قطط مدينة تمبكتو في مالي طريدة الصيادين الصغار

أ ف ب - الأمة برس
2022-01-24

صورة التقطت في 8 كانون الأول/ديسمبر 2021 في تمبكتو (مالي) لمجموعة من الأولاد، وبدا جلد أحد القطط معلّقاً على سلك (ا ف ب)مدينة تمبكتو( مالي) - ينفخ قاضي بن وهاب صدره افتخاراً ويبتسم تباهياً وهو يقف في مدينة تمبكتو في مالي مع عصابته التي تضمّ العشرات من أولاد المدينة، يتولون مطاردة القطط واصطيادها بعد حلول الظلام.
يحافظ قاضي ورفقاؤه وصبيان تمبكتو على هذا التقليد القديم في المدينة، ويتحولون عند هبوط الليل صيادين متمرسين وأقوياء، يمسكون بالقطط وينحرونها ويطبخونها ويأكلونها.

وبعد ذلك، يرمي افراد الفرقة جلد الحيوان المنحور على الأسلاك الكهربائية. ويعتبر سكان تمبكتو أن الجلود المتدلية بالعشرات من الأسلاك تشكّل جزءاً من ديكور مدينتهم.

ويقف قاضي وسط ساحة رملية صغيرة في منطقة ساراكينا ويشير إلى أحد الجلود المعلّقة قائلاً "أنا مَن قتل هذا قبل بضعة أيام". ونصّب قاضي نفسه "أفضل صياد في الحي" وقائد عصابة بحكم الأمر الواقع.

تراوح أعمار الأطفال من حوله بين ستة أعوام واثني عشر عاماً. يذهبون إلى المدرسة أثناء النهار ويتناولون العشاء مع العائلة، وبعد اللقمة الأخيرة، يطلّون برؤوسهم من الباب، فإذا تبيّن لهم أن افراد الفرقة الآخرين موجودون، يتسللون بسرعة إلى خارج المنزل لمدة ساعة أو ساعتين، وتنطلق المطاردة.

وتتوجه الفرقة إلى حي مجاور، إذ أن الأصول تقتضي ألا تقتل العصابة القطط إطلاقاً في حيّها. ويتجول الفريق الضارب في الأزقة الرملية غير المضاءة في المدينة ذات الطابع الصحراوي، والواقعة عند مدخل الصحراء الكبرى قرب نهر النيجر في شمال هذا البلد الذي يمزقه العنف منذ نحو من تسع سنوات.

أما السلاح الرئيسي الذي تستخدمه عصابات صيد القطط في تمبكتو فهو مصيدة مصنوعة من الخشب، بحجم قفص، تحوي لحم ضأن تنبعث منه رائحة مزعجة. يجذب اللحم القطط التي تدخل المصيدة وتنشطها عندما تغرز أنيابها في القطعة المتصلة بقفل فتحة المصيدة بواسطة خيط. ويعتمد صيادو قطط آخرون اسلوب ضرب الحيوانات باستخدام المشاعل والعصي، فيما فضّل البعض طريقة أذكى تتمثل في تدريب الكلاب وتركها تتولى مهمة القبض على القطط.

صورة التقطت في 8 كانون الأول/ديسمبر 2021 في تمبكتو (مالي) لمجموعة من الأولاد يجهزون مصيدة للقطط (ا ف ب)

بمجرد القبض على القط، يتم قتله وسلخه. يربط الأولاد الجلد بخصرهم وينتقلون من منزل إلى منزل في حيّهم وهم يرقصون ويغنون الـ"كونغوتو كونغوتو"، وهو من الطقوس الأساسية في المناسبة. أما البالغون الذين يستقبلونهم، مستمتعين بعرضهم، فيتبرعون لهم بالأواني والتوابل لطهو الطريدة.

- "لا ضغينة" -
ولا يستطيع أيّ من سكان تمبكتو الذين قابلتهم وكالة فرانس برس تحديد التاريخ الذي نشأ فيه هذا التقليد، لكنّ جميعهم يؤكدون أنه من التقاليد الرئيسية لمدينة الـ333 قديساً التي تضم عدداً مماثلاً من المساجد القديمة.

ويروي الشاعر ساني شيرفي في محاولة لتحديد تاريخ لهذا التقليد أن رجلاً من عائلته توفي في منزله بعمر تجاوز الثمانين "بسبب المصيدة التي كان يحتفظ بها" منذ كان صغيراً. لكنّه يضيف "من المؤكد أن هذا التقليد يعود إلى وقت طويل جداً، وكل الناس في تمبكتو" مارسه.

ويذكّر رداً على وصف هذا التقليد بـ"البربري"، بأن "سكان باماكو يأكلون" السحليات الإفريقية الصغيرة أيضاً.

ما مِن شخص في تمبكتو لم يصطد القطط صغيراً. ويقول سالم ولد الحاج، أحد المثقفين المعروفين في المدينة، إنه سبق أن أكل القطط "مثل أي شخص" من تمبكتو.

ويضيف أن المطاردة لا تطال كل القطط، بل فقط تلك "الضارة"، اي تلك الشاردة أو التي هربت من أصحابها. أما القطط الأخرى فتتمتع "بحماية وتغذية جيدتين".

لكنّ ساني شيرفي يلاحظ أن "التقاليد آخذة في التلاشي"، مبدياً أسفه لكون القطط المنزلية أصبحت هي الأخرى أهدافاً للمصطادين. فعبد الله سو، العشريني، وهو من الحي الذي تتحدر منه عصابة قاضي، فقد هرّه بيبو قبل شهرين.

صورة التقطت في 8 كانون الأول/ديسمبر 2021 في تمبكتو (مالي) لقطّ عالق في مصيدة (ا ف ب)

ويلاحظ أن بيبو "لم يكن محظوظاً"، لكنه يتذكر أنه "كان هراً قوياً"، ولذلك يرجّح أن يكون من اصطادوه بذلوا أكثر من محاولة للإمساك به.

يهز كتفيه علامة على عدم الاكتراث مضيفاً "لا مشكلة، ولا ضغينة، فعلى هذا النحو تجري الأمور". ثم يقول1ضاحكاً "فقط ذهبنا لنأخذ قططهم منهم في الحي الآخر!".

وبقدر ما يوفر هذا التقليد الترفيه لأهل المدينة، يشكّل أيضاً طريقة لإثبات المهارة ونوعاً من طقوس التحرر لهؤلاء الشبان الصغار الذين أصبحوا في سن اكتشاف المدينة بمفردهم، على ما يقول من تحدثت إليهم وكالة فرانس برس.

ويرى عبد الله سو، على أي حال، أن الثأر أُخِذ للهرّ بيبو، ويكفي للتأكد من ذلك بالنظر إلى الأعلى، حيث العشرات من القطط التي ربطتها عصابة قاضي بالأسلاك المجاورة خلال الأسابيع الأخيرة. ويعلّق بالآتي "ألم أقل لكم إنه أفضل صياد؟".










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي