عيون المنتحر… وقصائد أخرى

2021-12-18

نور درويش

ظهري طويل

أمي

تقلي عليه

بيضا بعيون

أخي

يكوي عليه

قميصا بازرار

الأصدقاء يعاملونه على أنه مطفئة سجائر،

ظهري طويل

مات عليه جدي قبل عشر سنوات

واُعدم عليه عمي قبل ولادتي بعشرين سنة

أحيانا

يركُن الجيران عليه سياراتهم

و ينظف صاحب عربة الحصان

حصانه و العربة ..

عليه يتبرز أخي الصغير ،

ظهري طويل ..

و شهي

جاهزا ليكون زريبة

أو

مكب نهود يابسة

لا يصلها ضوء صناعي

لأنها بيضاء

٭ ٭ ٭

إلى الشارع ..

إلى كل الشوارع

اأخرج

و أجمع القطط التي

نفخ بطنها الموت ..

التي صار لها أخيرا

الوجه الذي

يُخيفني في النهار

بينما أحدهم

يداعب رأسي ..

بالحليب المخفوق بالنفط

أبللها وألصقها على جدار ..

ألصق

رأسي ومن يبكي فيه

ألصق

كل رأس تراه بأغنية

ألصق

الماكنات مع الأمهات

مع ساعة الفجر الجانبي

ألصق

الهواء برئة الماء

عل

الجميع يختنق ،

ألصق

المهابل بفم النساء

ليحصل

العالم على خمس دقائق اضافية ،

الصق

صوت الشخير

بعيون النائمين

من الداخل

أريد

مزيدا من الأسرة

المرتبة باجسادها

لهذه العائلة المُدورة

من جانب واحد

٭ ٭ ٭

وحدها عيون المنتحر من تبقى بيضاء إلى النهاية

وحدها من تبقى طرية مثل فم مليء بالطعام

و لا تحاول أن تكون تعيسة .

كذلك …

لها فخذين من اللحم !

لم تحتج مرة إلى استخدام

علامة نصر واحدة

تنادي القمر بالقمر دون « سيد

يسمعان موسيقا الرحلات المدرسية

و تُحرر الاقفاص من فئرانها و تأكل الجبنة،

وحدها عيون المنتحر لا تُصاب بنزلة برد

وإن أطلق النار من بين « قوس قزح

من تتبع الريشة إلى آخر الريح و الهدوء

غالبا ما تنجح بأول دروس القفز

بينما صاحبها ينام أو يمرض ،

وحدها عيون المنتحر ما يتبقى من غرفته

تكمل عنه المشاهدة ..

أحيانا تكون التلفاز و المذيع

الهاتف ايضا و الحبيبة المتزوجة

ما تكون المنديل المبلل و الدليل المُحرج على الوحدة ..

انا أعرفهم واحدا واحد ..

أحفظ عيونهم

وطريقة نومهم

نوع أغانيهم

وأين يضعون المسدس

ومتى يطلقون ..

انا خلقتهم ..

انا انجبتهم ..

واحدا على حافة الجسر وانا اصرخ

واحدا في الماء وانا اضحك

واحدا في الغرفة وانا ادخن

واحدا فوق الخزانة وانا عارية ..

انجبتهم .. وكانت عيوني باردة

او .. بيضاء

٭ ٭ ٭

أنا هنا

في البيت

منذ أن ولدت

مضغ

ضوء الغرفة

عيني

والأسنان

و دفاتر الدراسة القديمة

كل رجالي

تحت الاريكة

مع قشور البرتقال ..

انا

هنا

في البيت

منذ ولدت

بجانب كل خزانة منزلية

تطول اصابعي

خمسة ايام من

الخشب

ليصل الملل

إلى ملابس الصيف

ليست مصادفة

كل الوجوه بحجم

حُفاظة بول مفتوحة ،

الكلمات هي ذاتها

من المطبخ

إلى غرفة المعيشة ..

الرحلة ذاتها

و الرُكاب ..

مع

اختلافٍ بسيط بنوع الزمن

الذي

تنتهي به جميع الاغاني

و تبدأ .

انا هنا

في البيت

منذ ان ولدت

انا هنا

البيت

و اقدامي

بداخلي

٭ ٭ ٭

على جبهتي يسكن الرجاء الكاذب

واطنان من العصافير الميتة تسبح في الامعاء

عيني تحمل المكان المخصص للبول المستمر

بين اصابعي تكبر الدموع التي لم اذرفها

وعلى ظهري احمل العالم الذي يطردني

يقيم عليّ المقابر والمزابل

يسير بالقطط والكلاب والبشر

بثقل كلام السكرانين بصدقة يسير

بالصدى المذعور

بخيال الوحيدين

سير رجل محروق شاربه

يسير

باقدامي السائلة يسير عليّ .. يسير .

لم تكن هذه حياتي يوما

اتمنى ان تفهم هذا الضفادع

وتنام .

لم تكن هذه حياتي يوما

ولم اكن انا …

انتفخت عيني وهي تخبرك بذلك

لا احب النهار

الجنائز كل الجنائز تصل عند الصباح

عند نهاية الاغنية الحزينة

انا لااريد لهذا الحزن ان ينتهي

لا اريد النوم العميق تحديدا

انا خارج حزني لا اريد شيء

هذه ارضي .. وارض امي

الهواء الوحيد الصالح لرئتي

هنا اضحك بصدق

و اكذب بصدق

ادير وجهي بصدق

و ارحل بصدق .

شاعرة عراقية







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي