وادي غزة من مكب للنفايات إلى محمية طبيعية

أ ف ب - الأمة برس
2022-02-10

 

    صورة التقطت في 9 شباط/فبراير 2022 لجانب من وادي غزة في قطاع غزة  (ا ف ب)

تحوّل وادي غزة على مدار العقود الثلاثة الماضية مكباً للنفايات الصلبة والمياه العادمة، ليصبح أكبر بؤرة تلوث بيئي تسببت بموت آلاف الأشجار ورحيل عشرات أنواع الطيور والحيوانات، وتسعى الأمم المتحدة اليوم إلى جعله محمية طبيعية.

حتى نهاية العالم الماضي، كان يتم تفريغ نحو 16 ألف متر مكعب من المياه العادمة في وادي غزة يوميا، وفق سلطة جودة البيئة في قطاع غزة.

ويمتد وادي غزة من قلب صحراء النقب في جنوب إسرائيل على بعد نحو ثمانين كيلومترا حتى جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة قبل أن تصب مياهه داخل القطاع. ويمتد الوادي داخل قطاع غزة على مسافة تسعة كيلومترات من حدوده الشرقية مع إسرائيل إلى شاطئ البحر غربا.

هذا الأسبوع، شرعت خمس بلديات في قطاع غزة بتنظيف مجرى الوادي تمهيدا لزراعة آلاف الأشجار فيه، وهي المرحلة الأولى من المشروع الذي يتولى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الإشراف على تنفيذه بتكلفة 66 مليون دولار.

  - رحيل -

ويسكن عبد الكريم اللوح (60 عاما) قرب الوادي. ويقول "نعاني من البعوض والحشرات والروائح الكريهة منذ خمسة وثلاثين عاما".

وبدا سعيدا بفكرة تحويل الوادي محمية طبيعية.

ولطالما كان المواطنون المارون عبر الطريق المحاذي للوادي يسدّون أنوفهم بمجرد وصولهم إلى المنطقة تجنبا للروائح الكريهة المنبعثة منه والمتراكمة منذ نحو ثلاثة عقود. وتغمر بقايا تجمعات مياه المجاري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالوادي من جهة البحر.

ويؤكد الخبير البيئي في الجامعة الإسلامية في غزة عبد الفتاح عبد أن الوادي أصبح "مستنقعا ضارا يمتلئ بالحشرات والطفيليات والزواحف وأنواع من البكتيريا".

ويضيف "هناك غياب للرقابة البيئية بعد أن كان محمية طبيعية جميلة في الماضي".

وقبل التفكير بمشروع المحمية، كانت هناك محاولات جدية للحدّ من الأزمة الصحية والبيئية.

فقد تمّ مؤخرا تحويل مياه المجاري والصرف الصحي المتأتية من مخيمات اللاجئين والأحياء القريبة من الوادي، إلى محطة مركزية لمعالجة المياه العادمة أقيمت قرب الحدود مع إسرائيل شرق مخيم البريج في وسط قطاع غزة.

لكن هذه الخطوة لم توقف معاناة مئات العائلات التي تسكن في محيط الوادي والتي اضطر بعضها إلى الرحيل عن المنطقة، كما فعلت الطيور والثدييات. حتى أن الزراعة في المنطقة أصبحت معدومة.

وشكلّت بلديات مخيمي النصيرات والبريج مع مناطق المغراقة والزهراء ووادي غزة مجلسا مشتركا لتطوير خدمات الوادي، وهو الجسم الذي سيتولى تنفيذ المشروع ضمن خطة تستغرق خمس سنوات، على ما يقول منسق المشروع لدى الأمم المتحدة محمد أبو شعبان.

وبحسب أبو شعبان، فإن المشروع "يمثل إنقاذا لوادي غزة ويستهدف كل منطقة الوادي داخل حدود القطاع".

- ثلاث مراحل -

ويقول أبو شعبان إن المشروع "سيحل كل المشاكل البيئية الموجودة في الوادي مثل الصرف الصحي والنفايات الصلبة وتعديات المواطنين على الوادي والمخلفات التي يلقونها".

ويضيف "سيحل أزمة الفيضانات التي عانى منها الوادي على مدار السنين".

وسينفذ المشروع على ثلاث مراحل، أولاها، وفقا لمنسقه، تتناول البنية التحتية الزرقاء التي تركز على المياه ومصادرها ومجرى الوادي.

أما المرحلة الخضراء فتركز على إقامة حزام أخضر وتنوع حيوي ونباتي قبل الانتقال إلى المرحلة الحمراء التي سيتم خلالها توفير فرص عمل للسكان في محيط الوادي وجعله وجهة ثقافية وسياحية.

ويشرح مدير مجلس الخدمات المشتركة لإدارة النفايات الصلبة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة عبد الرحيم أبو القمبز أن الفائدة لن تعود على الوادي فحسب، وإنما سيتوقف صبّ المياه الملوثة في البحر. 

ولطالما حُرم سكان قطاع غزة من الاستجمام على شاطئ البحر المتوسط بشكل طبيعي، إذ كانت كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي تتدفق إليه. 

ويعيش في القطاع 2,3 مليون نسمة وسط حصار جوي وبري وبحري تفرضه إسرائيل منذ العام 2007.

ويأمل رئيس بلدية وادي غزة جبر أبو حجير أن تتم "إعادة منطقة الوادي لطبيعتها الخلابة والسياحية لتصبح منطقة جذب ثقافي ورياضي وسياحي".

في متحف "الباشا" في غزة، يعرض العديد من الأواني الفخارية النادرة التي عثر عليها في محيط الوادي.

وتشير المسؤولة في وزارة السياحة والآثار في غزة هيام البيطار إلى أن الوادي كان في تسعينات القرن الماضي "الأكثر جذبًا للزوار"، مبينة أن ضفاف الوادي "شهدت حضارات مختلفة".

وتضيف "الحفريات الأثرية دلّت على أن مدينة شُيّدت قرب وادي غزة الذي كان يسمّى وادي الحسا في العصر البرونزي".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي