination Campaign in Ukraine, U.S. Officials Say
2022-02-21

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (أ ف ب)

نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريرًا لإيمي ماكينون، مراسلة الأمن القومي والاستخبارات، وروبي جرامر، مراسل شؤون الدبلوماسية والأمن القومي، وجاك ديتش، مراسل وزارة الدفاع والأمن القومي، حول الأوضاع في أوكرانيا التي تجعل العالم كله يترقَّب الخطوة الروسية في قلق، فيما يجرى تداول تقارير استخباراتية عن تحركات جديدة للروس بعد التفاؤل الذي ساد مؤخرًا بعد إعلان روسيا عن انسحاب بعض قواتها عائدةً أدراجها إلى قواعدها الدائمة.

ويستهل المراسلون تقريرهم بالإشارة إلى حصول الولايات المتحدة على معلوماتٍ استخباراتية تفيد بأن روسيا قد تستهدف المعارضين السياسيين البارزين ونشطاء مكافحة الفساد والمعارضين البيلاروسيين والروس الذين يعيشون في المنفى إذا ما مضت قدمًا في خططها لغزو أوكرانيا، كما حذَّر الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس من أن التهديد بحدوث الغزو الروسي المتجدد للبلاد لا يزال «مرتفعًا جدًّا» ويمكن أن يحدث في غضون الأيام العديدة المقبلة.

ونقل التقرير عن أربعة أشخاص مطلعين على المعلومات الاستخباراتية الأمريكية قولهم إن روسيا أعدت قوائم بشخصيات سياسية أوكرانية وأفراد بارزين آخرين ليجرى استهدافهم إما بالاعتقال أو الاغتيال في حالة هجوم روسي على أوكرانيا.

وقال شخص خامس، وهو مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة خفَّضت سرية معلوماتها الاستخباراتية فيما يتعلق بالتهديدات الموجَّهة إلى جماعات معينة داخل أوكرانيا لمشاركة هذه المعلومات مع مسؤولي الحكومة الأوكرانية وشركاء آخرين في المنطقة ترى أنهم في وضع يُمكِّنهم من المساعدة.

ولم يرد متحدث باسم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الفور على طلب للتعليق، بحسب التقرير. وقال مسؤول أمريكي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: «كما رأينا في الماضي، نتوقَّع أن تحاول روسيا فرض التعاون من خلال الترهيب والقمع».

وأضاف: «هذه الأعمال، التي تضمنت أثناء العمليات الروسية السابقة عمليات القتل المستهدف، والاختطاف/الاختفاء القسري، والاعتقال، واستخدام التعذيب، من المرجَّح أن تستهدف أولئك الذين يعارضون الإجراءات الروسية، بما في ذلك المنشقون الروس والبيلاروسيون في المنفى في أوكرانيا، والصحافيون ونشطاء مكافحة الفساد، والفئات السكانية الضعيفة مثل الأقليات الدينية والعِرقية ومجتمع الميم».

الطابع الرسمي لقوائم الاعتقالات والاغتيالات

ويوضح المراسلون إن إدارة بايدن صُدِمت أيضًا بمدى إضفاء الطابع الرسمي على القوائم، والتي يبدو أنها تستهدف أيَّ شخص يمكنه تحدي الأجندة الروسية. كما تتبَّع شركاء المخابرات في العيون الخمس (أو Five Eyes، تحالف استخباراتي يضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا) وكالات الاستخبارات الروسية، مثل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي) و«الاستخبارات العسكرية الروسية (جي آر يو)»، وهي تضَع قوائم الأهداف والقتل.

وقال أحد مساعدي الكونجرس، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هذه التحركات تعد نموذجية في العقيدة الروسية، حيث تُستخدَم القوات المسلَّحة للاستيلاء على أهداف عسكرية، بينما تشكِّل القوات الخاصة الصراع ويأتي عملاء المخابرات إلى البلاد للتخلص من عناصر المعارضة.

وأشار المسؤول الأول إلى أن المعارضين من روسيا وبيلاروسيا، حيث دفعت حملة قمع وحشية ضد المعارضة في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2020 كثيرين إلى الفرار إلى أوكرانيا المجاورة، واجهوا تحدياتٍ خاصة عندما اضطروا إلى الفرار من البلاد. وعلى عكس المواطنين الأوكرانيين، فهم يحتاجون إلى تأشيرات للسفر إلى الدول الأخرى في أوروبا.

يقول فراناك فياكوركا، كبير مستشاري زعيمة المعارضة البيلاروسية سفياتلانا تسيخانوسكايا، إن فريقه أصدر مجموعات من التوصيات المحددة للبيلاروسيين الذين يعيشون في أوكرانيا في حالة وقوع هجوم روسي، لكنهم لم يُبلَّغوا بتهديد محدد ضد المعارضين البيلاروسيين.

وكانت روسيا قد حشدت حوالي 150 ألف جندي بالقرب من حدود أوكرانيا، ظاهريًّا لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع القوات العسكرية لديكتاتور بيلاروسيا المجاورة ألكسندر لوكاشينكو. ونفَت روسيا بشدة أن يكون لديها أي خطط لغزو أوكرانيا، واتَّهمت الغرب باختلاق الأزمة.

وقال سفير الولايات المتحدة لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مايكل كاربنتر يوم الجمعة: إن الولايات المتحدة قدَّرت أن روسيا جمعت ما بين 169 ألفًا إلى 190 ألف فرد في أوكرانيا وحولها، في زيادة حادة عما كان عليه الوضع في نهاية يناير (كانون الثاني). وقال كاربنتر إن الولايات المتحدة طلبت من روسيا توضيحًا بشأن «أنشطتها العسكرية الواسعة النطاق وغير العادية»، بما في ذلك الموقع الدقيق للعمليات، وعدد الوحدات العسكرية المشاركة وأنواعها.

حتى في الوقت الذي تثير فيه الولايات المتحدة وأعضاءٌ آخرون في الناتو مخاوف من غزوٍ محتمل، قلل زيلينسكي من أهمية التهديد في الأسابيع الأخيرة، وأصرَّ على أن الغزو غير مرجَّح، وأن واشنطن لا تساعد في نزع فتيل الأزمة، بل تعمل على إذكاء القلق.

صورة مفصَّلة ومُقلِقة للغزو المحتمل

وفي حديثه خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس، رسم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين صورة مفصَّلة ومُقلِقة لما يمكن أن يبدو عليه الغزو الروسي لأوكرانيا، بدءًا من خلق ذريعة زائفة للغزو وعقد الحكومة الروسية لاجتماعاتٍ طارئة لمعالجة الأزمة المصطنعة. وأشار بعض المسؤولين الغربيين إلى مزاعم روسيا الجديدة بأن القوات العسكرية الأوكرانية ترتكب «إبادة جماعية» ضد السكان الناطقين بالروسية في دونباس، باعتبارها الذريعة الكاذبة المحتملة – وهو ادِّعاء يرفضونه باعتباره زائفًا تمامًا.

وقال بلينكين: «بعد ذلك من المقرر أن يبدأ الهجوم. ومن ثم تسقط الصواريخ والقنابل الروسية عبر أوكرانيا. وسيجرى تشويش الاتصالات، وستؤدي الهجمات الإلكترونية إلى إغلاق المؤسسات الأوكرانية الرئيسة». وبعد ذلك، قال إن الدبابات والجنود الروس «سيتقدمون نحو أهداف رئيسة جرى تحديدها بالفعل ورسْمَها في خططٍ مفصَّلة. ونعتقد أن هذه الأهداف تشمل.. عاصمة أوكرانيا، كييف، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة».

وفي خطابه ألمح بلينكن بإيجاز إلى أن المخابرات الأمريكية أشارت إلى أن روسيا ستستهدف المعارضين السياسيين بالاعتقال أو الاغتيال: «والهجمات التقليدية ليست هي كل ما تخطط روسيا لشنِّه على شعب أوكرانيا. إن لدينا معلومات تشير إلى أن روسيا ستستهدف مجموعات محددة من الأوكرانيين».

خطط لنقل المدنيين الى روسيا

وألمح التقرير إلى إعلان الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا يوم الجمعة عن خطط لإجلاء المدنيين إلى روسيا، متَّهمين الحكومة الأوكرانية بالتخطيط لشن هجوم على المنطقة. ونفى وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا نفيًا قاطعًا أن لدى كييف خطط لشن عملية هجومية في المنطقة، واصفًا تلك المزاعم بأنها تضليل روسي.

ويشير الكتاب إلى تقرير نُشِر في وقت سابق من هذا الأسبوع صادر عن مركز أبحاث دفاع بريطاني، هو المعهد الملكي للخدمات المتحدة، والذي زعم استنادًا إلى مقابلات مع عديد من كبار مسؤولي المخابرات الأوكرانية، أن أجهزة الأمن الروسية متغلغلة بصورة موسعة في هياكل الحكومة المحلية الأوكرانية، وبدأت في تحديد شبكات من الأفراد الذين يمكن الاعتماد عليهم لإدارة الحكومات المحلية في حالة حدوث غزو روسي.

وفقًا للتقرير بدأت المديرية التاسعة لجهاز «إف إس بي» سيناريوهات المناورات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع قيادة القوات الروسية المحمولة جوًّا.

وقال التقرير: «قاموا معًا بتحديد السكان المحليين الذين سيكونون داعمين (للغزو)، وبدأوا العمل على قوائم الأهداف التي لن تكون داعمة. وكان القصد من ذلك إقامة روابط القيادة والسيطرة بين الأصول الاستخباراتية والوحدات العسكرية لتأمين البنية التحتية الحيوية والمباني الحكومية، وتحديد مواقع القادة الأوكرانيين الذين سيحشدون المقاومة والقضاء عليهم».

وقال المؤلف المشارك في التقرير جاك واتلينج، وهو باحث في المعهد، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: إن تفاصيل لعبة الحرب الروسية ليست علنية. وأضاف: «إنها مستمدة من مقابلاتنا. غير أن الأشخاص الذين أجرينا معهم المقابلات أوضحوا بالتفصيل كيف يعرفون بشأنها. وقد حصلوا على مبالغ من المال».

إن التحذير لأوكرانيا وحلفاء آخرين بشأن خطة روسيا المحتملة لاستهداف المعارضين السياسيين يتماشى مع قواعد اللعبة الجديدة لواشنطن المتمثلة في رفع السرية بسرعة عن المعلومات الاستخباراتية الحسَّاسة للكشف عن تحركات موسكو قبل القيام بها. وقال مسؤولون أمريكيون ومسؤولون كبار آخرون في حلف شمال الأطلسي في أوروبا مرارًا وتكرارًا: إن قرار الغزو لا يقع إلا على عاتق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويختتم الكتاب تقريرهم بالقول إنه وفقًا لكبار الدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولي المخابرات السابقين، هناك أمل في أنه من خلال الكشف عن تحركات بوتين، قبل أن يقوم بها، وإزالة أي عنصر من عناصر المفاجأة، يمكن أن يساعد ذلك في ردع الغزو.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي