سيرة الذئبي

2022-01-20

إليّ .. دون تنويه


اجعلني ذئبا
لي قفصي وهدوء القلب
وأقدام تتقافز في البرية ومخالب
..
ذئبا يعوي في صورته البنية
ويعلق دهشته في الغابة كإطار الغائب
..
اجعلني ورقا حين تهب الريح عليه
تفر إلى أرض ناشفة
تتقصى الحبر وصمت الهارب
..
ما كلّمت النرد
ولم أرم سفني فوق الماء
عويت على صحرائي
فاشتق نزيفي أثرا كان يرافقني
يتبعني سرا مع أصحاب مرتبكين
وليل ذاهب
..
ما كلّمت الحبل
سقيت السفن يباسا آخر
ورميت الغارب
..
في كل عواء أقفله
قافية ساكنة فيّ
في كل براري الخوف عليّ
صمت مقبور في دغل الشهوة
وسرير مكشوف للسرّاقين
ونهار خارب
..
اجعلني ذئبا
سأرى إن كنت كما ترغب أن أبدو
ذئبا يلهث في الجدب
وينشل خفته من نار تذوي وعقارب
..
ذئبا
لا طيف هيولى
يرفعه قوس الشهوات
ولا رِفعة ظل أو صاحب
..
اجعلني في نصف طريقي للغابة ذئبا
لا تتراجع عن ذلك
اجعنلي ذئبا يعوي في الصحراء وفوق الماء
سفينا يتروى بالمنهوبين وأحزان التعساء
يجري في البحر كما الصحراء
ويغني للغابة وطنا مفقود الأبناء
مجنونا بسراب كاذب
..
اجعلني في شغفي محفوفا بالطرد
سأبكي
ولصوتي المبحوح
لصحرائي
للعدم الراقد في أحشائي
للعنّة في هذا الوقت
لغروب يديّ
لعثرة أبنائي
أقرأ أسفار الهذيان الذئبي
ونول النسّاجين نهارات تعتمها
قفلة حراس الليل
وحريق الغاضب
..
ذئبا يتصدق خبز الرعيان وماء الوقع
وطهارة قديس خائب
..
ذئبا يصفن مرتجفا من برد الويل
ويلعق حسرته من نار الذَوْب المُتوله
من شبق الدم اللاهب
..
سأحاول أن أبتز نهار الدمعة
وأطوّقه بالعَدْو
سأنهب هذا القَفر وحيدا
أتوحش
أحمل كفن الشهوة
أمشي بعمائي
أدفنه في صدري
أغرس خنجره المثلوم بكف لا مخلب فيها
لا صبوات
ولا ماء سيرجف في الكفين
ولا تائب
..
اجعلني ذئبا بريا
ذئبا يجتاح فرائسه
ذئبا
صمتا
قبرا
..
اجعلني في غمضة عين مختلفا عني
منسرقا في ثوب مني
فالليل يُطوِّق قاطرتي
وأنا يا غيم التنويه
مضيت إلى سهبي
أجفلني الإيقاع
وخلَاني أتماهى في النص وحيدا مع سري
ووحيدا مع نَظْمي المسكون بنار الدقة
والمعجون خفيفا مع خبز الفقهاء اللغويين
وعواء الناهب
..
لكني حين قفلت نشيدي باللعنات
وقفت على صخرة زمني
وحملت المُعول
كابدت لكي أصل الغابة
أمنحها شغفي بالبر وأصوات الدهماء
مشيت بلا وزن أو خِفة عصفور
وحفرت طريقا لا يسلكها غير المأخوذين
ولا يمنحها أحد أرضا
أو عمرا
أو أشباه ذيول تتدلى من نجم ثاقب
..
ذئبا يعوي
يتلوى في وحشته الذئبية
ذئبا من نزع
وظلام مسكون بالذئبيين
..
ذئبا يمتشق فظاظته جهرا.. سرا
لا فرق
سوى أن يَتنزَل في الكابوس
وأن يشعل نارا حتى يأتيه عتاة التيه
يمدون تَغضّن وجنته جمرا وغوايات
تستعصي في الليل على الليل
يمدون فراسته الذئبية
صورا بالومض تنوء
وأحلام شرود تتقلب في السهو
ومناقب.

 

*شاعر أردني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي