«المأساة الأفغانيّة» للشاعر الألماني تيودور فونتان «1819/ 1898»

2021-11-16

منصف الوهايبي

خافتا يَسّاقَطَ الثلج ندائف صوف من السماء

يتوقّف فارس أمام جلال أباد

ـ «مَنْ هناك» – « أنا فارس بريطاني،

أحمل رسالة من أفغانستان»

أفغانستان! يقول الكلمة بنبرة جدّ مرهقة

يتجمّع نصف سكّان المدينة حول الفارس

وبإشارة من يده،

ينزله السير روبرت سيل القائد، عن حصانه

يحملونه إلى داخل مرصد الحراسة الحجريّ

ويجلسونه بالقرب من المدفأة

وإذ تدفئه النار، وينعشه الضوء

يتنفّس الصعداء شاكرا، ويقول:

«كنّا ثلاثة عشر ألف رجل

عندما انطلقت قافلتنا إلى كابول

جنودا وقائدا، ونساء وأطفالا

مرتعدي الفرائص، خائري العزم، مخذولين

لقد تشتّت شمل جيشنا كلّه

والأحياء منّا في الخارج، يهيمون على وجوههم ليلا

أمّا أنا فإنّ قدرا ما وهبني النجاة

فكّروا ما إذا كان بإمكانكم إنقاذ بقيّة القافلة»

يتسلّق السير روبرت سور القلعة

يتّبعه الضبّاط والجنود

ويقول السير روبرت: «الثلج يَسّاقط بغزارة

وأولئك الذين يبحثون عنّا، أبدا لن يعثروا علينا

مثل العميان يهيمون، وهم قريبون جدا منا

إذن، لندعهم يعرفون أنّنا هنا

غنّوا لهم أغنية وطنيّة، ومن عندنا

انفخوا في الأبواق، هذا الليل»

بلا كلل نفّذوا

وتتردّد أغنية تلو الأخرى طوال الليل

في البدء، وقبل كلّ شيء، أغانٍ إنكليزيّة بهيجة

فأغانٍ هيلنديّة [من نجاد أسكوتلندا] مأساويّة

نفخوا ليلَ نهار

عاليا قويّا، وحده الحبّ هو من يستطيع أن يسمّي ذلك

نفخوا ـ وقد أقبلت الليلة الثانية

ولا جدوى من النداءات، لا جدوى من السهرـ

«أولئك الذين كان ينبغي أن يسمعوا، لم يعودوا يسمعون

الجيش كلّه أبيد عن بكرة أبيه

ثلاثة عشر ألف رجل عند انطلاق القافلة

شخص واحد فقط عاد من أفغانستان، إلى بلده»

كاتب وشاعر تونسي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي