أولمبياد بكين.. هل تنجح الصين في غسيل سمعتها بشأن اضطهاد الإيغور؟

Can China use the Beijing Olympics to ‘sportwash’ its abuses against the Uyghurs? Only if the world remains silent
2022-02-14

صورة تظهر شعار أولمبياد بكين الشتوي 2022 المقرر اقامته من 4 حتى 20 الشهر الحالي (ا ف ب)

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» تقريرًا أعدَّه مايكل كلارك، زميل زائر في معهد العلاقات الأسترالية الصينية بجامعة سيدني التكنولوجية، يستعرض فيه كيفية استغلال الصين أولمبياد بكين بهدف صرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها بكين في إقليم شينجيانج ضد مسلمي الإيغور.

يستهل الكاتب تقريره بالقول: ألقت عِدَّة قضايا بظلالها على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في الأسابيع الأخيرة، بداية من نهج الصين المثير للجدل المُتمثِّل في سياسة «صفر كوفيد» ووصولًا إلى الاحتمالية الوشيكة للغزو الروسي لأوكرانيا.

وهناك قضية ينبغي أن تحظى بمزيد من الاهتمام، وهي ما يُطلق عليه الكاتب وغيره من العلماء «حالة الطوارئ في شينجيانج»، أي الاحتجاز الجماعي لما يتراوح بين مليون ومليوني شخص من الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة التركية في منطقة شينجيانج التي تقع غرب الصين.

ووفقًا للتقرير يرى كثير من المراقبين أن الصين حاولت صرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها بكين في إقليم شينجيانج من خلال اختيار متزلِّج من أصل إيغوري يمارس رياضة التزلج الريفي على الثلج للمشاركة في إضاءة المرجل الأوليمبي خلال مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة قوبلت بانتقاداتٍ من جانب ناشطي حقوق الإنسان، فإن الحكومات والشركات الراعية التزمت الصمت التام إزاء قضية الإيغور منذ بدء دورة الألعاب الأولمبية. وسوف تستمر الآلة الدعائية الصينية، من دون أن تتخذ أي إجراء حقيقي للضغط على بكين، في تحويل دفَّة المساءلة، والترويج بدلًا عن ذلك للرواية الكاذبة التي تدَّعي أن الإيغور يتمتعون «بحياة يسودها السلام، والوئام، والسعادة».

كيف تضطهد الصين الإيغور؟

يضيف التقرير تقديم بعض أبرز العلماء في العالم المهتمين بتاريخ الإيغور وثقافتهم وسياساتهم وهويتهم، في كتاب نُشر مؤخرًا وحرَّره الكاتب بعنوان «حالة الطوارئ في شينجيانج»، فحصًا تفصيليًّا لأسباب عمليات القمع التي تنفذها الصين في شينجيانج وتداعياتها على المدى الطويل.

ومنذ بداية عمليات الاعتقال الجماعي للإيغور في عام 2016، أصبح من الواضح أن الحزب الشيوعي الصيني قد شرع في بذل جهود ممنجهة ومنسَّقة لمحو ثقافة الإيغور وإعادة تشكيلهم حتى يصيروا مواطنين يتمتعون بالمرونة و«الإنتاج» من خلال عملية «إعادة التأهيل».

وبحسب الكاتب فصَلَت السلطات الصينية الأطفال عن آبائهم وأودعتهم في (مؤسسات) الرعاية الحكومية، وخضعت نساء الإيغور لسياسات عدائية لتحديد النسل والاعتداء الجنسي، و«انخرط» المحتجزون في نظام عمل قسري، باعتبار ذلك جزءًا من عملية «إعادة التأهيل». تلك.

كما حظرت بكين استخدام لغة الإيغور وحروفها وإشاراتها، وفرضت قيودًا قانونية جديدة على الممارسات الدينية، وهدمت المساجد وغيرها من المواقع الدينية، واستخدمت الإغراءات المالية لتشجيع الزواج من مجموعة الهان العِرقية المهيمنة في البلاد، واضطهدت النخبة المثقفة من الإيغور. كما نصبت السلطات الصينية أجهزة مراقبة ذات تقنية فائقة في جميع أنحاء إقليم شينجيانج لمراقبة حياة الإيغور اليومية.

هل يتعرض الإيغور لإبادة جماعية؟

ويؤكد الكاتب أن مجموعة من العلماء الذين يعمل معهم خلُصوا إلى أن الإجراءات التي تتخذها الدولة الصينية تتماشى مع محاولة الإبادة الثقافية لمسلمي لإيغور.

