يأسٌ على الطريق.. أملٌ على الرصيف

2021-12-25

عاطف الشاعر

رحلة إلى تيرانو*

لا حلَّ مع البياض

ولا مع بؤس الشمال

السماءُ خزائنُ أكفان

الأفقُ يلفظُ الأنس

والمطرُ يتساقط

مطرٌ خفيف في فضاءٍ بعيد

يعدمُ المنظرُ النظرَ.

يطهو القطارُ بياضاً

ويلتهمُ بياضاً.

يتساقطَ الثلجُ

تتماهى الأرضُ بالسماء

وتلتقيان في العيون نعاساً،

أصحو فيه قليلاً وأغيب

أرنو إلى البيوتِ على السفوح

بياضٌ لا يغازلُ البياض

والشِّعرُ أسود

لا وجهَ يليقُ بالكلام.

أتعبُ ممّا في الطريق

أرى بقراً وقد لَحّفوها

وأشجاراً كساها الثلج

وبُحيراتٍ تجمّدت

وبدَت الحدود حين تلوّى القطارُ

وتلوّى، ولاحت الأشجارُ والبياض على الجانبين،

ووصلنا تيرانو.

إلى السماء وآخرِ المحطّات

خذيني أيّتها الأقدار

سأذوبُ يوماً نجمةً 

وسأتساقطُ يوماً مطراً 

على ما تركتُ.

* مدينة في شمال إيطاليا، على الحدود مع سويسرا

■ ■ ■

رُبَّ أنشودة

منذُّ زمنِ الحروف

والأسماءُ تتألّقُ

لسماءٍ تسطعُ

خلف فجرٍ يتقهقرُ

أنفاساً من الله.

وأودُّ لو تمشي التلّال

ولا تعتريني الشُّبُهات.

شجرٌ يتمدّدُ في الأماني

لثعلبٍ يتسكّعُ في الحلم.

من هنا رأيتُ

إلى هناكَ لم أذهب.

كأنَّ القصيدَ

غير القصيدة.

■ ■ ■

رايات السُّقوف

لم تودّعني النجوم

حين تركتُ أهلي

رأيتُ ما يمسُّ الضوء

وأغضضتُ البصر

رفقاً بالهوى على الطريقِ.

علَّ موتاً رصيناً

يعيدُ عقارب الساعة

لعقاربِ الكون

ويسرحُ النهارُ شهيداً

وتنهضُ الأشجار ماءً

ليتَ العيون ترضى بما ترى

وترتفعُ الرايات على السُّقوف.

ستتواضعُ الأقدارُ

حتماً سَتُهزمُ الطرُق

ليس هناك من عَلٍ لا يسقط

ليس هناكَ من كلامٍ لا يلين.

يأسٌ على الطريق

أملٌ على الرصيف.

بطاقة

شاعر وناقد وأكاديمي فلسطيني، من مواليد عام 1982 في غزّة. انتقل عام 2003 إلى لندن حيث يعمل محاضراً في الدراسات العربية والثقافية بـ"جامعة ويستمينستر". له العديد من الدراسات والكتب باللغة الإنكليزية، منها: "الشعر والسياسة في العالم العربي المعاصر" (2016)، و"خريطة غياب: أنطولوجيا الكتابات الفلسطينية عن النكبة" (2019)، و"الحبُّ والشِّعر في الشرق الأوسط" (2020).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي