العدد الهائل للسيارات الخاصة ونقص وسائل النقل العام يخنقان نيودلهي

ا ف ب – الأمة برس
2021-11-26

زحمة سير في نيودلهي وسط ضباب ناتج عن تلوّث كثيف (ا ف ب)

نيودلهي: منذ سنوات طويلة، يقضي آشوك كُمار (61 عامًا) ساعات عدة يوميًا في زحمة السير ووسائل النقل العام في نيودلهي ليصل إلى مكان عمله، معرّضًا نفسه لتلوث الهواء القاتل الناتج خصوصا عن غازات عوادم السيارات، الذي يخنق العاصمة الهندية.

والمدينة التي يسكنها نحو 20  مليون شخص على قائمة العواصم الأكثر تلوثًا في العالم.

وتعجز شبكة النقل العام المتنوعة عن تلبية احتياجات العاصمة، تدل على ذلك طوابير الانتظار الطويلة أمام محطات المترو والحافلات المكتظّة وسط زحمات السير الخانقة في أوقات الذروة.

ويتذكّر آشوك كُمار في محطة الحافلات الأساسية في المدينة حيث ينتظر للعودة إلى منزله على أحد أطراف الضاحية الجنوبية لنيودلهي، كيف كان "الهواء نقيًا" عندما وصل الى نيودلهي، و"لم تكن هناك سيّارات أو دراجات نارية على الطرق".

ويقول لوكالة فرانس برس "اليوم، بات الجميع يملك مركبة".

رحلة شاقّة

ويقوم كُمار يوميًا ب"رحلة شاقة" تستغرق أربع ساعات ليذهب ويعود من وإلى مكان عمله في الحافلة وسيارة الأجرة المشتركة ودراجة بخارية.

ويأمل أن تكفيه مدّخراته قريبًا لشراء دراجة سكوتر لكي لا يستخدم وسائل النقل العام مجددًا.

ويقول "قليلون هم القادرون على تضييع الوقت في استخدام وسائل النقل العام".

وازداد عدد السيارات الخاصة ثلاث مرّات في السنوات ال15 الأخيرة  في العاصمة الهندية التي تعجّ بأكثر من 13 مليون مركبة، بحسب أرقام الحكومة.

وتظهر نتائج ذلك طيلة العام. ففي نيودلهي، يقضي الشخص ساعة ونصف في زحمة السير أكثر من الوقت الذي يقضيه الناس في مدن آسيوية كبيرة أخرى، بحسب مجموعة بوسطن الاستشارية.

ويتحول الوضع إلى أزمة صحة عامة في فصل الشتاء عندما تخفّ قوة الرياح ويتشكّل ضباب كثيف وسامّ ويتدفّق مرضى الفشل التنفسي إلى المستشفيات.

حركة سير كثيفة وسط ضباب ناتج عن التلوث في نيودلهي (ا ف ب)

وبحسب مركز العلوم والبيئة في نيودلهي، ساهمت غازات عوادم محركات المركبات في مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر بأكثر من نصف انبعاثات جسيمات "بي ام 2,5" المضرة جدا.

في مطلع القرن، افتتحت نيودلهي نظام مترو تحت الأرض استمرت شبكته في التوسع إلى المدن الصغيرة المجاورة، مع أكثر من 250 محطة اليوم، غير أن المترو مزدحم جدًا لدرجة يُفضّل سكان المدن التنقل في السيارة.

استثمارات ضخمة

ويقول الموظّف سوديب ميشرا (31 عامًا) لوكالة فرانس برس "المترو عملي، لكنني بحاجة أيضا لأستقل دراجة بخارية أو سيارة أجرة مشتركة من المحطة إلى منزلي"، مشيرا الى أن ذلك مكلف جدا. فكان "منطقي أكثر أن أشتري دراجتي لأوفر المال والوقت".

وبات يقوم برحلته اليومية التي تصل إلى 50 كيلومترًا يوميًا على متن دراجة السكوتر المستعملة التي اشتراها.

ويعتبر خبراء أن النقص في وسائل النقل التي تربط المترو بالمناطق السكنية يشكّل مشكلة، خصوصًا بالنسبة للنساء اللواتي يُعرّضن أنفسهن للخطر في وسائل النقل الخاصة والشوارع المظلمة.

وأدّى ازدياد عدد السيارات الخاصة إلى تقليص شبكة الحافلات في نيودلهي، فأُلغي نحو مئة خطّ منذ العام 2009.

وتقلّص عدد باصات شركة نيودلهي للنقل التي تملكها الدولة بنحو 50% في غضون عشر سنوات.

ويشير المحلّل في "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف" سونيل داهيا إلى وجود ارتباط مباشر بين قلة الاستثمار في وسائل النقل العام وتفاقم تلوث الهواء في العاصمة.

وتحاول السلطات العامة بانتظام اعتماد نظام بالمداورة (بحسب أرقام لوحات السيارات) لاستخدام السيارات، أو تكليف شباب مقابل مبالغ مالية الطلب من السائقين عند إشارات المرور وقف تشغيل محرّكات سياراتهم.

ضباب ناتج عن التلوث في نيودلهي (ا ف ب)

وتضمّ المدينة 145 محطة لإعادة شحن السيارات الكهربائية كحدّ أقصى، الأمر الذي لا يشجّع غالبًا على استخدامها.

ويرى داهيا أن استثمارات مكثفة وحدها ستسمح "بنمو كبير لوسائل النقل العام من أجل البدء بتلمس انخفاض مطلق في مستويات تلوث الغلاف الجوي".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي