جفاف

2021-10-24

 صادق الطريحي*

 

لا رملَ في الصّحراء..

إنَّ عظامَ أطرافِ الخيولِ تناثرتْ

كالزّيتِ..

في قارورةِ المتنازعينَ على المياهْ.

لا ماءَ في الصّحراء، نركض خلف سرابهِ

لا ماءَ في الصّحراءِ..

ثمّةَ غيمةٌ مطريّةٌ محقُونةُ الأحشاءِ..

تكبرُ، ثمّ تكبرُ،

ثمّ تسقطُ..

تسقطُ الأمطارُ شَرقيَّ المدينةِ..

فوقَ مِنضَدَةِ التّفاوضِ حولَ تسديدِ القُروضْ.

لا مَصرِفٌ يعطي القُروضَ بلا فوائدَ

قالتِ الأخبارُ:

ثمّةَ صفقةٌ محدودةُ الأرباحِ..

بينَ مَصارِفِ المتعفّفين؛ لأجلِ إنزالِ المَطرْ

لكنّنا لمْ ندفعِ الأقساطَ؛ كي نتشاركَ المطرَ القليلْ.

لا غيمَ من صُنعِ الإلهِ يلوحُ في الأفقِ القريبْ

إنَّ المناخَ يغيّر الأنساقَ..

يُظهرُ خَشيةَ المُتفاوضينَ من المكوثِ بصالةٍ

لا ماءَ فيها..

لا نوافذَ نجدةٍ عندَ انقطاع الاتّصال.

والخيلُ في الصّحراءِ تعرفُ أنّها فقَدتْ قوائمَها..

فلن يأتي البريدْ!

لا رملَ في الصّحراءِ..

إنَّ حُطامَ أكداسِ العَتادِ..

ترسّبتْ

كالمُهلِ يغلي في البطونْ.

لا شمسَ في الصّحراءِ..

إنّ حديدَ أسلحةِ الغزاةِ تفتّتْ

قِطرا..

كأسمالِ المُشاةْ.

لا ماءَ في الصّحراءِ..

إنَّ منابعَ الزّيتِ الغزيرِ..

تسخّنُ الغازاتِ..

تجعلُ خيمةَ الأسلافِ منطادا

وتمنحُنا النّقودْ.

لا مَصرِف يعطي المياهَ بلا فوائدَ..

قالتِ الأنواء:

ثمّةَ موجةٌ عُظمى من الحَرّ الشّديدِ..

ستصعدُ الدّرجاتُ فيها..

والمصارِفُ تُغلقُ الأبوابَ..

تنتظرُ انحسارَ السّافياتْ.

والماءُ يفقدُ ظلَّهُ،

لا ظلَّ في الصّحراءِ..

إنَّ مناضدَ المتحاورينَ تآكلتْ

والخيلُ تعلمُ أنّها فقدتْ ملاذَ رباطِها

والمُسعفونَ تفرّقوا بحثًا عن المطرِ القليلْ.

لا ماءَ في تلكَ المدينةِ..

لا مَصارِفَ تفتحُ الأبوابَ صُبحًا..

لا سدودَ ستخزنُ القَطراتِ سهوًا..

إنَّ أمطارَ البلادِ تناقصتْ

وتكلّستْ

وتحمّضتْ

والظلُّ تذروهُ الرّياحْ.

لا غيمَ في الصّحراءِ..

إنَّ محطّةَ المتنبئينَ تغادرُ الأرقامَ..

إذْ لا شخصَ يعرفُ كم لبثنا في الجفافْ.

 

  • شاعر عراقي

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي