المساء الأخير

2021-10-03

 

نورالدين الطريسي*

 

وقعوا هدنة في المساء الأخير

وقعوا هدنة في الوداع الأخير

ثم انصرفوا ..

وعناوينهم تركوها هناك

يلمع ضوؤها من بعيد السفر

تخبر عن صعاليك مروا

شهابا من النار في زهرهم

وأنا كنت أرصد قلب الرياح المضيئة عينها

في المساء الأخير

الشموس تراود كوكبها عن نفسه

والنخيل يراود نخلته المائلة

غجر يركبون قطارا يعج بنحل الضجيج

في المساء الأخير

يكبر عشب وردتنا النابت

من نوافذ مفتوحة

لزوار يعدون سهرتنا لمصائدنا

يسقط النخل من وردة يابسة

يرتدي معطفا لامعا من خصوماتهم

تتناثر من ضوئها قصص

ستسافر بعد قليل وتتركني

مثل كل اليتامى بلا ملجأ

ستسافر ثم ستحرمني

من مرارة أيامها المزهرة

في المساء الأخير

الحقيبة تضحك تسقط من سفر حائر

والحمامة تخجل من نفسها

تندم من صداقة نيرانها

تنزع شوكة غادرة

وتنوح على غصن أعدائها

حمامة الأدغال في واحاتها

تشردت، تنمرت، وتستعير جلدها

في المساء الأخير..

تستيقظ عصفورة

تتعثر في ثوب أحبابها

شجر يستحم بقلب أليف

ويفارق شطآنه مجبرا

نخلة ترتوي من دماء محبيها

ترقص فوق جرح قديم

سهرة لافتراق الشجيرات عن بعضها

نهر يقتفي ثمرا.. ثمر يقتفي نهرا

قمر يستظل بنار فتوته

ليلة تحتسي كأس أحزانها

في المساء الأخير

وقعوا هدنة

وقعوا هدنة في الوداع الأخير

ثم انصرفوا.. بحقائب مفتوحة للرياح

 

  • شاعر مغربي

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي