هل تصبح تركيا قوة عظمى؟

2021-10-18

يمتلك الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" رؤية ضخمة لأكبر مدينة في بلاده، تشمل بناء قناة ضخمة جديدة عبر إسطنبول. وإسطنبول هي موطن مضيق البوسفور، الذي تم خوض حروب عديدة حول تقسيمه بين أوروبا وآسيا على مر التاريخ. ومع ذلك، فإن خطط "أردوغان" تثير احتمالية إعادة صياغة الخارطة الجيوستراتيجية للبحر الأسود قريبا.

ولطالما طرح "أردوغان" فكرة إنشاء "قناة إسطنبول" لأعوام عديدة، وأطلق عليها لقب "المشروع المجنون". وفي أواخر يونيو/حزيران 2021، أقام حفل وضع حجر الأساس للمشروع، الذي تقدر تكلفته بما لا يقل عن 15 مليار دولار.

ويهدف المشروع ظاهريا إلى التخفيف من التأخير في الشحن عبر مضيق البوسفور وتوفير دفعة تشتد الحاجة إليها للاقتصاد التركي في هذه العملية. ولطالما اتهم منتقدو "أردوغان" وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، باستخدام مشاريع البنية التحتية الحكومية لإثراء الحلفاء والداعمين. ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك كبيرة حول جدوى القناة، حيث أشار العديد من المراقبين المتابعين للتطورات التركية إلى العقبات الرئيسية في تأمين التمويل والظروف الاقتصادية المتدهورة لأنقرة.

ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى القناة على أنها مشروع محلي في المقام الأول، بل هي مشروع ذو أهمية جيوسياسية بعيدة. وهو يمثل ذروة محاولات "أردوغان" لإعادة رسم ميزان القوى في البحر الأسود من خلال جهوده المستمرة لتأسيس أنقرة كقوة ناشطة.

وفي الأعوام الأخيرة، أعادت سياسة "أردوغان" الخارجية تشكيل المنطقة. ولقد تدخل في سوريا، وأقام بشكل فعال منطقة عازلة في شمالها. ولقد اقتحم الوضع الراهن في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث وقع أولا اتفاقية مثيرة للجدل مع حلفائه الليبيين لإعادة رسم الحدود البحرية للمنطقة، كما دعا إلى التقسيم الرسمي لقبرص، وكلاهما يمثل انعكاسا لمواقف تركيا القديمة.

ووسع "أردوغان" نفوذ أنقرة في أذربيجان، من خلال دعمها الحاسم في حرب 2020، حتى مع بقاء بقية أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي على الحياد. وكذلك لم يتردد "أردوغان" في بيع المعدات العسكرية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، عبر البحر الأسود إلى أوكرانيا.

 وتعد تركيا قوة صاعدة في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط ​​وأوروبا وأوراسيا. ويعد التحكم في الوصول إلى التقاطع بين هذه المناطق في البحر الأسود أمرا مهما بشكل خاص إذا كانت تركيا تريد الانتقال من قوة متعددة الأقاليم إلى قوة عظمى حقيقية.

قناة إلى القوة

وكانت منطقة البحر الأسود موطنا لكل من الحروب الأوروبية في القرن الـ21، حيث غزت روسيا جورجيا عام 2008 وغزا الكرملين أوكرانيا عام 2014، وضم شبه جزيرة القرم، مع استمرار الأعمال العدائية في دونباس.

ببساطة، لا يزال التحكم في الوصول من وإلى البحر الأسود يمثل خط صدع جيوسياسي رئيسيا. وتاريخيا، كان مضيق البوسفور وإسطنبول موقعا للعديد من التحولات التاريخية العظيمة في السلطة، من تحول الإمبراطورية الرومانية إلى سيطرة العثمانيين على القسطنطينية عام 1453.

ومع ذلك، لم تواجه تركيا تهديدا خطيرا على سيطرتها على المضائق منذ أن دفعت التوترات مع الاتحاد السوفييتي أنقرة للانضمام إلى حلف الناتو عام 1952. لذلك لا ينبغي أن يكون مفاجئا أن العوامل الجيوسياسية لعبت دورا رئيسيا، وربما حاسما، في مناورة القناة من "أردوغان".

ويعتمد مدى استعداد "أردوغان" للمخاطرة بهذا الاستقرار من خلال إعلان أن القناة لن تخضع لاتفاقية مونترو، ومعاهدة 1936 بشأن الوصول إلى مضيق البوسفور وبحر مرمرة والدردنيل، بالرغم من أن القناة ستحل محل السابقة فقط.

ومكنت الاتفاقية أنقرة من إعادة تسليح المنطقة، على عكس ما جاء في معاهدة لوزان، مقابل وعد شامل بالمرور الحر للسفن التجارية وكذلك معظم السفن الحربية. بعبارة أخرى، الاتفاقية هي التي تمكن "الناتو" من إرسال سفنه للدفاع عن مصالحه في البحر الأسود، أو على الأقل الإشارة إلى نيته القيام بذلك.

المصدر الخليج الجديد







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي