
ترصد صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية في هذا التقرير تأثير بعض القرارات الدولية بشأن الصراع في أوكرانيا، مثل عَزْم الولايات المتحدة على فرض عقوبات على الشخصيات المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإعلان المملكة المتحدة أنها بصدد إعداد تشريع لتعزيز قدرتها على استهداف الأصول الروسية في بريطانيا، وتتساءل الصحيفة البريطانية: هل ستؤدي هذه القرارات إلى ردع الدب الروسي وكبح جماحه عن غزو أوكرانيا أم لا؟
وفي البداية، يُشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات تستهدف الدائرة المقربة من فلاديمير بوتين وعلاقاته بالغرب في ظل سعي واشنطن لتوسيع نطاق قائمة العقوبات المالية التي ستفرضها هي وحلفاؤها الأوروبيون إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، وتأتي هذه الخطوة في وقتٍ تعهدت فيه المملكة المتحدة يوم الاثنين بإعداد تشريع جديد يُعزز قدرة العاصمة البريطانية (لندن) على استهداف الشركات المرتبطة بالكرملين ومالكيها في بريطانيا في حالة حدوث عدوان روسي على أوكرانيا.
قائمة أمريكية بالشخصيات المُعاقَبة
ونقل التقرير تصريح مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية لصحيفة «فاينانشال تايمز» بأنهم قد أعدوا قائمة بأسماء الشخصيات الروسية وأفراد أسرهم الذين ستفرض عليهم الولايات المتحدة، بالتنسيق مع حلفائها، عقوباتٍ في إطار الجهود الدولية الرامية لردع الرئيس الروسي ومعاقبته في حالة شن هجوم ضد أوكرانيا.
ويُضيف المسؤولون الأمريكيون: «الشخصيات المحدَّدة في قائمة العقوبات ضمن الدوائر المقربة للكرملين أو قريبين منه، بالإضافة إلى أنهم يُؤدون أدوارًا مهمة في صنع القرار الحكومي أو أنهم متواطئون، على أقل تقدير، في تصرفات الكرملين المُزعزِعة للاستقرار في المنطقة».
وأوضح التقرير أن المسؤولين في الإدارة الأمريكية لم يذكروا أسماء النخبة الحاكمة الروسية أو أفراد الأسر المحددين في قائمة العقوبات، لكنهم أعلنوا أن كثيرين من هذه الأسماء كانت «أهدافًا شديدة التأثر بسبب علاقاتهم المالية القوية مع الغرب». ولفت مسؤولون بارزون في إدارة بايدن إلى أن: «العقوبات ستحرِم الأسماء الواردة في القائمة من التعامل مع النظام المالي العالمي وتضمن أنهم وأفراد أسرهم لن يكون بمقدورهم التمتع بمزايا إخفاء هذه الأموال لدى أفراد أو مؤسسات أو ادخارها في الغرب أو الالتحاق بجامعات النخبة الغربية».
تشريع بريطاني
يلفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءَها يناقشون منذ أسابيع هذه الإجراءات التي تستهدف النخبة الحاكمة الروسية، بالإضافة إلى فرض عقوبات أوسع نطاقًا ضد قطاعات الاقتصاد الروسي، ومن بينها قطاعات البنوك والطاقة، وفي يوم الاثنين، أعلن مسؤولون بالحكومة البريطانية أنه بموجب التشريع الجديد، ستكون المملكة المتحدة قادرة على التصرف «المتزامن مع الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء لتجميد الأصول الروسية وحظر السفر».
وفي هذا الصدد، صرَّحت ليز تراس، وزيرة الخارجية البريطانية، خلال حديثها في مجلس العموم البريطاني يوم الاثنين، قائلة: «سنكون قادرين على استهداف أي شركة مرتبطة بروسيا، أو تشارك في أعمال ذات أهمية اقتصادية للكرملين، أو تعمل في قطاع ذي أهمية إستراتيجية للدولة الروسية».
ويتابع التقرير بأن مسؤولين بارزين في إدارة بايدن أوضحوا أن الشخصيات المُستهدَفة المحدَّدة في القائمة تشمل عددًا من القادة والمسؤولين الروس، وكبار المسؤولين التنفيذيين أو أعضاء مجالس إدارة الشركات التابعة للدولة، ويُمكن أن تكون هذه الشخصيات مشارِكة في العمل في «أي قطاع من قطاعات الاقتصاد الروسي كما حدَّدته وزارة الخزانة الأمريكية»، وأسماء زوجات وأولاد هذه الشخصيات مدرجة في القائمة كذلك.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن بعض الشخصيات اختِيروا من قائمة سرية تضم شخصيات سياسية بارزة وعددًا من النخبة الحاكمة الروسية أرسلتها وزارة الخزانة إلى الكونجرس الأمريكي في عام 2018، وتُعرف هذه القائمة السرية باسم «القسم 241» من قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، وهو قانون أصدرته الولايات المتحدة في عام 2017، وأضاف هؤلاء المسؤولون في الإدارة الأمريكية: «لن تتمكن الشخصيات المقربة من بوتين بعد الآن من استخدام زوجاتهم أو غيرهم من أفراد عائلاتهم وكلاءً للتهرب من العقوبات».
جميع الخيارات لا تزال مطروحة
يُؤكد التقرير أن الجهود الموازية التي تبذلها المملكة المتحدة والتي تركِّز على النخبة الحاكمة الروسية ستكون ذات أهمية خاصة للولايات المتحدة بالنظر إلى أن لدى عديد من أعضاء النخبة الروسية ممتلكات وعلاقات مالية أخرى في بريطانيا.
وفي السياق ذاته، صرَّح أحد الناطقين باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض لصحيفة «فاينانشال تايمز» قائلًا إن: «أمريكا وبريطانيا يعملان على قدم وساق، بالتنسيق مع الحلفاء والشركاء الآخرين، وعلى استعداد لفرض تكاليف باهظة على روسيا إذا أقدمت على غزو أوكرانيا، وتُدرك روسيا ذلك جيدًا، ونحن نرحب بشراكة المملكة المتحدة القوية في فرض العقوبات الحالية على الأنشطة المغرضة، وفي طور إعداد حزم من الإجراءات الاقتصادية القوية لردع أي عدوان روسي آخر».
وفي الختام، يُنوِّه التقرير إلى أن العقوبات المفروضة على النخبة الروسية الحاكمة لا تمنع واشنطن من فرض عقوبات تستهدف بوتين نفسه بطريقة مباشرة، وقد أعلن بايدن خلال الأسبوع الماضي أن هناك إمكانية لتنفيذ ذلك. ويؤكد مسؤولون أمريكيون بارزون في الإدارة الأمريكية أن «هذه العقوبات لن تكون القائمة الحصرية للتكاليف التي سنفرضها على روسيا، وما زالت جميع الخيارات مطروحة وقيد الدراسة».