وهناك عدد قليل فقط من الحكومات في جميع أنحاء العالم التي وصفت مأساة مسلمي الإيغور بـ«الإبادة الجماعية». وكان البرلمان الفرنسي هو آخر مؤسسة تتخذ هذا الإجراء عشية افتتاح الألعاب الأولمبية، بعد أن سار على خُطى الحكومة الأمريكية، والبرلمانات الكندية، والهولندية، والبريطانية.

ماذا فعل المجتمع الدولي حيال ذلك؟

يجيب الكاتب أنه حتى الآن لطالما أعرب المجتمع الدولي عن «قلقه» البالغ والطنَّان إزاء مسلمي الإيغور، ولكنَّه فشل في اتخاذ إجراءات عملية تتجاوز العقوبات المفروضة على أفراد وكيانات صينية مسؤولة عن تنفيذ عمليات القمع.

وشاركت مجموعة صغيرة من البلدان أيضًا في مقاطعة دبلوماسية لأولمبياد بكين، بيد أنه كان يُنظر إلى هذا الإجراء إلى حدٍ كبيرٍ باعتباره بادرة رمزية. ولم تزل هذه البلدان ترسل فِرَقًا للمنافسة في فعالية أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج أنها ستساعد في تقديم الصين بوصفها دولة تتمتع بالإيجابية، والازدهار، والانفتاح، وتلتزم ببناء مجتمع يمتلك مستقبلًا مشتركًا للبشرية.

وبحسب التقرير لم تنعقد الألعاب الأولمبية، منذ انعقاد أولمبياد برلين عام 1936 في ألمانيا النازية، في خِضمِّ انتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأساسية. وقد وُثِّقَت الإجراءات التي اتَّخذها الحزب الشيوعي الصيني ضد مسلمي الإيغور توثيقًا جيدًا منذ نحو خمس سنوات.

وعلى الرغم من وجود أدلة على مقتل بعض الإيغور في مراكز الاحتجاز، فإن الإبادة الجماعية لا ينطبق تعريفها على القتل الجماعي فقط، وآية ذلك أن الإجراءات التي اتخذها الحزب الشيوعي الصيني في إقليم شينجيانج تستوفي معايير الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

ووفقًا للتقرير تنظر هذه الوثيقة إلى مجموعة من الأعمال التي تشكِّل «إبادة جماعية» إذا كان الغرض منها هو تدمير مجموعة قومية، أو إثنية، أو عِرقية، أو دينية، بما في ذلك:

التسبُّب في إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد المجموعة.

تعمُّد فرض «أحوال معيشية» يُقصَد بها التدمير المادي لمجموعة ما (مثل منع الطعام أو الرعاية الطبية أو المأوى أو الملابس).

فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب.

نقل الأطفال قسرًا (من مجموعة) إلى مجموعة أخرى.

ابتذال أخلاقي أم إجراء حقيقي؟

يرى الكاتب أن فشل المجتمع الدولي في الاستجابة لمحنة الإيغور يعبر عن المصلحة الذاتية للحكومات والشركات والمنظمات ذات الجنسيات المتعددة مثل اللجنة الأولمبية الدولية للاحتفاظ بعلاقات مربحة مع بكين. كما يُظهر هذا الفشل خواء وعود كثير من الحكومات من الالتزام بـ«النظام الذي يستند إلى القواعد».

على سبيل المثال جعلت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريز باين هذا الأمر من أولوياتها عندما ذكرت في يونيو (حزيران) 2020 أن أستراليا تلتزم «بالمعايير التي تدعم حقوق الإنسان العالمية والمساواة بين الجنسين وسيادة القانون». وهذا هو الشعور الذي يشاركه كثير من الدول التي أدانت تصرُّفات الصين في إقليم شينجيانج. ومع ذلك لم يُترجَم هذا الشعور إلى إجراء حقيقي من المرجَّح أن يؤدي إلى زيادة الضغط على بكين.

وفي ختام تقريره يطرح الكاتب سؤالًا: هل تُعد هذه الأبواق التي تنادي بالالتزام بـ«حقوق الإنسان العالمية» أكثر قليلًا من مجرد ابتذال أخلاقي؟ ويجيب: إذا لم يكن الأمر كذلك، فإنه يجب على المجتمع الدولي أن يسأل نفسه عن عدم اتخاذ إجراء أقوى ضد أكبر عملية قمع ممنهج تتعرض له أقلية عِرقية أو دينية في العالم اليوم.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي